Wednesday 5th november,2003 11360العدد الاربعاء 10 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مالكو أراضي المرافق التعليمية : نريد حلاً؟! مالكو أراضي المرافق التعليمية : نريد حلاً؟!

تواجه الدولة ممثلة في وزارة التربية والتعليم إشكالية كبيرة (ذات شقين) في موضوع إنشاء مبانٍ نموذجية للمدارس الحكومية أحدها يتمثل في عدم توفرالأراضي اللازمة، والآخر يتمثل في عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة للبناء ولحل ذلك فرضت الدولة ممثلة في جهات الاختصاص على أصحاب المخططات الخاصة تخصيص جزء من أرض المخطط لإقامة المدارس عليها (زيادة على نسبة 33% من كامل الأرض التي تقتطع منها عند التقسيم (للشوارع والطرق والحدائق والساحات العامة) على أن يتم امتلاك تلك الأجزاء المخصصة للمرافق التعليمية وتعويض أصحابها عن قيمتها، كما عمدت الدولة لحل إشكالية تدبير المبالغ اللازمة لبناء المدارس بعملية إشراك القطاع الخاص عبر الاستثمارالمنتهي بالتملك.
وقد مضت مدة طويلة لم يتم خلالها نزع ملكية تلك الأراضي المخصصة كمرافق تعليمية ولم يعوض أصحابها عنها، إن أصحاب تلك الأراضي لهم حق واجب وفقاً للتعريف القانوني المتضمن أن الحق الواجب هو سلطة يقررها القانون لشخص معين يستطيع بمقتضاه القيام بأعمال معينة تحقيقاً لمصلحة يقرها القانون،وهذا يؤدي بالضرورة إلى أن يقع على عاتق الجميع بما فيه الدولة واجب احترام السلطة التي قررها القانون لصاحب الحق. وإلا فلن يكون لهذا الحق قيمة عملية، لذلك نرى أن القانون يقرن كل حق بواجب على عاتق الكافة يلزمهم باحترام هذا الحق، فحق الملكية الذي يقرره القانون لشخص معين على مال معين يخول صاحب هذا الحق سلطة الاستعمال والاستغلال والتصرف في الشيء الذي وقع عليه الحق، ولكن هذا لا يكفي بل يجب لكي يكون لهذا الحق قيمة عملية أن يقرنه القانون بواجب على الكافة يلزمهم بأن يحترموا هذا الحق ولا يتعرضوا لصاحبه في استعماله للسلطات التي يخولها له القانون بالنسبة لهذا الحق، ومن هنا يتبين أن كل حق يقابله واجب بل إن الحق والواجب وجهان لشيء واحد.
وبالرجوع إلى ما قامت به الدولة فإنه يعتبر تقييداً لصاحب هذا الحق وذلك يفرض عدم التصرف في الشيء الذي وقع عليه حقه (وهو هنا الأرض) إلا للشيء الذي خصص له (وهو أن يكون مرفقاً تعليمياً) وهذا قد يكون أمراً جائزاً للدولة وحقاً لها إلا أن هذا الجواز والحق لابد أن يكون محدداً في إطار القانون وخصوصاً في جانبه الواجبي (وهو واجب الدولة تجاه صاحب الحق الأساسي وهو مالك الأرض) وهو التعويض فمسألة تقييد صاحب الحق من التصرف في ملكه لعشرات السنين دون صرف التعويض له يفضي إلى الضرر، وهذا أمر يرفضه ويمنعه القانون ويعبّر عنه بسوء استعمال الحق.
وللخروج من هذه الإشكالية القانونية بعد عشرات السنين، شكلت لجنة هدفها الأساسي دراسة موضوع توفير الأراضي اللازمة لإقامة المباني المدرسية، وقد قامت تلك اللجنة مشكورة بوضع عدد من التوصيات تؤدي إلى حل تلك الإشكالية ولامتلاك الأراضي بدلاً من المواقع المستأجرة والتي تقدر تكاليف استئجارها بما يزيد عن مائة مليون ريال سنوياً والتي يزيد شهرياً بمعدل كبير من المدارس المستأجرة، وقد أوصت تلك اللجنة بالنسبة للأراضي التي تزيد مساحتها عن عشرة آلاف متر مربع أن يتم بحث موضوع تملكها من قبل جهات الاختصاص (وزارتي التربية والتعليم والمالية)، مفاوضة أصحابها على استملاكها من قبل الدولة بوسائل تسلسلية منها: المقايضة بأرض بديلة، التنازل عن 50% من مساحة الأرض مقابل الإفراج عن باقي مساحة الأرض وإعطاء المالك الحرية في التصرف فيه.
وقد صدرت الموافقة السامية الكريمة على هذه التوصيات في نهاية شهر شوال عام 1423هـ وكانت تلك الموافقة فرصة عظيمة لوزارة التربية والتعليم ولوزارة المالية لاستملاك مئات الأراضي دون أي التزامات مالية.
وقد استبشر خيراً أصحاب تلك الأراضي رغم المعاناة التي مرت بهم لسنوات عديدة بانفراج مشكلتهم، رغم أن التوصيات المشار إليها فيها إن جاز التعبير - سوء لاستخدام الحق- ومع أن أصحاب تلك الأراضي لهم الحق في المطالبة بالتعويض عن منعهم من التصرف في الأراضي وعدم صرف التعويض عنها لمدة طويلة بسبب عدم وجود الاعتمادات اللازمة للتعويض ورغم ذلك فإنهم قد قدروا وضع الدولة إلا أنهم في الوقت نفسه يطالبون الدولة أيضاً بمراعاة أوضاعهم ومصالحهم وحل مشكلتهم التي طال الزمن عليها ناهيك عن الآثار السلبية الناتجة عن بقاء تلك الأراضي فضاء داخل الأحياء السكنية ومنها أنها أصبحت مكباً للمخلفات نتج عنها أن أصبحت مصدراً للبعوض والتلوث.
ولاتواجه وزارة التربية والتعليم مشكلة كبيرة تتعلق بسعيها لإنشاء المدارس الحكومية بدلا من المستأجرة وذلك بسبب عدم وجود الأراضي نتيجة البيروقراطية الإدارية مع المواطنين ملاك المرافق التعليمية، ومع أنه قد صدرت موافقة المقام السامي الكريم منذ أكثر من تسعة شهور على توصيات لجنة شكلت لهذا الغرض منها التفاوض على أساس تنازل صاحب الأرض عن نصف أرضه للدولة مقابل تحرير تصرفه في النصف الآخر من الأرض أو تعويضه عن كامل الأرض بأرض بديلة في موقع آخر أو تنازله عن مرفق مقابل مرفق يحرر له. ومع أن هذه المرونة لا تترتب عليها أي التزامات مالية على الدولة وسيتم إفراغ مجموعة كبيرة من الأراضي تزيد عن 700 قطعة أرض للمدارس في مدينة الرياض فقط يمكن بناء مدارس عليها والأخرى يمكن استثمارها لوزارة التربية والتعليم لتدر عليها دخلاً سنوياً ثابتاً وفي نفس الوقت التخلص من الأراضي الفضاء في الأحياء السكنية التي أصبحت مكباً للمخلفات ومصدرا للأتربة وتسبب الأمراض التنفسية. إلا أن جهات الاختصاص قامت بتشكيل لجنة أخرى لترتيب تنفيذ ذلك، وحيث إن اللجنة متعددة الأطراف ومتباعدة الاجتماعات ولها الآن أكثر من تسعة شهور بدون نتيجة فإن الوضع أصبح يحتاج للبحث في النقاط التالية:-
* المواطنون المالكون للمرافق لديهم الاستعداد الكامل للتعاون والتفاوض حوله حتى من نصف المرفق لما تسببه تلك الأراضي من تجميد لرأس مال وطني يستثمر في التنمية من ناحية لوزارة التربية والتعليم في إنشاء وتطوير المباني المدرسية واستثمار الأراضي أيضاً.
* المرافق أصبحت مكباً للنفايات ومصدرا للغبار في سماء الأحياء والمدن.
* تكاليف المدارس المستأجرة عالية وغير مهيئة وبعض الفصول في المطابخ مع صغر مساحة الفصول الدراسية التي لا تستوعب إلا أعداداً بسيطة، للفصل الدراسي حوالي (15) طالباً مما زاد الاحتياج لأعداد كبيرة من المدرسين وتلك المدارس غير مؤهلة للعملية التعليمية التي تؤثر سلباً على الطلاب والمدرسين لعدم وجود بيئة صحية ورياضية وعدم وجود مختبرات ومعامل وخدمات وساحات فسيحة وآثارها السلبية والنفسية على الجو الدراسي.
* رغم الموافقة السامية على ما رفعته اللجنة المشكلة من عدة جهات حكومية منها وزارة التربية والمالية والمتضمنة تعويض أصحاب تلك الأراضي من المواطنين بأراضٍ بديلة في مكان آخر أو تنازلهم عن نصف مساحة المرفق مقابل تحريرالجزء الآخر له بدلاً من الانتظار وحيث تضمن القرار السامي المرونة الكاملة للجهة مما يعطيها سرعة التحرك واتخاذ القرارات لمصلحة العملية التعليمية من ناحية والمواطنين المالكين للمرافق من ناحية أخرى في ظل تعاونهم إلا أن الوزارة قامت بتشكيل لجنة أخرى لها أكثر من أربعة شهور بدون نتيجة وكان الأولى عدم هدر الوقت وتركيز اللجان في إنشاء المدارس وتطوير المباني وتطوير أساليب التربية والتعليم وتهيئة الجو التعليمي الصحي والابتعاد عن البيروقراطية إلا أن اللجنة مازالت تهدر الوقت الطويل في أمر ليس بالمشكلة العويصة.
* على اللجنة منح المرونة الكاملة لتملك جميع المرافق لحل المشكلة جذرياً حتى يمكن إنشاء المدارس في كافة المدن.
* ومازالت الوزارة تستأجر أكثر من 20 مدرسة سنوياً في مدينة الرياض وحدها وإجمالي المدارس المستأجرة تصل إلى 350 مدرسة بالرياض.
* أسباب فشل اللجان تكمن في عدم وجود رئيس اللجنة وفي كثرة الأعضاء واختلافهم وبيروقراطية بعضهم وعدم تحديد فترة زمنية للنتائج وسرعة التصويت في القرارات في حال الاختلافات.
* موافقة المقام السامي أعطت وزارة التربية والتعليم المرونة الكاملة بأن تتملك أكثر من نصف عدد (700) مرفق دون التزام مالي حيث تقدر قيمتها بأكثر من ملياري ريال في الرياض فقط.
* الحصول على تنازل عن نصف المرافق المملوكة للمواطنين المالكين يجعل وزارة التربية والتعليم تحصل خلال شهور على تلك الصكوك كاملة وتمتلكها في خزينتها ومن ثم تستطيع إنشاء المدارس المطلوبة واستثمار الأراضي الباقية لتدر عليها عوائد سنوية ثابتة.
ورغم المعاناة التي لازمت أصحاب تلك الأراضي إلا أنهم أصابهم الإحباط حيث مضى على صدور الموافقة السامية الكريمة ما يزيد على تسعة أشهر ولم يبت في أمرهم ومن يراجع الجهات المختصة تبلغ بأنه شكلت لجنة من وزارتي المالية والتربية والتعليم ولا تزال تبحث الموضوع وهنا فإننا نستسمح المسئولين من الوزارتين المذكورتين بأن نقول إن الجهود التي تبذلها قيادتنا الحكيمة في تطوير الأنظمة والقوانين لحل جميع الإشكاليات ومنها إشكالية ملاك أراضي المرافق إذا لم يقابلها متابعة مستمرة ودقيقة لضمان تطبيق تلك الأنظمة والتعليمات وبأسرع وقت وعدم الدخول في مشكلة الروتين الإداري وضعف الأداء الوظيفي فلن يكون لها مردود إيجابي، وأعود واستسمح المسئولين من الوزارتين المشار إليهما بأن أدلي برأيي المتواضع في هذاالموضوع انطلاقاً من المسئولية ولعلهم يشاركونني الرأي بأن حل الموضوع من طرف واحد (وهو الدولة) دون إشراك أصحاب العلاقة (وهم مالكو الأراضي) لا يحقق الأهداف التي يتطلبها حل الموضوع وبالسرعة المطلوبة ويكفل للجميع وخصوصاً الدولة مصلحتها فبرأيي أن الموضوع لا يحتاج إلى هذه المدة التي ربما نتجت عن وجود اجتهادات أو تفسيرات وخلاف بين أعضاء اللجنة التي شكلت لذلك فمهمتها محددة وواضحة وهي التفاوض مع أصحاب المرافق على استملاكها من قبل الدولة بالوسائل التسلسلية المشار إليها، وهو الأمر الذي لم تشرع اللجنة المذكورة فيه رغم مضي أكثر من تسعة أشهر وهنا فإننا نناشد جميع المسئولين وعلى رأسهم سمو ولي العهد حفظه الله بتوجيه الجهات المختصة بسرعة إنهاء الموضوع وأن يحدد لذلك مدة لا تتجاوز (ثلاثة أشهر) لإنهاء التفاوض مع جميع ملاك المرافق لاستملاكها إحقاقاً للحق وخدمة المجتمع.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved