* أجرى اللقاء: مطلق المطلق:
خالد بن عبدالرحمن الجريسي: رئيس مؤسسة بيت الرياض ونجل رجل الاعمال عبدالرحمن الجريسي.. التقيناه في هذه السانحة باعتباره من الشباب السعودي الذي يقود احدى المؤسسات العريقة والمعروفة بمهارة واقتدار، وباعتباره احد الوجوه المعروفة في مجال العمل العام خصوصا الرياضي حيث ذاع صيته كواحد من الفرسان المرموقين في رياضة الفروسية
* دعني أسألك في البداية عن سيرتك الذاتية باختصار؟
خالد بن عبدالرحمن بن علي الجريسي، من مواليد الرياض بتاريخ 15/8/1384ه الموافق 20/12/1964م متأهل، ولي ستة من الأولاد، حاصل على درجة الدكتوراه في فلسفة التسويق عام 1424ه 2003م، التحقت بالعمل في مجموعة الجريسي موظفا صغيرا في مؤسسة بيت الرياض في غرة شهر اغسطس من 1985م، وقد عمد الوالد حفظه الله عند بداية انضامي للعمل على ان اتقلب في كافة الوظائف الدنيا حتى اتعرف على طبيعة هذه الاعمال واكتشف أسرارها حيث أنها تشكل معظم وظائف المؤسسة. بعد ذلك بدأت أتدرج في السلم الوظيفي وانتقل بين مختلف الإدارات حتى أصبحت لدي صورة متكاملة عن طبيعة عمل المؤسسة. وعلى الرغم من الخبرة الطويلة نسبيا إلا أن قرار تعييني رئيسا للمؤسسة اعتبارا من 1/7/1993م كان له وقع كبير في نفسي فقد كنت مدركا لكبر حجم المسؤلية وصعوبة التحدي ولكني قبلت هذا التحدي وأنا أعيشه في كل لحظة منذ ذلك الوقت.
* هل تعتقد بأنك كنت ستصل لما وصلت اليه الآن لو لم تكن ابن رجل الاعمال عبدالرحمن الجريسي.؟
لا اعلم كيف سيكون الحال حينذاك، ولكن مما لا شك فيه أن للوالد دوراً في ممارستي للتجارة، خصوصا إذا أخذنا بالاعتبار الخبرة والمهارة وحسن التعامل، فهذه امور نهلتها شخصياً من معين الوالد فهو معلمي الأول وقدوتي في العمل وأنا أدين له بكل فضل في ذلك بعد الله سبحانه وتعالى.
3 هل تؤمن بأن يسير الابن على خطى ابيه في التجارة؟ وهل ورثت حب التجارة عن والدك.. ولماذا لم تسلك طريقاً آخر؟
جواب هذا السؤال يتوقف حسب حال الابن وميوله الخاص، ولا أخفيك سرا اذا قلت لك بأنني حين كنت يافعا رأودتني أمنية أن أصبح طياراً حربياً، وكانت امنية شديدة لا تزال ترادوني حتى اليوم، إلا أن رغبة الوالد في أن أكون معه في العمل حالت دون تحقيق تلك الأمنية، وها أنا والحمد لله أتبوأ مكانة مرموقة في العمل التجاري.
4 علمنا بأنك حصلت مؤخرا على الدكتوراه في إدارة الأعمال (فلسفة التسويق) وسبق ذلك بأن قمت بتأليف عدة كتب في مجال آخر (كتب أدبية) بالإضافة الى أنك من أبرز الفرسان في المملكة العربية السعودية.. كل هذه التخصصات والهوايات تدعنا نتساءل كيف يتسنى لك الوقت لإدارة مؤسسة تجارية ضخمة بصفتك الرئيس التنفيذي لمؤسسة بيت الرياض؟
تشغل إدارة اعمال المؤسسة حيزا كبيرا من اهتماماتي ووقتي، إلا أن هناك أوقات ما بعدالعمل التي يمارس فيها الإنسان هواياته، فمن الناس من يضيع ذلك الوقت في الاسترخاء أمام شاشة التلفاز، ومنهم من يقضيه في الطلعات والنزهات مع أصدقائه، ومنهم من يقضيه في القراءة والبحث، والاطلاع، وأنا من هذا الصنف الأخير من الناس، أمارس هواياتي في أوقات فراغي وفيها أجد راحتي.
اتهام قد يكون صحيحاً
* يتهم البعض أبناء رجال الأعمال بأنهم يديرون مؤسساتهم شكليا أي بالمسمى الوظيفي فقط في ظل وجود والدهم ومستشاريه.. هل تخشى أن تتهم بذلك؟
قد يكون هذا صحيحاً في بعض المنشآت وخصوصا المحدودة منها، اما في شركة كبرى كمجموعة الجريسي فلا يمكن ان نتصور هذا الأمر، ذلك انها عبارة عن مؤسسات وشركات متنوعة والشيخ عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس الإدارة قد أسند إدارة هذه الشركات الى اشخاص مؤهلين ومنهم بعض أبنائه، وليس لدى الوالد اي استعداد أن يعين احدا من أبنائه في مناصب صورية، فسياسته تركز على أن المنصب لمن يستحقه بجدارة، بعيدا عن المجاملات.
* مضى على انضمامك إلى مؤسسة بيت الرياض التي يملكها والدكم عشرون عاماً منها عشرة أعوام في منصب الرئيس التنفيذي للمؤسسة، ما هي أبرز التطورات التي شهدتها المؤسسة تحت قيادتكم؟
كان بيت الرياض في العقد الماضي مسرحا للعديد من عمليات التغيير الإستراتيجية التي أدت إلى تطوير أدائها بشكل كبير، فقد كانت المؤسسة الرائدة في حقلها في الحصول على شهادة الآيزو وهي الآن تقوم بتنفيذ مشروع انظمة المعلومات المركزية الذي يعتبر الاضخم والأكثر تقدما بين المشاريع المطبقة في شركات القطاع الخاص، وقد سبق ذلك قيام بيت الرياض بتغييرات ادارية جذرية حيث قامت بدمج المنطقة الشمالية بالمنطقة الوسطى وكذلك قامت بعمليات دمج وتوحيد للإدارات المركزية، إضافة للعديد من التغييرات التي أحدثتها في محفظة منتجاتها، خاصة دخولها بقوة إلى سوق الحاسب الآلي، وكذلك فوزها بعقد تأثيث مبني الإدارة العامة لشركة سابك وكان بقيمة أربعين مليون ريال وهو أكبر عقد تأثيث توقعه المؤسسة في تاريخها الطويل، وقد حازت المؤسسة على خطاب شكر من أمين عام شركة سابك على الجودة وكفاءة الإنجاز.
* نود أن نتعرف أكثر على مؤسسة بيت الرياض وعلى الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تقوم به كمؤسسة سعودية عريقة أسسها والدكم الشيخ عبدالرحمن الجريسي رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية؟
قبل 45 عاما قام الوالد بتأسيس (بيت الرياض) وأخذ على عاتقه ان تقوم بدور فعال في مواكبة النهضة الاقتصادية التي بدأت تشهدها المملكة منذ ذلك الحين، وقد تطورت المؤسسة وتوسعت بحيث انبثق عنها مجموعة من المصانع الوطنية والمؤسسات التجارية التي لعبت دورا رئيسيا في دفع عجلة الاقتصاد السعودي.
من ناحية أخرى لم تغفل المؤسسة واجباتها الاجتماعية حيث تشارك في رعاية العديد من الأنشطة الاجتماعية التي يقوم بها القطاعان الأهلي والحكومي، هذا بالإضافة الى نشاطاتها المتميزة في مجال السعودة وكذلك نشاطاتها العديدة التي تنفذها من خلال مركز الشيخ عبدالرحمن الجريسي الثقافي.
* عند إنهاء وكالة آبل للكمبيوتر توقع الكثيرون ان ينتج عن ذلك تأثير كبير على اعمال مجموعة الجريسي في السوق فما رأيكم؟
توقع في غير محله، ذلك ان الاستراتيجية العامة لمجموعة الجريسي قائمة على تقديم خدمات وحلول متقدمة تحقق رضاء العملاء، وهذا المبدأ وفر لنا درجة من المرونة العالية عند التعامل مع الوكالات التجارية بحيث اصبحت خدمة العملاء هي المقياس الذي على أساسه يتقرر استمرارية وكالة ما أو التخلي عنها، وتطبيقا لهذا المبدأ قمنا بالتوقف عن التعامل مع وكالة أبل وفي الوقت نفسه قمنا بتأسيس شراكات جديدة مع شركات كبرى مثل IBM وSISCO وقبلهما كانت شراكتنا لكل من COMPAQ وHP.
* خلال حوار معك في إحدى المطبوعات استشهدت بقول سيدنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ما أكثر الأصحاب حين تعدهم.. ولكنهم في النائبات قليل.. إذن كنت تؤكد بأنه لا يوجد صداقة خالية من المصالح.. فهل لا زلت عند هذا القول؟
أنا لا أنفي وجود صداقات خالية من المصالح وما استشهدت به من كلام الإمام علي رضي الله عنه إشارة إلى ندرة تلك الصداقات، وإلا فهي والحمد لله موجودة ولا خير في العيش في هذه الحياة بدونها، وصدق الشافعي رحمه الله حيث يقول:
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديق صدوق صادق الوعد منصفاً
* هل سلوك منحى التجارة يجعل من رجل الأعمال إنساناً يشك بكل من هو حوله ويعتبر ابتسامة الآخرين له مجاملة وأي تعامل بينه وبين الآخرين يعتبر مصلحة لا يخرج عن نطاق أو مسمى «الصفقة».
هذا القول ليس صحيحاً على إطلاقه، بل الذي أعتقده وأكاد أجزم به ان القيادي الناجح هو الذي يستطيع ان يكسب ولاء العاملين معه وبالتالي تصبح ابتساماتهم له صادقة ومخلصة بعيداً عن التملق والمجاملة.
خطة طموحة للسعودة
* كيف تقيمون أداء الشباب السعودي العامل معكم في مؤسسة بيت الرياض؟
تطبق المؤسّسة خطة طموحة لسعودة الوظائف منذ مدة طويلة، ونتيجة لتجربتنا الطويلة نسبياً في هذا المجال فقد تشكلت لدينا قناعات راسخة بان الشباب السعودي قادر على العطاء إذا توفرت له الظروف المناسبة، فالمؤسسة اليوم تفخر بكون العديد من قياداتها من الشباب السعودي الواعد، وهناك تواجد جيد للموظفين السعوديين في المستويات الإدارية الأخرى وقد أثبت العديد منهم قدرة مميزة على العطاء والإنجاز.
* هل لنا ان ندخل قليلاً إلى موضوع هوايتكم المحببة «الفروسية» وتحدثنا عن الظروف التي جعلتك فارساً مميزاً يحصد الجوائز كما حدث في العام الماضي عندما حصلتم على البطولة الدولية التي أقيمت في الرياض وأيضا حصولكم على المركز الثاني في البطولة التي أقيمت مؤخراً في الاسكندرية بالإضافة إلى المشاركات الأخرى؟
لقد لمست في نفسي ميلاً شديداً نحو الفروسية وتعلقت نفسي بها منذ نعومة أظفاري، خصوصاً بعد ما سمعته من قول نبينا عليه الصلاة والسلام عنها حين قال: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة»، وكنت أمارسها كلما سنحت لي الفرصة وربما كان انشغالي بالدراسة وانخراطي المبكر في العمل في مجموعة الجريسي من أهم الأسباب التي منعتني من ممارسة الفروسية بشكل منتظم إلا في سن متأخرة، فمنذ عامين ونيف فقط أخذت بالمشاركة في بطولات محلية ودولية.
وكانت أولى خطواتي اختيار المدرب المناسب لإعداد خطة التدريب والتي كانت تتلخص في أمرين يتمثل الأمر الأول في اختيار الخيول المناسبة وإعداد برنامج تدريب منظم بدءاً بالتدريبات الأرضية لتنمية اللياقة والاتزان، والمقصود بالتدريبات الأرضية هنا تلك التي تكون على ظهر الجواد إلا أنها لا تشمل قفز الحواجز.
ويتمثل الأمر الثاني في تدريبات القفز حيث تبدأ بسدود فردية ثم بمجموعات صغيرة تتزايد تدريجياً حتى تصل إلى اثني عشر سداً كما يحدث في كورسات المباريات وتسمى بالكورسات التدريبية، والقيام بهذه التدريبات يتطلب مني أن أمتطي 4 خيول يومياً لمدة 3 إلى 4 ساعات وعلى مدى خمسة أيام في كل أسبوع.
بعد ذلك بدأنا المشاركة في المباريات التدريبية والتي لم يكن الغرض منها المنافسة، بقدر ما هو تثبيت المهارة التي اكتسبتها في التدريب، بعد ذلك بدأنا مرحلة المشاركة في المباريات التنافسية وذلك لتنمية مهارة التطبيق.
* هل يمكن أن تحدثنا عن العلاقة بينك وبين الفارس السعودي المعروف خالد العيد؟
لقد ربطتني بالأخ خالد العيد علاقة أخوية، وصداقة حميمة منذ ما يزيد على ثمانية أعوام، فهو نِعم المثال للفارس المسلم في أخلاقه وتعامله.
* علما بان أبناءك الثلاثة يعشقون الفروسية وسبق وشاركوا معك فهل تحرج إن تغلب عليك أحدهم؟
سأبذل جهدي كي لا أدع أياً منهم يتغلب عليّ بتاتاً، ولكن إن تمكن من ذلك فسيكون محل فخري واعتزازي.
* ما مدى صحة ما تناقلته الأخبار من أنكم تتطلعون للمشاركة في بطولات فروسية عالمية كمحترف؟
هذا الخبر غير صحيح أبداً، والفروسية بالنسبة لي هواية أمارسها كلما أتيحت لي الفرصة.
* قرأت خبراً في إحدى المجلات تقولون فيه «هذا الحصان كاد أن يودي بحياتي» ترى ما قصة ذلك الحصان؟ وأين حدث ذلك؟
كنت في أسبانيا وشاركت في مباراة فروسية على فرس لم أتدرب عليها من قبل، فكنت لا أعرف أخلاقها ومدى استجابتها، وأثناء المباراة كانت تجري بي وفجأة توقفت في مكانها، فانطلقت كالقذيفة من على ظهرها ووقعت على رأسي بجوار الحاجز، وكان الله بعباده لطيفاً.
نادم على ما فعلت
* ما هي الفرص التي أتيحت لك وأضعتها؟
من أعظم الفرص التي أعتقد أنني أضعتها أنني وبسبب انخراطي في العمل وانهماكي فيه لم أتمكن من مواصلة دراستي الجامعية إلا بعد ثماني سنوات من نيلي الشهادة الثانوية العامة، ولقد ندمت كثيراً على هذا الوقت الذي انصرم من عمري دون أن استثمره في طلب العلم، ولعل الله أراد بي خيراً {(فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) } حيث ان ذلك ولد عندي تحدياً كبيراً فكافحت في طلب العلم بالانتساب ومواصلة التعليم العالي حتى نلت الدكتوراه والحمد لله.
* ما هو طموح خالد الجريسي المستقبلي؟
طموحي العملي مرتبط ببيت الرياض فكل ما تم إنجازه في مؤسسة بيت الرياض أعتبره تحضيراً للانطلاقة الكبرى مستقبلاً فنحن مصممون على جعل هذه المؤسسة واحدة من كبريات الشركات العالمية بإذن الله.
* ما رأيكم في دخول المرأة السعودية مجال الأعمال التجارية؟
أرى أن للمرأة الحق الكامل في العمل المشروع المتناسب مع قدراتها وكفاءاتها، وقد أثبتت المرأة السعودية جدارتها بعملها الدؤوب المخلص فتبوأت مراكز قيادية مرموقة في عدد من القطاعات التجارية، إلا أنني أود التأكيد على حقيقة ان تحرص المرأة عند ممارستها للأعمال اختيار ما يتناسب مع تكوينها، وبما يحفظ عليها كرامتها ومكانتها الاجتماعية.
* ما هو القرار الذي اتخذته في العمل وندمت عليه؟
لدينا في مؤسسة بيت الرياض تقاليد إدارية راسخة، وعليه فلا يوجد قرارات اتخذتها وندمت عليها، حيث قمت قبل أكثر من ست سنوات بتشكيل الفريق الإداري للمؤسسة الذي يتكون من قيادتها، وهو يعتبر الفريق المسؤول عن دراسة كافة التغييرات والتطويرات والقرارات التي تنوي المؤسسة تبنيها، ومتى ما اتخذت القرارات فلا تراجع ولا ندم وإنما نتعلم منها ما يفيدنا في المستقبل.
* كلمة أخيرة تود توجيهها إلى الشباب السعودي للعمل في القطاع الخاص؟
لا بد للشباب السعودي من الاعتراف بحقيقة مفادها ان سر النجاح يكمن في تقبلهم واقتناعهم بالشروط التي تفرضها طبيعة العمل في القطاع الخاص الذي يختلف عن القطاع الحكومي بشكل جذري، ومتى ترسخ لديهم هذا المفهوم يستطيعون حينها وضع أقدامهم على الطريق الصحيح نحو النجاح في القطاع الخاص.
|