|
|
أعرف معماري لديه عم صاحب مكتب عقاري وكان رجلا مسنا طويل اللسان ويتاجر في عملية بناء العمائر السكنية وبيعها، طلب العقاري من المعماري تصميم عمارة سكنية على شكل صندوق بمساحة محددة فيها استغلال لكل ملليمتر مربع، والطامة الكبرى ان عمه لم يشتر الأرض التي ستقام عليها العمارة بعد!!.. فقال زميلي: لا يمكن يا عم تصميم مبنى من دون أرض لأن الأرض قد تكون على شارع جنوبي أو شمالي أو غربي وهذا بالتأكيد يؤثر في توجيه المبنى والشبابيك و.. فقال العقاري صمم حسب رغبتي ودع عنك الفلسفة، وأعلم يا بني بأني «رجال ابستثمر ما نيب ساكن».. فقال: ولكن يا عم المسؤولية المعمارية تمنعني من ممارسة المهنة بشكل خاطئ، لأن الذين سيسكنون بشر مثلك، وواجبي الاهتمام بالجوانب النفسية لهم، ولا يصح اهمالها لتوفير الأموال، ثم إن.. فأوقفه العقاري صارخاً: «أنت ما فيك خير وألف غيرك يخدموني..»، يقول المعماري: فاعتذرت له وقبلتُ أنفه وصممت له عمارة سكنية حسب رغباته التي يعتقد انها اقتصادية، ومع الأسف تنازلت عن مبادئ إنسانية معمارية مهمة لارضاء عمي، وكان التصميم سيئاً وبه عيوب معمارية كثيرة أعرفها واخبرته بها، ووضحتُ له مدى تأثيرها في شعور السكان، ولم يقتنع، فقلت: كما تريد عمي، المهم عندي رضاك.. صنف نقاد العمارة المعماريين إلى ثلاثة أصناف: الصنف الثاني هو المعماري المادي الذي يعطي الزبون ما يريد وان كان يريده خطأ، والمهم عنده أخذ أجرته وارضاء زبونه وشعار هذا المعماري (Give them what they want) أي: أعط الزبائن ما تريد.. وهذا النوع من المعماريين خطير وعار على مهنة العمارة.. والصنف الثالث هو المعماري المتغطرس وشعاره (Give them what I want) أي: أعط الزبائن ما أراه أنا المعماري.. ويعتقد هذا المعماري ان الزبون لا يفهم وليس من شأنه التدخل في التصميم وهذا النوع من المعماريين أيضاً على خطأ كبير.. وأما الصنف الأول فهو المعماري الحكيم الواعي الذي شعاره (Give them what We want) أي: أعط الزبائن ما نريد نحن «المعماري والزبون» بمعنى حقق رغبات الزبون وحقق رغباتك كمعماري من حيث الإبداع وإبراز المواهب التصميمية.. واحترم الزبون وأشركه في عملية التصميم لأنه صاحب المبنى ويعلم أموراً لا تعلمها أنت أيها المعماري، كما تعلم أنت أموراً لا يعلمها الزبون، وقد أثبتت الدراسات ان أنجح التصميمات هي التي يتعاون فيها الزبون مع المعماري ويفهم بعضهما بعضاً جيداً.. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |