اطلعت على المجلة الثقافية التي تصدر كل يوم الاثنين مع جريدة الجزيرة بالعدد 34 الصادرة بتاريخ 2 رمضان 1424هـ بصفحات الملف ص 15 الذي يتحدث فيه الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله السالم الأمين العام لمجلس الوزراء عن المثالية وذكر أن المثالية: نزعة فردية تجسد صورة من صور التسامي في السلوك الإنساني، وأنا أؤكد فعلاً أنه يوجد في مجتمعنا مثاليات فردية، وان من هذه الفئة تأتي درجة أعمق منها تسمى النخبة هذه النخبة، تنطلق من رؤية واعية وأسوة حسنة، وهمم عالية، وأورد هنا نماذج من الأنبياء منهم أولو العزم: «نوح - إبراهيم - موسى - عيسى - محمد» بالإضافة إلى يوسف ويعقوب وغيرهم من الأنبياء «عليهم الصلاة والسلام» فهؤلاء لديهم همة في طلب العلم بالصبر عليه وهمة في الدعوة إلى الله تعالى، وهمة في العبادة والصبر عليها ولديهم مثالية في الأخلاق الإسلامية والتحلي بها.
ولو تتبعنا الرسالات السماوية لوجدنا ان رسالة موسى عليه السلام تتميز بالقوة والجلال وكان فيها القتل والقتال كشرط من شروط التوبة وفيها الشدة على بني اسرائيل، وانهم قوم لا يساسون إلا بالقوة والشدة، ولما كان هارون أخف عندهم من موسى عليهما السلام استضعفوه وكادوا يقتلونه كما قتلوا الأنبياء من قبله، فهم قتلة ومخلفو وعود وناقضو عهود.
أما رسالة عيسى عليه السلام فكانت تخفيفاً على بني اسرائيل حيث قامت على المحبة والمودة والأخلاق وليس فيها قتال.
أما رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكانت شاملة لكل الرسالات فيها قوة على الكفار وشدة، وفيها لين ورفق على المؤمنين، قال الله تعالى: {(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) }، فكان الكمال في الرسالة سبباً لرفعة أمته فحق لها أن نناطح الثريا وحق لها أن تقود الدنيا.
لقد أصاب أستاذنا السالم عندما تحدث عن المثالية وأدرك المرجعية التي قامت عليها.
إننا في زحمة الحياة المعاصرة نكاد نفقد ثقافتنا وان تسرق الأضواء، ما قرأناه عن أنبيائنا، فقد جاء في السنة المطهرة أن عدد الرسل الذين ارسلهم الله لخلقه بلغ 24 ألفاً لم يذكر منهم القرآن سوى خمسة وعشرين رسولاً {(وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ) }
وأتمنى من القارئ العزيز أن يقتني كتاب «أطلس القرآن » للدكتور شوقي أبو خليل ليعرف عن هؤلاء الرسل ال 25 فقد استعرض لعدد منهم نذكر منهم: آدم عليه السلام الذي أكدت معظم الروايات أنه نزل في الهند. عن أبي هريرة رضي الله عنه -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نزل آدم عليه السلام في الهند» كما أن ادريس عليه السلام ولد في مصر وقيل بابل، ثم هاجر إلى مصر، وكان نوح في الكوفة بالعراق أما جبل «الجودي» الذي استقرت عليه سفينته بعد الطوفان فيقع عند ملتقى الحدود السورية التركية.
وبعث هود إلى قوم عاد وظهر في الأحقاف شمال حضرموت باليمن.
وبعث صالح إلى قوم ثمود «أصحاب الرس» بمدائن صالح في العلا وتيماء جهة تبوك.
أما أبو الأنبياء إبراهيم الخليل عليه السلام فولد في مدينة كوتي جنوب العراق ونشأ في مدينة أور الكلدانية، ثم هاجر بعد محاولة احراقه إلى حران شمال جزيرة العرب ثم عاد إلى فلسطين ومصر ومكة حيث ترك هاجر واسماعيل ثم عاد إلى فلسطين ومات في مدينة الخليل.
أما يوسف عليه السلام الذي أسقطه اخوته في بئر خارج القدس ثم حملته السيارة الى مصر حيث بيع في عاصمة الهيكسوس أفاريس «صان الحجر» قرب بحيرة المنزلة.
وشعيب الذي بعثه الله إلى قوم مدين على الساحل الغربي للبحر الأحمر بين خليج العقبة شمالاً ومدينة ضبا جنوباً، وموسى الذي ظهر في عاصمة الفراعنة «الاقصر» وهرب إلى بلاد مدينة قرب عمان حيث تزوج ابنة شعيب ثم عاد لمصر ثم خرج ببني اسرائيل نحو فلسطين حيث مات في سيناء.
أما الياس واليسع فأرسلهما الله إلى أصحاب القرية «أنطاكية في لبنان» وداود وسليمان ظهرا في فلسطين وعاشا فيها كملوك واحتل داود القدس عام 1000 قبل الميلاد، وأيوب عليه السلام فظهر في أدوم جنوب البحر الميت وقيل في البثينة قرب دمشق بسوريا ويونس بعث في نينوي قرب الموصل وحاول الهجرة إلى تونس عن طريق يافا فابتلعه الحوت أثناء السفر.
أما يحيى فهو ابن زكريا عليهما السلام فظهرا في بيت المقدس وذبح في القدس وأهدي رأسه لبني اسرائيل، أما السيد المسيح فولد في بيت لحم وعاش في الناصرة، ولقمان الحكيم «ابن اخت أيوب» وقيل: «ابن خالته» وأصله نوبي من شمال السودان قال عنه ابن عباس «لم يكن نبياً ولا ملكاً ولكن راعياً حكيماً أعتقه سيده» والله أعلم.
هؤلاء نماذج المثالية وأصحاب الهمم العالية لو درس تاريخهم وعلم ماضيهم لكفى قدوة لشبابنا الذين بحثوا عن الغثاء وتركوا المعدن الصافي.
وأختتم حديثي بهمة ومثالية نساء نجحن في تربية الأولاد وطاعة الأزواج والمحافظة على طاعة الله عز وجل وأوامره ونواهيه فنذكر آسيا بنت مزاحم ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد -صلى الله عليه وسلم- ولن ننسى مثالية وهمة الصديق أقوى الهمم في الأمة ثم الفاروق ثم بقية الخلفاء.
لقد بكى موسى عليه السلام:
وقيل: إن سبب بكائه هو علمه ان غلاماً بعث بعده يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمة موسى» ويدل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- «أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قالوا بلى رضينا، أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة قالوا بلى رضينا. أترضون أن تكونوا ثلثي أهل الجنة ثم قال: إن أهل الجنة مائة وعشرون صفاً، ثمانون صفاً منهم من أمتي».
نفع الله بكلامي وجعله خالصا لوجهه الكريم.
حمد بن عبد الله بن خنين - الدلم
|