يا مكة التَّاريخ...
ما الذي ألمَّ بكِ؟
وأنتِ تشمِّرين عن ثوب كعبتكِ في شهرٍ من الأشهر الحرم؟!
يا دار الإسلام الأولى...
وقد شعَّ منكِ فجر السَّلام...
وعلى أرضكِ قُدِّس الوطن؟
ما الذي ألمَّ بكِ، وأنتِ صائمةً عن الصَّغيرة، فداهمتك الكبيرة؟
يا مكة الوطن، والحبَّ، والإيمان...
يا طهر القداسة، ومأوى الصَّادقين، وأرض خاتم النَّبيِّين والمرسلين عليه الصلاة والسلام..
منكِ نهض الحقُّ... وفيكِ عَلاَ صوتُه...
والحقُّ دينُ اللَّهِ في أرضه...
والدِّين؛ دولةٌ وشعبٌ، صغيرٌ مرحومٌ، وكبيرٌ وقورٌ، وسعيٌ صادقٌ مبرورٌ...
فما الذي داهمكِ...
فلا رحمةً بصغير، ولا توقيراً لكبير، ولا سعياً لرضاء الرَّب مبرورا؟
يا مكة البياض في صدر التَّاريخ، وفوق جبهته، وبين يديه..
من ذا الذي يلوِّث بياضَكِ، ويطعنُ صدرَك، ويفسد بين يديكِ؟
وأنتِ هاجدةً تتعبَّدين، ناهضةً تكافحين، في نبض الحياة بناءً، وعيشاً رضيَّاً، وعبادةً جليَّة، يؤمُّكِ من كلِّ صوب المريدون، ويقصدكِ التَّائبون، ويتَّجه إليكِ المصلُّون؟... ليلكِ نوراً يتلألأ، ونهاركِ روحاً تتسامق...، من يدخلكِ مثقلاً بالأحزان، مكبَّلاً بالآثام، يعتمركِ مقصدَ توبة، ويقصدكِ بُغية مغفرة...، فمن ذا الذي ينتهك هذه الحرمات لكِ، وقد خصَّكِ الإلهُ بقداسة الطُّهر، وببدء النُّور؟
يا مكة الخير ما الخبر؟
من يتسلَّل في نصلكِ، ومن يندسُّ بين عروقكِ؟ ومن يضمر الشرَّ بين جنباتكِ؟... ومن ليس منكِ فيكِ؟
ألا فلا تقلقي يا مكة السَّلام...
ألا ولا تنتفضي في ذعر الصَّغير، أو حزن الكبير،
فكما أنتِ دار الأمان ستبقين...
وكما كنتِ دار السَّلام ستظلِّين...
لن يقضَّ مضجعكِ عبثٌ جاهلٌ، ولا مرضٌ طارئٌ...
أنتِ درَّةٌ في شجرة الوطن الكبير...،
أنتِ واحدةٌ في منظومة الأمان والنُّور،
أنتِ جزءٌ من هذا الكائن الواسع الممتد.. تعلوه بركات الإله، ويحميه رضاء الرَّب، وتحرسه عيناه اللَّتان لا تنامان، في كنَفٍ لا يقتحم نسيجه وهنٌ، ولا يفتُّ في عضده مرضٌ...، ولا يهزُّ قناته عبثٌ، ولا تشتِّت التئامه ريحٌ طارئة....
فابقي يا مكة في سلام الوطن...، بكلِّ أجزائه، فكلُّه أنتِ، وكلُّك هو...
ففي أمان الرَّبِّ يكون هذا الوطن.. وتكونين...
{فّاللَّهٍ خّيًرِ حّافٌظْا وّهٍوّ أّرًحّمٍ الرّاحٌمٌينّ}.
|