Wednesday 5th november,2003 11360العدد الاربعاء 10 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

26-9-1390هـ الموافق 24-11-1970م العدد 321 26-9-1390هـ الموافق 24-11-1970م العدد 321
يا فاطر رمضان..
.. يا خاسر دينك..

اليوم اجازتي.. ولكن ليست الاسبوعية.. وانما هي مرضية.. ورغم هذا.. ما أحلى أن يستيقظ المرء متأخرا.. ولو لفترة قصيرة.. فتحت الباب.. واذ ابي أسمع صوت ابنتي وكأنه مطارق وهي تقول ببراءة الاطفال.. يا فاطر رمضان.. يا خاسر دينك.. ما هذا الذي على فمك أأنت فاطر.. يا فاطر رمضان.. يا خاسر دينك.. قلت يا هذه العفريتة الصغيرة.. هل اكتشفت شيئا يثبت ادانتي بأنني فاطر..
واحترت وصممت على أن أبدو أمامها بمظهر الوالد المتمسك بدينه المتبع لتعاليمه الإسلامية.. فقلت بحزم: لا.. لا.. هذه بقايا أطعمة السحور تناثرت على فمي يا شقية.. ولكن.. أتراها اقتنعت بكلامي.. لست أدري.. المهم انها ذهبت.. يا للفتيات.. بالتعلم بدأ ذكاؤهن يظهر.. أأخاف من ابنتي حقا.. ولماذا لم أقل لها الحقيقة.. أجل الحقيقة.. انني فاطر ولكن لمرض يسامحني الله فيه.. ولكن.. أتراها تقتنع بكلامي.. لا أظن ذلك.. انها لا تقتنع بسرعة..
وتذكرت الادوية.. ان علي تناولها.. ولكن علي قبل ذلك أن أتناول بعض الحساء لكي يسهل على الامر.. وحتى لا تكون مطارق ثانية.. اقفلت علي باب الغرفة.. وابتدأت.. يا الله.. ما هذا الازعاج المتواصل.. ان الاولاد يريدون الدخول الى غرفتي.. ومعنى هذا انه لابد أن أخفي ما أمامي.. والا.. ولم استطع تحمل مجرد التفكير بالاجابة.. ودخل الاولاد واخذوا يتكلمون معي.. وفي كل نبرة من نبراتهم ما يوحي بأنهم على علم بحالتي.. أي بأنني فاطر.. أيبدو على المفطر في رمضان ما يدل على حقيقته يا ترى؟
وفجأة تذكرت.. يا الهي.. مفتاح المستودع.. انه في جيبي.. وعلي أن أسلمه الى الادارة.. والا كنت مسؤولا عن كل شيء خاصة ارتباك العمل.. ونظرت في ساعتي.. مر أكثر من ساعتين على بدء العمل وعلي أن أسرع سيما وأن أحدا من زملائي لا يعرف عنوان بيتي الجديد.. وأسرعت إلى العمل.. وفي الطريق كنت ألمح الناس ينظرون إلي.. وشعرت بأن نظراتهم تلاحقني.. وأن ألسنتهم تكاد تقذفني بالكلام أو لا يعرفون مرضي.. وانني أفطرت لهذا السبب.. المهم وصلت.. وها أنذا أدخل وأسرع.. وكل موظف أحييه ويحييني أشعر وكأنه يبتسم لما يعلمه عن حالي.. هذه الافكار.. ليس وقتها الآن.. المهم أن أسلم المفتاح في الوقت المناسب.. وسلمته فعلا.. وعدت إلى بيتي وأقفلت على بابي وجلست على سريري أفكر.. ان الله يسامحني على افطاري لهذا اليوم.. فلماذا أخاف الناس اذن.. ان الله يعرف حالي ولكن.. أعلي أن أشرح لكل واحد من أولادي والناس انني مريض وان افطاري لهذا السبب دون غيره.
ومن جديد شعرت بطرقات على الباب.. بابا بابا.. وشعرت بها وكأنها ضربات تهز جسمي كله.. واستيقظت.. من نومي.. وجلست أستعيذ بالله من هذا الحلم الذي شعرت به.. انني معافى والحمدلله.. وأشكر الله على نعمائه وفضله علينا بالصحة كي لا نفطر في رمضان وكي لا نسمع صرخات أطفالنا وهي تدوي في اذاننا قائلة: يا فاطر رمضان.. يا خاسر دينك..

الحليسي

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved