ماذا كان يعني امتلاك هاتف قبل تخصيص شركة الاتصالات؟ كان يعني بالتحديد حلماً طوباوياً بعيد وسلسلة طويلة من الاجراءات والروتين وبالطبع الوساطات للحصول على رقم هاتف، تلك الإجراءات الروتينية المعرقلة لتحقيق الخدمة المطلوبة، كثيرا ما كانت تدفع عبر أموال تدفع بالخفية ومن تحت الطاولة، لبعض صغار النفوس بغرض الحصول على خط هاتفي. جميع تلك الإجراءات الخانقة التي كانت تطوقنا كالكابوس، أصبحت الآن من التاريخ، واستبدلت بذلك الوضع خدماتسريعة وافرة منجزة في وقت مختصر وقصير.
وهذا بالضبط ما سيقيل الاقتصاد من الكثير من عثراته، ولاسيما ان اقتصادنا (الريعي) الذي يعتمد على مصدر وحيد للدخل، تنوء ميزانيته برواتب موظفي الدولة بحيث تعجز الميزانية عن تغطية الكثير من البنود أحيانا.
ولعل النجومية التي حظيت بها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة (مارجريت) تاتشر، كان مصدرها قدرتها على أخذ الاقتصاد البريطاني بمركب النجاة من هيمنة عموم الدولة، إلى عالم الخصخصة المرن الواسع في الوقت نفسه.
القضية هنا بأنه لا يمكن الانتقال إلى اقتصاد الشركات والمؤسسات دون، أن يرافق هذا عدد من الإجراءات السياسية والإدارية التي تضمن لهذا الاقتصاد النجاح والديمومة، لذا من الصعب أن ينجح الاقتصاد الحر دون أن يكون هناك شفافية كبيرة على مستوى القرار السياسي والاقتصادي تلك الشفافية التي تحمى بإعلام حر محايد وقادر على إضاءة مناطق القصور والخلل وتداركها بحيث تحمي تلك الحرية من الشرةه والجشع الذي يميز الاقتصاد الحر ورؤوس الأموال الكبيرة. على كل حال سيغدو هذا المطلب مطلبا رئيسا وملحّا في حال انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية، في ظل سوق عالمية كبيرة وقاسية البقاء فيها للأقوى وليس بالتأكيد للأصلح.
|