ما أجملَ هذه الأبياتَ وما أصدق قائلها! لِمَا فيها من المعاني العميقة والتوجيهات الصادقة. فكلما قرأ المسلمُ هذه الأبيات، زاد شوقُه إلى الله تعالى، وإلى جنة الخُلد، حيث النعيم الأبدي. إنها هَمَسَاتٌ دافئةٌ للسائرين في طريق الجنة.. إنها زادٌ للراحلين بزاد التقوى: {وّتّزّوَّدٍوا فّإنَّ خّيًرّ الزَّادٌ التَّقًوّى}، إنها مَعَالِمُ في الطريق للَّذين أقبلتْ عليهم الدُّنيا بِجَاهها وزُخرفِها، فطلَّقُوها واختاروا الآخرة، وعلِمُوا أن الدُّنيا دارُ بوار، وأنَّ الآخرة هي دار القرار. وعلِمُوا أنَّ ما عند الله خيرٌ وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.
مِنْ أخلاق القُرآن..
بركاتُ رمضان كثيرة على الأمة، ونفحاته مُهَيَّاةٌ للمسلمِ الموفَّقِ صباحاً ومساءً، فلماذا لا تجعل أيها الأخ المبارك من هذه الأيام مبادرةً منك في العفو والصفح عمَّن ظلمك أو أخطأ في حقِّكَ، أو أساءَ إليك، فإنَّ العفو من مكارم الأخلاق، وهو صفةٌ حميدةٌ ترفعُ من مكانتك في الدنيا والآخرة. والعفو يزيل الأحقادَ والتنافرَ والكراهيةَ، ويدعو إلى المحبة والأُلفةِ والتسامحِ.
وهو طريقٌ لِكَسْبِ القُلوبِ، والتقرُّبِ إلى علام الغيوب: {فّمّنً عّفّا وّأّصًلّحّ فّأّجًرٍهٍ عّلّى الله إنَّهٍ لا يٍحٌبٍَ الظَّالٌمٌينّ}. والعفو طريق العزِّ والكرامة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاثةٌ أقْسِمُ عليهنَّ: ما نَقَصَ مالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، ولا زادَ الله عبداً بعفوٍ إلا عِزَّاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رَفَعَهُ». ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا هريرة عليك بِحُسْنِ الخُلُق». فقال أبو هريرة رضي الله عنه: وما حُسْنُ الخُلقِ يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ، وتعفو عمَّن ظلمك، وتُعطي مَنْ حرمك»..
إنَّها توجيهاتٌ ودروسٌ تربويةٌ من هادي البشرية محمدٍ صلى الله عليه وسلم..
فَهَلُمَّ أيها المتخاصمون والمتشاكسون.. هلُمَّ إلى العفو والتسامح والصفح.. لنبدأ عهداً جديداً عامراً بالمحبة والمودة والإخاء..
والله من وراء القصد..