* أضْحتْ مأساةُ الحادي عشر من سبتمبر 2001م وجْهيْنِ لعُمْلةِ التاريخ الحديث، تُوسَمُ بهما أحداثُه ب«قبل» أو «بعد»، وبسببها، فُتِحت النارُ على الإسلام:
ديناً واتباعاً وشعائرَ وخطاباً، داخل أمريكا وخارجها، وكانت إسرائيلُ وما برحت الحاصدَ الأكْبَر ل«جوائز» ذلك «الكرنفال» الإعلامي المدجّجِ بالباطل!
***
* وتزامنَ هذا الحدث المأسويُّ مع وقائعِ انتفاضةِ الأحرار في فلسطين، حيث تمكنت قُوىَ القَمْع الصهيوني من توظيفِ سحابة العداء ضدّ كلِّ ما هو عربيّ ومسلم لتَتخذَها ذريعةً تُمطر بها الأبرياءَ ناراً ودماراً، ب«مباركة» ظاهرةٍ ومسْتتِرةٍ من لدن دوائر القرار السياسي في أمريكا وبعض دول أوروبا. والحقُّ أنّ إسرائيلَ، كانت قبل الحادي عشر من سبتمبر تواجُه مأْزقاً سياسياً وعسكرياً في تعاملها مع انتفاضة الإنسان الفلسطيني، وجاء الحدَثُ الإرهابيُّ الغاشمُ في كلٍّ من نيويورك وواشنطن ليمنحَها في طَبقٍ من ذَهب «علاجاً» لمحنتها في فلسطين، ولتزدادَ به ضَراوةً وظلماً!
***
* من جهة أخرى، لم يجدْ المناوئُون للمسلمين والعرب في بعض دوائر القرار السياسي والعسكري في أمريكا حَرَجاً في توظيف أحداث الحادي عشر من سبتمبر للنيل من قُدسية الدين وكرامة اتباعه، وراحت أوعيةُ الإعلام الغربي، مسموعة ومقروءة ومرئية، تكيلُ الكيد كيلاً ضدّ مبادئِ ورموزِ الهوية الإسلامية والعربية السَّالفِ منها والحديث، وعاشتْ دوائر الخبثِ الصُّهيوني في تل أبيب «عُرساً» من النشوة، ابتهاجاً بما حَدَث، مستثمرةً انشغالَ العالم بتداعياتِ الحادي عشر من سبتمبر.. وردودِ الفعل المذْعُورة التي تلتْ ذلك، لتعيثَ في الأراضي الفلسطينية قتلاً ودميراً وفساداً، معتبرةً «سكوت» واشنطن عن عُدْوانها المريع على الأرض والإنسان في فلسطين ضَوْءاً أخضر «يبارك» فِعْلها، ويؤيده ب«الفيتو»!
***
* وفي الوقت نفسه، تَعالتْ أصواتٌ في الشرق والغرب تبرئُ الإسلامَ مما نُسِبَ إليه ظُلماً وعدواناً، وأنّ ما فعلته شرذمةُ الإرهاب في الحادي عشر من سبتمبر لا يمثل قدسيةَ الدين الإسلامي ولا أخلاقياتهِ وُمثلَه، وإنْ حاول صَانعُو هذا الفعل الإجرامي «انتحال» هُويةِ الإسلام ليواروا بها سوءاتِهم!
***
* آخرُ هذه الصيحاتِ جاءتْ من عقْر دار إسرائيل نفسها قبل حين على لسان وزير الصناعة والتجارة، أيهود اولمرت، في حكومة السفاح شارون، إذْ بثَّ القسمُ العربي في إذاعة إسرائيل تصريحاً لهذا الوزير قال فيه إنه «لا يَرىَ في الدين الإسلامي مصدراً لانطلاق التنظيمات الإرهابية، وأنه لم تكن الديانةُ الإسلامية أبداً مرتعاً خصباً للإرهاب»، وأضاف الوزير الإسرائيلي «... أن مجموعات إسلامية متطرِّفة في العالم تستغلَّ الإسلامَ وتعملُ على تَفْسير الدِّين كما يحلوُ لها(*)»!
***
* وبعد:
فلم يكن الإسلامُ في حاجة إلى مثل هذه الشهادة من غير أهله، ناهيك بسواها من قادة الرأي والسياسة في أرجاء الأرض، فالإسلام عزيز منذ كان، وسيبقَى عزيزاً بإذن الله حتى يَرثَ الله الأرض ومَنْ عليها، ولا بدّ في كل الأحوال من التمييز بين مُثُلِ هذا الدين وقيمه وأخلاقياتهِ وبين ما يفعله السُّفهاء المنتمون إليه، وهذا أمر شهد به الكثيرون، من مثل الوزير الإسرائيلي سالف الذكر وسواه!
***
(*) نشرة وكالة الأنباء السعودية اليومية، ص1، 13 أكتوبر 2003م.
|