Wednesday 5th november,2003 11360العدد الاربعاء 10 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
علاج الفقر واستجداء الحلول
د. محمد اليماني

يعتبر الفقر سبباً ونتيجة للعديد من المشاكل التي يعزز بعضها بعضاً، ويدخل من يصاب به في دوامة يكاد يصعب الخروج منها إلا بتدخل خارجي ولخطورة تفشي الفقر وانتشاره ولصعوبة علاجه حرصت المجتمعات على سن تدابير وقائية لحماية أفرادها منه كما وضعت برامج علاجية تسعى للتخفيف من حدته.
ولأن الآثار السلبية للفقر لا تقتصر على من يعاني منه بل تتعدى إلى الآخرين نجد السعي من قبل المجتمعات الغنية إلى الاسهام في علاج المشكلة حثيثاً، يتمثل ذلك في عقد الندوات والمؤتمرات ذات الصلة، وفي تصميم البرامج الإغاثية، ومنح التبرعات العينية والنقدية واعطاء مزايا تفضيلية في التجارة الدولية والإعانات والقروض للدول الفقيرة.
وقد تزايد الاهتمام بالفقر والفقراء مؤخراً نظراً لاستفحال المشكلة بسبب تحول العديد من الدول إلى اقتصاد السوق وتبني الأفكار والمبادئ الرأسمالية وانتهاج الخصخصة في كثير من الأنشطة الاقتصادية، الأمر الذي يجعل الاعتبار الاقتصادي المعيار الرئيسي وربما الوحيد عند اتخاذ القرارات.
وإذا كان الفقر ملازماً للمجتمعات في كثير من الحالات فإنه أكثر ملازمة في ظل النظام الرأسمالي وأشد عمقاً وذلك لتقديس هذا النظام للذات وتعظيم المنفعة الشخصية ولو كان ذلك على حساب منفعة الجماعة.
وقد صاغت المجتمعات الرأسمالية مجموعة من البرامج والأنظمة والقوانين لدرء وعلاج مشكلة الفقر.
وكان من سمات هذه البرامج والأنظمة والقوانين لدرء وعلاج مشكلة الفقر وكان من سمات هذه البرامج والأنظمة أنها نابعة من قيم ومعتقدات هذه المجتمعات.
ولذا كان من الطبيعي أن تحقق قدراً كبيراً من أهدافها ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن تكون ناجحة في كل المجتمعات.
وفي مجتمعات الدول النامية والإسلامية منها على وجه الخصوص حيث تتغلغل القيم والمعتقدات عميقاً في تركيبة وبناء الفرد والمجتمع يصبح من الواجب مراعاة هذا الجانب عند علاج المشكلة .. ذلك ان هذا الأمر يمكن من علاج المشكلة بتكلفة أقل وبكفاءة أعلى فالناس مقتنعون بأساليب العلاج كونها جزءا من معتقداتهم وهذا بلا شك يوفر عناء وتكلفة إقناعهم بجدواها ويزيد من درجة تفاعلهم معها.
وفي هذا الاطار فالاقتصاد الإسلامي يتوافر على نظام متكامل لدرء الفقر ومنع حدوثه، ولعلاجه والتخفيف منه ومن آثاره في حال وقوعه.
يبدأ هذا النظام من إعلاء الإسلام لقيمة العمل والسعي لتوفير فرص العمل المناسبة لأفراد المجتمع والسعي المستمر للارتقاء بمستويات الإنتاجية عن طريق توفير برامج التدريب والتأهيل ورؤوس الأموال لمن هم في حاجة.
ويشمل النظام الزكاة التي يمكن لها في حالات عديدة القضاء على المشكلة إذ ان المسلم يدفعها تقرباً إلى الله سواء قامت الحكومة بجبايتها أم لا والآخذ لها لا يأخذها إلا إذا كان مستحقاً لها. فكفاءتها والحالة هذه في الوصول إلى أهدافها عالية.
والوقف بمصارفه غير المحددة يتكامل مع الزكاة في سد الثغرات التي يمكن أن ينفذ منها الفقر، فعن طريقه يمكن الانفاق على توفير خدمات التعليم والرعاية الصحية وإنشاء الطرق والمياه والخدمات العامة إلى غير ذلك.
والنظام الإسلامي لمكافحة الفقر يوفر برنامجاً لضمان القدر المناسب من الحياة الكريمة لأفراد المجتمع عن طريق النفقات الواجبة إذ ان الاقارب القادرين ملزمون شرعاً بالإنفاق على قريبهم المحتاج وفق نظام معين.
ما ذُكر مجرد أمثلة على ما يتيحه الإسلام من برامج لدرء وعلاج مشكلة الفقر والتي هي نابعة من صميم معتقدات المجتمع المسلم والقناعة بالإلزام بها وفاعليتها متوافرة لدى الجميع، فالأخذ بها ربما يكون أجدى اقتصاديا من شراء الحلول المستوردة.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved