الصوم عبادة روحية وبدنية ونفسية، وفي الصوم فوائد كثيرة من الناحية الصحية التي نحن بصدد تعدادها عبر هذا التحقيق، فها هو د. محمد موافي (استشاري الميكروبيولجي والمناعة ومدير المختبر بمستشفى الحمادي بالرياض)، يؤكد أن الجهاز الهضمي للإنسان في حاجة إلى راحة.. فالصيام عن الطعام والشراب يريح المعدة والأمعاء والكبد وباقي أعضاء الجهاز الهضمي.
ويشير د. فواز الحوزاني (أخصائي أمراض الباطنية في مستشفى الحمادي) إلى أن للصوم فوائد كثيرة تنعكس على صحة الإنسان، كما يؤكد د. عابد إبراهيم أبو المكارم (إستشاري الباثولوجيا الإكلينيكية وأمراض الدم، وعضو الجمعية المصرية للمناعة) بأن الصوم علاج لبعض الأمراض وحتى بعض الحيوانات عندما تمرض فإنها تصوم لبعض الوقت حتى تتعافى، ويلخص لنا الأطباء الثلاثة فوائد الصوم الصحية عبر مداخلاتهم التالية:
في البداية يقول د. محمد موافي عن علاقة الصيام بالصحة: نصوم شهر رمضان تلبية لأمر الله عز وجل.. وفي تلبيتنا لأمر الله بالصيام فوائد وبركات كثيرة.. ونحن هنا بصدد النظر في الفوائد الصحية للصيام.
كما أننا نحتاج إلى فترة نوم لنريح أجسامنا من عناء العمل فإن الجهاز الهضمي للإنسان في حاجة إلى راحة.. فالصيام عن الطعام والشراب يريح المعدة والأمعاء والكبد وباقي أعضاء الجهاز الهضمي.
فإراحة الكبد عن قيامه بعمليات هضم الغذاء تدعه يتفرغ لعملية تنقية الدم من المواد الضارة به الناتجة عن عمل خلايا الجسم المستمرة وبالتالي يستفيد أعضاء الجسم الأخرى من الدم النقي ومثال على ذلك ما يشعر به الصائم من نضارة جلده ونقاء بشرته.
وللعلم فإن جسم الإنسان يستطيع أن يعوض نسبة الجلوكوز بالدم في أول 12-24 ساعة من الصيام عن طريق تحرير الجلوكوز الكامن في الكبد وهكذا لا تتغير نسبة الجلوكوز في الجسم إلا بنسبة ضئيلة، بالإضافة إلى أن الصيام يساعد على حرق بعض الدهون الزائدة في الجسم مما يؤدي إلى نقص معتدل في الوزن وزيادة النشاط أثناء الشهر الكريم وذلك في حالة اتباع السنة بعد الإفطار وعدم تناول الغذاء الزائد عن الحلد كما يساعد الصيام على إزالة المواد الضارة بالجسم من خلال القولون والكليتين والجد والجيوب الأنفية وبالتالي نلاحظ أثناء شهر الصوم زيادة إفرازات الجسم (وخاصة المخاط) والتي تعمل على إزالة هذه المواد الضارة الناتجة عن نشاط الخلايا الحيوية.
ويضيف د. موافي موضحاً: الصيام يساعد على تقوية الجهاز المناعي من خلال زيادة عدد ونشاط خلايا الدم البيضاء المختلفة وتكوين الأجسام المضادة بالإضافة إلى تحسن وظيفة الخلايا الليمفاوية بمعدل عشرة أضعاف، كما أثبتت بعض الدراسات أن للصيام فائدة في تنقية الجسم من الخلايا الورمية من خلال إيقافه لعمليات الانقسامات لهذه الخلايا وزيادة نسبة موتها.
كما أن الشهر الكريم فرصة لتنظيم سلوكياتنا الغذائية بمعنى في حالة اتباعنا للسنة الكريمة فإننا نبتعد عن عادة الأكل بين الوجبات وعادة الأكل المستمر ويصبح تناولنا للوجبات منتظماً مما يعين الجهاز الهضمي على آداء وظيفته بأكمل وجه.
ومن فوائد الصيام أيضاً أثره على ضغط الدم حيث يؤدي إلى انخفاض ضغط دم الصائم بقدر يحتمله الإنسان الطبيعي ويستفيد منه من يعاني من ارتفاع ضغط الدم وذلك بسبب الجفاف المؤقت الذي ينتج عن عدم تناول السوائل وانخفاض نسبة الكوليسترول في الدم وعدم ترسبها على جدران الشرايين.
ويعتبر الصيام طريقة علاج طبيعية لبعض الأمراض مثل أمراض القلب والتهاب المفاصل والربو وإلتهاب المرارة والقولون العصبي.
ويقدم لنا د. محمد موافي عدداً من النصائح المتعلقة بنوعيات الأكل التي ينبغي علينا تناولها بعد فترة الصيام، فينصح بإتباع السنة الشريفة في الإفطار على تمر وماء ثم القيام بصلاة المغرب لإعطاء الجهاز الهضمي فرصة للتجهيز وإستقبال وجبة الإفطار، وينصح أن تكون وجبة الإفطار خفيفة وتحتوي على الأنواع المختلفة من الأطعمة (بروتينات - سكريات - نشويات ومنتجات ألبان) ولكن بكميات معتدلة كما ينبغي تناول كميات كبيرة من السوائل لتعويض ما فقد من مياه أثناء فترة الصوم، كما ينصح بعدم تناول الأطعمة المقلية والدهنية والتي تسبب سوء الهضم اما وجبة السحور فمن الأفضل أن تكون خفيفة بالإضافة إلي كثير من السوائل.. وأخيراً صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال «صوموا تصحوا».
فوائد كثيرة للصوم
ومن جانبه يتحدث د. فواز الحوزاني عن الصوم وصحة الإنسان قائلاً: للصوم فوائد كثيرة تنعكس على صحة الإنسان من الناحية النفسية والبدنية والصوم يرقى بالإنسان إلى السمو الروحي ويجعله ذا بصيرة نافذة ويطهر النفس من الآثام.
«صوموا تصحوا» قالها نبينا عليه الصلاة والسلام منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، وفي كل يوم يكتشف العلم والطب أموراً صحية نفسية وجسدية تنتج عن الصوم.
فمن الناحية النفسية فإن الصوم يعالج الكثير من الإضطرابات النفسية والعاطفية من قلق واكتئاب وأرق ويزيد في تقوية إرادة الصائم وحبه للخير والحياة والناس وتبعده عن الميول العدوانية وحب الشر والإضرار بالآخرين، كما أن الصوم يساعد على التركيز وإدراك الأمور بشكل أكثر عمقاً ووعياً ويساعد على استنباط أفكار جديدة، وللصوم قدرة على الوصول بالإنسان إلى حالة من الكمال النفسي والروحي تزول معها مشاعرالحاجة إلى لذة الطعام والشراب، كما أنه باعث على تكوين شخصية متماسكة قوية تملؤها المحبة والألفة والرحمة وتختفي منها مشاعرالخوف والقلق وينصرف الإنسان الصائم عن الملذات الدنيوية والنزوات المنبعثة من النفس الأمارة بالسوء.
وأما الفوائد الجسدية للصوم فتتمثل كما يقول د. الحوزاني في عملية الهضم التي يحدثها الصوم حيث يتخلص الإنسان من الأنسجة القديمة الهرمة والزائدة عن حاجته ويقوم ببناء خلايا جديدة فتية من خلال تناول الطعام بعد فترة الصيام التي قد تكون حوالي 14 ساعة متوالية مما يسبب الجوع الذي يقوم بهدم الخلايا الهرمة القديمة وهذه ما تلبث أن تتجدد عندما يعود الإنسان إلى تناول الطعام.
وبهذه الآلية يكون للصوم فوائد كثيرة تدخل كل خلية وذرة في جسم الإنسان الصائم ويكون للصوم فائدة عظيمة في الوقاية من كثير من الأمراض التي يصاب بها الإنسان، ومن أهمها:
1- المرض السكري حيث يتم خفض نسبة سكر الدم إلى الحد الأدنى وتأخذ البنكرياس قسطاً من الراحة خلال النهار مما يحسن وظيفتها بعد الإفطار.
2- البدانة، حيث أن الصوم له دور كبير في إزالة الأنسجة الدهنية الفائضة في الجسم والتي تسبب الترهل والبدانة وهذا يحدث إذا كان الصائم معتدلاً في تناول وجبة الإفطار ولم يسرف فيها.
3- الوقاية من جلطة المخ والقلب وذلك لأن الصوم يخفض نسبة الدهون والكليسترول وهي المسؤولة في حالات كثيرة من الجلطة وتصلب الشرايين.
4- الوقاية من مرض النقرس أو ما يسمى داء الملوك، حيث يقوم الصائم بإنقاص كمية اللحوم والبقوليات المتناولة وبالتالي ينقص حمض اليوريك في الدم، وهو المسؤول عن مرض النقرس بتوضعه في الأنسجة والمفاصل.
5- الوقاية من تشكل الخلايا الورمية بفضل عملية الهدم والبناء التي يحدثها الصوم.
6- الوقاية من الحصوات الكلوية.
إذاً فإن للصوم حكمة بالغة لا يدركها إلا ذو عقل، يحاول جاهداً اغتنام هذه الفرصة الإلهية بإتباعه هذه الفريضة وتحقيق مفهوم الصوم الحقيقي حتى ينعكس عليه صحة نفسية وروحية وجسدية تجدد العلاقة مع ربه وتجدد إيمانه ويقينه.
دراسة الصوم
ويقول د. عابد أبو المكارم عن فوائد الصوم: في العقود الأخيرة اهتم العلماء بدراسة الصوم واتخاذه وسيلة لعلاج بعض الحالات المرضية ودرسوا أنواعه في كافة الديانات وعند مختلف الشعوب ووجدوا بالدراسة أن أنسب أنواع الصيام وأفضلها هوالصيام لفترة من 12-14 ساعة في الوقت من قبل شروق الشمس بساعة وحتى غروب الشمس ولفترات تتراوح بين 25-30 يوماً وسبحان الله العظيم، إن العلماء المسلمين وغير المسلمين يجرون الأبحاث والدراسات يصلون إلى أن الصيام لمدة شهر من الفجر حتى المغرب هو أنسب أنواع الصيام وأكثر فائدة للإنسان وهو ما نقوم به في رمضان بأمر من الله عز وجل فصيام رمضان فريضة وهو من أركان الإسلام الخمس.
ويضيف د. أبو المكارم قائلاً.. في وقت الصيام يقوم الجسم بحرق مخازن السكر في الكبد وعندما تنفذ يبدأ في استخدام الدهون كمصدر للطاقة وفي هذه الحالة تخرج السموم المتجمعة في الدهون من الجسم بالإضافة إلى أنها تقل أكثر بالإقلال من الطعام في فترة الصيام ولذلك ومع مرور الأيام حتى نصل إلى نهاية رمضان تكون أغلب السموم المختزنة بالجسم قد تم التخلص منها كما أن نسبة الدهون وخاصة الضار منها تقل في الدم وذلك تقل لزوجته ويمكنه نقل الأوكسجين للأنسجة بطريقة أفضل ويحسن من حركة كرات الدم البيضاء حتى تصل إلى أماكن الإلتهاب وبذلك تتحسن المناعة الموضعية.
وبذلك نصل الى أن فوائد الصيام الصحية متعددة ومنها تحسين الحالة المناعية للجسم وتحسين نمو الخلايا بتحسين توصيل الأوكسجين لها وبالتخلص من السموم المتراكمة في الجسم.كما أن بعض المرضى الذين يشكون من بعض الأعراض كالألم وغيرها يحسون بتحسن واضح أثناء صومهم، وقد أتضح بالدراسة العلمية أن الصوم يفيد في علاج حالات ارتفاع ضغط الدم والحساسية والتهاب المفاصل وبعض الأمراض النفسية والسمنة وارتفاع نسبة الدهون الضارة بالدم وغيرها.
|