أصبحنا نحن العرب.. نسير في الاتجاه المعاكس لمسار الرسول صلى الله عليه وسلم. في استقبال الشهر العظيم.. وسيد الشهور.. رمضان المبارك، والاحتفاء به..
كان عليه الصلاة والسلام يبشر أصحابه بقدوم رمضان قائلاً: «أبشروا لقد أظلكم شهر عظيم.. شهر تفتح فيه أبواب الجنان.. وتغلق فيه أبواب الجحيم.. وتصفد فيه الشياطين..» الحديث.
أما نحن.. وبخاصة في العقد الأخير.. فقد أصبحنا وبكل أسف وخجل نتباشر بالبرامج المضحكة والملهية.. حتى ولو كان بعضها مخالفا للدين والأخلاق والقيم الاجتماعية المرعية.
لقد أصبحت فضائياتنا (تغص) بكل ما ينبذه الذوق السليم، والخلق المستقيم، فضلاً عن تحريمه شرعاً، ومنافاته لفطرة الله عقلاً..!
وإلا.. فماذا نسمي ظهور الرجال في برنامج (طاش.. ماطاش) كنساء (حوامل) قد انتفخت بطونهم بالحمل.. أو يحاولون الاستفراغ كعلامة (تَوَحُّم) بالحمل.. وذلك كرمز لتسلط زوجاتهم عليهم.. واستخذائهم المهين لذلك التسلط..؟!
وفي إحدى حلقات هذا البرنامج.. الناجح نصف نجاح.. والفاشل نصف فشل .. يتحول الرجل إلى (امرأة).. يتزيا بزيها في اللباس، والشعر، والحركات والاصباغ، وليونة الصوت.. يتحول الرجل إلى (رقية) المعشوقة البشعة..
ألا يخشى هؤلاء أن يقعوا تحت طائلة (الوعيد) الذي حذر منه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: «لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء.. ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال»..؟!
ألا يجد هؤلاء الممثلون أساليب وتعبيرات أكثر احترازاً من الوقوع في المحظور.. حال بحثهم عن نقد عيوب الحياة الاجتماعية..؟!
أم هم يتعمدون الوقوع فيما يمس حقائق شرعية.. أو إرادة إلهية كونية ابتزازاً لضحكات المشاهدين..؟!
إذ هم لا يجهلون موقع هذا من الدين.. كما أنهم لا يجهلون أن في إضحاك الناس بما هو محرم أو مكروه وعيداً شديداً.. كما في حديث: «ويل لمضحك القوم، ويل له، ويل له».
وإذا كانت العرب تقول في أمثالها تَحْرِيضاً على عفة النفس وحفظ الكرامة أن تدوسها الأطماع المادية «تموت الحرة ولا تأكل بثَدْيَيْها».
فأولى بنا جميعا.. ممثلين وغير ممثلين أن نربأ بأنفسنا وكراماتنا أن يكون عيشُنا وكسبُ أرزاقنا عن طرق (مُلَوّثة) بما يغضب الله جل جلاله.
شهر رمضان المبارك هو (استراحة المسلم).. من كد ونكد أحد عشر شهراً قضاها راكضاً.. لاهثاً.. في كثير من منعرجات الحياة.. ومفازاتها.. بخيرها وشرها.. لذلك جعل الله له هذا الشهر منعطفاً يجدد به حياته الروحية.. ويضاعف فيه (رصيده) المدخر للحياة الأبدية.
* * *
ومع روحانية هذا الشهر العظيم.. فهو أنس الشهور، وأجملها، وأخصبها في حياة المسلمين.. ولا يكرهه أو يحاول تمزيق لياليه بالسخافات والتفاهات.. الا من (ران) على قلبه ماكان يكسب.
وما دام كذلك فَلْنُبْقِ على قدسيته.. وشخصيته العطرة.. فلا نجرحهما ولا نؤذيهما بما يغضب ربه الذي أنعم به علينا وجعله ميدانا للتسابق إلى الخيرات وترك المنكرات.
* * *
ولعل من خصائص هذا الشهر العظيم أنَّ جُّلَّ المعارك والفتوحات الإسلامية وقعت فيه ولن تكون آخرها المعركة الحامية التي يخوضها هذه الأيام (الشعب العراقي) البطل ضد قوى الشر والطغيان، والإرهاب الدولي، والاحتلال الإجرامي لشعب لم يتعرض لأمريكا ولا لأوروبا بأي عمل يدعو لغزوه واحتلاله، بل كذبت أمريكا وبريطانيا على (العالم) حول أسلحة الدمار الشامل المزعومة.. وها هما تَلْقَيَان بعض جزائهما {وما ربك بظلام ُللعبيد }
ولئن حزن العرب والمسلمون على سقوط (بغداد) في أيدي الغزاة بفعل الكراهية والمقت الشديد لصدام ونظامه.. فإنهم يستبشرون الآن بالمقاومة الشجاعة مؤملين أن يجعل الله الدَّبْرة على أعداء الإسلام.. وما ذلك على الله بعزيز.
|