كثيراً ما يسأل الأهل عن التوصيات الطبية ذات الصلة بسفر الأطفال حديثي الولادة بالطائرة.
ولإلقاء مزيد من الضوء على سفر المواليد بالطائرة نلتقي د/ فارس شديد استشاري الأطفال وحديثي الولادة في مستشفى المملكة والعيادات الاستشارية ليجيب على بعض تساؤلاتكم بخصوص هذا الموضوع.
* متى يكون السفر بالطائرة مأموناً لطفلي؟
- يعتبر الأطفال حديثو الولادة الأصحاء لائقين للسفر بالطائرة من الناحية الفيزيولوجية. إذ يمكن للطفل أن يسافر بالطائرة عندما يكون عمره أسبوعاً واحداً، مع العلم بأنه يفضل، إن كان بالإمكان، الانتظار حتى يبلغ عمره أربعة أسابيع، حيث يمكن باكتمال هذه الفترة معرفة إن كان الطفل يعاني من مشاكل صحية أساسية قد تجعل سفره بالطائرة أمراً غير مأمون. لقد كانت القيود التي تمنع في السابق سفر الطفل بالطائرة في الأسابيع القليلة الأولى من حياته، ناتجة عن الأيام الأولى للطيران، وكانت تعتمد على حقائق أن الطائرة في تلك الأيام لم تكن مكيفة الضغط، وأن الضرورة كانت تستدعي وجود الأكسجين في بعض الأحيان أثناء الطيران، وأن فيزيولوجية حديثي الولادة لم يتوفر حولها إلا القليل من المعلومات . إن غالبية شركات الطيران لا تضع قيوداً على أعمار الأطفال للسفر بالطائرة، وتطلب بعض هذه الشركات من أهالي الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أسبوع واحد أن يراجعوا الطبيب ويحصلوا على وثيقة منه تفيد بأن الطفل يتمتع بصحة جيدة، بيد أن مثل هذه الوثيقة لا تطلب إلا في أحوال نادرة من قبل موظفي الصعود إلى الطائرة.
* الحالات الطبية التي قد تتأثر بالارتفاعات العالية
- في العموم، تطير طائرات الخطوط الجوية التجارية الحديثة على ارتفاع 9000 متر و12000 متر (30000 قدم و40000 قدم). وحيث إن الطائرة غير مكيفة الضغط تماماً، فإن ذلك يؤدي إلى وجود ضغط جوي زائف في الكابينة بين 1500 متر و2400 متر (5000 قدم إلى 8000 قدم) وعند الوصول إلى الضغط الجوي هذا، تنخفض درجة تشبع الأكسجين في الدم الشرياني لدى المسافرين الأصحاء في جميع الأعمار مما تقرب نسبته من 100% عند مستوى سطح البحر إلى حوالي 90% إلى 92%، وهو مستوى إشباع يتم تحمله بصورة جيدة من قبل حديثي الولادة والأطفال لأن انفصال الأكسجين عن الهيموغلوبين يزداد مما يحافظ على نسبة تشبع عالية بالأكسجين في جميع الأعمار. فالرئتان في حديثي الولادة تكونان قد نمتا بصورة جيدة، كما أن مستويات الهيموغلوبين عادة ما تكون مرتفعة لديهم، وهو عامل أمان إضافي يسمح لهم بالسفر بالطائرة. بيد أن السفر بالطائرة قد يكون غير مأمون للأطفال الذين يعانون من فقر الدم، وتشوهات القلب (لا سيما في حالة وجود مشاكل في الجانب الأيمن من القلب)، ونمو الرئة بصورة ضعيفة أو غير طبيعية. ومن المهم الإشارة إلى أن بعض هذه الحالات قد لا تكون معروفة عند الولادة، وقد تظهر أعراضها أثناء السفر بالطائرة أو أثناء زيارة الأسرة إلى أماكن تقع على ارتفاعات عالية. لا توجد أية تقارير معروفة تفيد بوجود أطفال يعانون من أية مشاكل قلبية ورئوية نتيجة السفر بالطائرة، بالرغم من أن هنالك تقارير عن أطفال يعانون من مثل هذه المشاكل ولدوا عند مستوى سطح البحر أو بالقرب منه، والذين نقلوا بالتالي إلى ارتفاعات تزيد عن 1800 متر (6000 قدم). يكون أداء الأطفال والبالغين الذين يعانون من داء الخلايا المنجلية، على سبيل المثال ضعيفاً في الغالب في حالة الضغط الجوي الموجود على الارتفاعات المخصصة للطائرات، ولكن الأعراض لا تظهر على الأطفال الذين يعانون من مثل هذه الحالة في الأشهر القليلة الأولى من حياتهم.
* هل يزيد السفر بالطائرة احتمال الإصابة بالأمراض المعدية؟
- ثمة العديد من الحالات الموثقة لبالغين أصيبوا بالدرن أثناء السفر بالطائرة لمسافات بعيدة، والأنفلونزا أثناء وجودهم في طائرة وقفت لعدة ساعات على المدرج عندما كان نظام تهوية لا يعمل بطريقة صحيحة. في حالة الدرن، كان جميع المسافرين الذين أصيبوا بالمرض يجلسون بالقرب من مريض يسعل بشدة. وتعتقد مراكز مكافحة الأمراض في الولايات المتحدة أن هذه الأمور لا تحدث إلا بصفة نادرة جداً.
لا تتوفر معلومات لمعرفة تزايد احتمال تعرض حديثي الولادة أو الأطفال للأمراض المعدية أثناء السفر بالطائرة. وتشير التوقعات إلى وجود مخاطر محتملة للإصابة بهذه الأمراض نتيجة التعرض لفترة طويلة لعدد كبير من المسافرين الذين يعيشون في منطقة مغلقة ويتنفسون هواء يتم تدويره بصورة جزئية. يقتضي الأمر في حالة الإصابة بالحمى قبل بلوغ الشهر الأول من العمر إدخال الطفل إلى المستشفى وإجراء فحوص كاملة له. ولذلك، يفضل تجنب السفر بالطائرة قبل بلوغ الطفل الشهر الأول من العمر.
لا تتوفر للأهالي إلا خيارات قليلة لحماية أطفالهم من مخاطر التعرض للكائنات الدقيقة أثناء الطيران، ولكن لم تثبت هذه الخيارات فعاليتها إلى حد كبير، كما أنها غير عملية، ومنها: السفر في الأوقات التي يكون فيها عدد المسافرين قليلاً، والسفر بالدرجة الأولى، حيث يكون الازدحام قليلاً، والسفر في وقت مبكر من اليوم، عندما تكون الطائرة نظيفة، وتغيير مقعد الجلوس في حالة وجود مسافر يسعل أو يعطس، وتغسيل اليدين بصورة متكررة، وإحضار الوسادة والبطانية التي يستعملها الطفل في المنزل . فالطائرة لا يتم تنظيفها بصورة شاملة إلا قبل الرحلة الأولى في اليوم. وتقوم غالبية خطوط الطيران باستبدال الوسائد والبطانيات وقت التنظيف الشامل للطائرة فقط. والعديد من خطوط الطيران لا تبدل الوسائد والبطانيات إلا بعد أن تصبح متسخة بشكل واضح.
* المخاطر التي تترتب على إعادة تدوير الهواء؟
- ثمة كثير من النقاش يدور الآن حول نوعية الهواء في كابينة الطائرة. فمن أجل تقنين الوقود في السنوات الأخيرة، قامت شركات الطيران بتغيير أسلوب تزويد الطائرات بالهواء أثناء الطيران. ففي النظام القديم، كان يتم استبدال الهواء كل بضع دقائق، أما في النظام الجديد، فيتم تمرير نصف الهواء في الكابينة عبر أنظمة متطورة ثم يعاد تدويره. وتكون النتيجة أن الهواء الذي يتنفسه المسافرون هو عبارة عن هواء نصف مدور تقريباً. أما النصف الثاني فهو من الهواء النقي الذي يتم الحصول عليه من خارج الطائرة، وهذا الهواء معقم، إذ لا توجد كائنات دقيقة في الهواء على الارتفاعات التي تسير فيها الطائرة. وبالإضافة إلى ذلك، يمر الهواء الخارجي عبر المحركات الساخنة جداً، مما يؤدي إلى قتل أية كائنات موجودة فيه، وبعد ذلك يتم تبريده. إن الحصول على الهواء النقي من خارج الطائرة أمر مكلف جداً. أما الهواء المدور فيمر عبر فلاتر متطورة، تجعله خالياً من الكائنات الدقيقة مثل الهواء النقي. بيد أن بعض الخبراء يتساءلون إن كانت هذه الفلاتر المستخدمة تقضي على جميع الفيروسات. ومع أن هنالك إجماعاً على وجود احتمال قليل للإصابة بالاتهاب أثناء السفر بالطائرة إلا أن هذا الاحتمال يظل موجوداً.
* هل يؤثر السفر بالطائرة على أذني الطفل؟
- يساور القلق الكثير من الأهالي من حيث أن السفر بالطائرة سيلحق الضرر بالسمع لدى أطفالهم. فالسفر بالطائرة يؤثر على أذني الطفل بنفس الطريقة التي يؤثر فيها على أذني البالغين. فتغيير ضغط الكابينة يسبب ضغطاً على الأذن الوسطى، مما قد يسبب الألم للطفل. يساعد المص في موازنة ضغط الأذن، ولذلك، فإن الرضاعة من الثدي أو القنينة أثناء عمليات الإقلاع والهبوط يمكن أن تكون أمراً مفيداً.
قد يشعر الأطفال الذين أصيبوا بالتهاب حديث في الأذن بمزيد من عدم الارتياح أثناء السفر بالطائرة. ولذلك يجب مراجعة الطبيب قبل الرحلة في حالة وجود أية أمور يساورك القلق بشأنها. فقد يصرف الطبيب قطرات للأذن تخفف الألم في حالة إصابته بألم فيها.
*كيف أقيد حركة طفلي أثناء السفر بالطائرة؟
تعتبر المطبات الهوائية السبب الرئيسي لحدوث الإصابات الرئيسية غير القاتلة أثناء السفر بالطائرة. ولذلك فإن ثمة حاجة لكي يكون لكل طفل مقعده على الطائرة. لا تطلب الشركات في الوقت الحالي من الأهالي حجز مقاعد منفصلة للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين، حيث يمكنهم إجلاس الأطفال في أحضانهم أثناء السفر بالطائرة.
توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بإجلاس الأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنة واحدة، وتقل أوزانهم عن 10 كغم في مقاعد سلامة مثبتة بشكل جيد، وواجهتها للخلف. أما الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن سنة واحدة وتتراوح أوزانهم بين 10 كغم و 20 كغم، فيجب إجلاسهم بصورة متينة في مقاعد واجهتها للأمام. ويجب على الأهالي أن يختاروا مقاعد سلامة للأطفال مخصصة للاستعمال في الطائرات. أما الأطفال الذين تزيد أوزانهم عن 20 كغم فينبغي، حسب توصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، إجلاسهم في مقاعدهم مع ربط حزام الأمان الموجود على متن الطائرة. فأحزمة الأمان والقيود الخاصة بسلامة الطفل تعتبر ضرورية لحماية الطفل من تأثيرات الفوضى، التي تعتبر السبب الرئيسي للإصابات غير القاتلة التي تحدث بين ركاب الطائرات. ومع أن إدارات الخطوط الجوية والطيران تساند التوصيات التي وردت آنفاً، إلا أنها لا تضعها موضع التنفيذ الإلزامي. كما أن العديد من الخطوط الجوية توفر تذاكر مخفضة لصغار الأطفال.
وإذا كان الأمر غير مجدٍ لشراء تذكرة لحديث الولادة، فيجب محاولة اختيار رحلات يمكن أن يكون على متنها مقاعد شاغرة، كما يمكن محاولة حجز مقعد بجانب النافذة ومقعد بجانب الممر في صف يحتوي على ثلاثة مقاعد، على أمل أن تمتلئ جميع المقاعد، فيمكن عندها استعمال المقعد الذي يقع في الوسط.
عرض فيلم أثناء السفر، فإن شاشة العرض ستكون أمامك مباشرة وسيكون من الصعب عليك مشاهدة الفيلم. وإن أكبر مشكلة في المقاعد الرأسية أنه لا يتوفر تحتها حيز يكفي لتخزين الأمتعة اليدوية.
* ما هي الأشياء التي يجب أن أحملها معي لطفلي؟
يعتبر الأطفال من المسافرين الذين ينامون كثيراً، ومع ذلك، يحتاج هؤلاء الأطفال إلى قدر لا يستهان به من الأشياء التي تساعدهم على البقاء مرتاحين وسعيدين. وفيما يلي قائمة بالأشياء التي لا ينبغي السفر بدون وجودها:
الحفائظ: واحدة لكل ساعة في حالات الترانزيت، وواحدة إضافية في حالات الطوارئ أو تأخر الرحلة.
الأكياس البلاستيكية القابلة للربط: ينبغي أخذ أكياس متوسطة الحجم لوضع الحفائظ، والملابس والمرايل المتسخة.
مناديل ومستحضرات معطرة ومسحات للأطفال.
كريم للطفح.
قبعة وكريم للوقاية من أشعة الشمس، بمعدل حماية لا يقل عن 20.
بطانية: واحدة على الأقل لراحة الطفل وتدفئته وحجبه عن الشمس.
دمى إضافية
ملابس: طقم أو طقمان من الملابس لكل يوم. ويجب أخذ لفافات من القطن لاستعمالها أثناء السفر.
قناني
مرايل يمكن غسلها
مأكولات، حليب صناعي، ماء: يجب إحضار كميات أكثر مما قد تتم الحاجة إليه أثناء السفر، إذ أن تأخر الرحلات أمر لا يمكن التنبؤ به. وينبغي عدم نسيان القناني والأكواب أيضاً.
مضخة لحليب الثدي: في حالة تفضيل شفط الحليب من الصدر.
مقعد للطفل في السيارة: للسفر الآمن بالسيارة، أو الطائرة، أو القطار أو الحافلة.
ميزان حرارة، وخافض حرارة.
كما يمكن حمل أشياء أخرى مثل المواد الطاردة للحشرات (يمكن استعمال 5% - 10% من ديت (DEET) للأطفال، و25% للبالغين)، ومستحضر كالامين أو كريم هايدروكورتيزون (لتخفيف لسعات الحشرات، والطفح وحروق الشمس وغير) وذلك اعتمادا على وجهة السفر والنشاطات التي سيتم القيام بها.
د. فارس شديد
استشاري طب أطفال وحديثي الولادة
مستشفى المملكة - العيادات الاستشارية
|