* يطالب مدرس اللغة الإنجليزية، من طفل، ان يحل تمارين عشرات الصفحات في عطلة الأسبوع، وهي تمارين متنوعة، منها: جمل متقاطعة، املأ الفراغات، وأمثال ذلك.. ومن المحقق ان طفلنا لا يستطيع أداء هذه المهمة الصعبة،
غير انه يجنح إلى أمه وأبيه، أو إخوته الأسن منه، وهم ان ساعدوه وحلّوا له هذا الواجب الصعب، فإنه لم يفهم بعد ليحل بعض هذا الواجب، والنتيجة في الامتحان، ان نصيبه صفر ، ومع ذلك ينجح، لأن المدرسة تريد إفراغ ما فيها لتستقبل أفواجاً جديدة من التلاميذ .!
* المدرس في تقديري، لا يقدر ولا يدرك قدرة التلميذ، ونحن نعلم، ان المدرس في البلاد المتقدمة، حين يتخرج في الكلية، يتلقى دروساً من أساتذة كبار عبر منهج دراسي، كان أيام زمان مدته عامان، وعنوانه: «كيف تعلم».. أقول ولا أبخس المدرس الواعي المخلص، انه يدرك ثقل عبء التكليف للتلميذ، ولو عاتبته أو حاورته، لقال لك بمنطق الواقع: أنا لست مسؤولاً، ولكن اسأل المنهج المقرر، قياس على قول أبناء يعقوب عليه السلام: «واسأل القرية».. المدرس يعني: «اسأل الوزارة التي قررت هذا الكم، ورجالاتها الدكاترة المسؤولون عن المناهج التعليمية، يدركون أولاً يدركون قدرات التلميذ، أم أن المسألة تكديس مقررات، ولا يهمهم النتائج.! وأنا أشفق على الطالب من هذه السلبية والتسيب، ولن أنسى الأمانة التي تحملها كل إنسان في اختصاصه، كيف يحافظ عليها، وكيف يؤديها، وهو مسؤول اليوم وغداً !؟ اللهم رحمتك .!
* قرأت ألفاظاً في مقرر الإنجليزية على تلاميذ السنة الرابعة الابتدائية، فوجدتها أكبر من قدرة التلميذ.. ولو كان لي من الأمر شيء، لخفضت هذا المقرر إلى أقل مستوى، في كتاب واحد، يبدأ بالحروف الأبجدية، ثم تقدم إليه كلمات يسيرة بسيطة، يستطيع فهمها وحفظها ونطقها، ثم كتابتها، وينجح فيها في منتصف العام الدراسي أو في نهايته.!
* فإذا كان مقرر الإنجليزية لمنتصف العام الدراسي كتابان، لن يستطيع التلميذ الطفل فهمها وهضمها، وبالتالي لن يستفيد من هذه اللغة، التي قررت على المرحلة الابتدائية، طمعاً في انها ستجعل شيئاً من توازن وجدوى، لأن أبناءها ليس لهم مستوى يذكر في دراستها، ولم تفضل الوزارة ببحث العلة والخلل، ثم تعالجهما كما ينبغي، ويحلو لي ان أكرر المثل السائر: «اتسع الخرق على الراقع».!
* لقد شاهدت تلميذاً، هو سبطي، بدأ في تلقي الإنجليزية منذ بدء العام الدراسي الجديد، أي منذ أقل من شهرين، رأيت هذا الطفل يبكي، لأنه لم يفهم الدرس، ولأن المعلم النجيب طلب منه، ما هو فوق طاقته، ورأيت الطفل يكره الدرس الإنجليزي كرهاً شديداً ولا يطيقه .!
* ولو كان تعليمنا سليماً معافى، لقدمنا هذه اللغة إلى التلميذ على نمط نحببها إليه، من خلال ما يحب ان يعرف ويقدم إليه، عبر إحساسه واهتماماته، في كلمات سهلة مما يستعمل ويعيش، وما يلعب به من أدوات، وما يحب من أكل «حلاوة» ومغريات، ليقبل على هذه المادة الجديدة الغريبة، برغبة من خلال المشوقات .!* إن التعليم يا سادة، ليس تكديس كتب، جمعت كيفما اتفق، ليملأ بها عقل الطفل، وفيها المنفر من كثرته وصعوبته، ومبدأ كيف تعلم، وما ينبغي ان يقدم للطفل وللطالب بعامة، شيء أساسي، يعرفه علماء النفس، وعلماء الاجتماع، والعالمون بسبل التعليم الناجح، الذي يفيد ويحقق الأهداف المرجوة بالتعليم .!
* إنني أتساءل: من لنا بمن يعين ويقدم ما ينفع ويرفع من المستوى، وكل يوم نقرأ ما يقال ويعلن: إننا سنطور التعليم ونرتفع بمستواه، غير ان النتائج لم تزد عن كونها حبراً على ورق! فلماذا نقول ما لا نفعل، ونزمع أننا قادرون وفاعلون .! ولقد قال خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم -: «لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية» فهل فينا ملتزمون بهذا التوجيه النبوي الكريم، أم أننا بعيد عنه!؟ والله المستعان.
|