في صباح يوم الخميس 13/8/1424هـ توجهنا من محافظة حريملاء إلى مدينة تمير الواقعة في شمال غرب مدينة الرياض على بعد 140 كم تقريبا بدعوة كريمة من اسرة آل خريف لحضور اللقاء الثالث لعائلة الخريف السنوي وكان في استقبالنا الشيخ عبد الله بن ظاهر الخريف في ذلك الصباح المشرق، كما استقبل الجموع القادمة من الرياض، ومن مدينة جلاجل، ومدينة رغبة، وحريملاء، مُهليا ومرحبا بالجميع، والبشر يطفح على محيا كل شخص من الحضور ابتهاجا بهذا اللقاء الاسري الذي يضم الكبار والصغار.
وكان مقر الاجتماع في مزرعة الشيخ الراحل ناصر بن عبد العزيز الخريف - رحمه الله - الذي حزن الحضور على غيابه وتعذر حضوره معهم لبعده واستحالة مشاركته اياهم في افراحهم وايناسهم:
مُجاور قوم لا تزاور بينهم
ومن زارهم في دارهم زار هُمّدا |
فمكانه - رحمه الله - دائما ملتقى للأحبة، وقاصد البلد من الزوار.. لمكانته العلمية والادبية، وطيب المعشر، وكرم الضيافة وربما يستحضر البعض منهم هذا البيت مرددا له قائلا:
يعز علي حين أدير عيني
أفتش في مكانك لا أراكا |
فكل انسان يتصف بصفات حميدة يبقى ذكره خالدا في النفوس على مر الاجدّين، وان خلا مكانه منه، ولقد أجاد الشاعر حيث يقول:
وأحسن الحالات حال امرىء
تطيب بعد الموت اخباره
يفنى ويبقى ذكره بعده
اذا خلت من شخصه داره |
كما ان عميد الاسرة حاليا الشيخ عبد الله بن ظاهر يتمتع بمزايا خاصة، متصفا بدماثة الخلق وبكريم الشمائل وحلو الحديث، والرواية، مطعما ذلك بكثير من الشواهد الشعرية، وبحفظ الكثير من القصائد النادرة والمشهورة معا، فحديثه لا يمل..
وبعد تكامل الحضور بدأ حفل الاسرة بآي من الذكر الحكيم رتله محمد بن عبد الرحمن الخريف، ثم القى كلمة اهالي تمير الشيخ ظاهر بن عبد الله الخريف شكر فيها جميع الحاضرين على تلبية الدعوة وحضورهم، وهي كلمة ترحيبية وافية، فأعقبه الشاب الشاعر عزام عبد الله الخريف بقصيدة قوية المعنى قوبلت بالاستحسان حث في ثناياها المبادرة والاسراع بانشاء صندوق خيري لاسرة الخريف، ثم ارتجل الشيخ ناصر بن محمد الخريف فالقى كلمة اهالي حريملاء عبر فيها عن سروره وغبطته في استمرار التواصل بهذا الملتقى الاسري اوضح فيها مزايا التآلف والتقارب بين الاقارب والاسر، ففيه تقوية لاواصر المحبة والتواد، وقد حث الآباء على حسن تربية ابنائهم التربية الحسنة، والحاقهم بحلقات القرآن الكريم التي تعقد في كثير من المساجد، فالقرآن اذا سكن الصدور اضاءها بنور الايمان، فأعقبه الشيخ عيسى بن محمد الخريف بكلمة اهالي جلاجل، وقد افاض فيها حاثا على التمسك بأهداب الشريعة المحمدية ومتابعة أبنائهم، وتوجيههم التوجيه السليم، ومؤكدا على المبادرة في تحقيق صندوق اسرة آل خريف فتحقق ذلك - بحمد الله - في نهاية الاجتماع فافتتحه مجموعة من ابناء عبد الله بن ابراهيم الخريف بنصف مليون مشاركة مبدئية وتم اختيار ممثلين عن الاسرة في كل بلد.. وكلمة مدينة رغبة ألقاها الاستاذ محمد بن ابراهيم الخريف حث فيها اولياء امور الجنسين بالنصح لهما وبالتخلق بالآداب المثلى والسلوك الحسن في الملبس ولباس الحشمة لشقائق الرجال ولاسيما عند خروجهن من منازلهن بصفة عامة.. وبعد ذلك أومأ الشيخ عبد الله ابو ظاهر بالاتجاه الى مائدة الغداء الكبرى، وبعد تناول طعام الغداء قمنا بجولة داخل المدينة الجديدة، وسررنا كثيراً من النهضة العمرانية والمنشآت الحكومية العامة التي شملت انحاء المدينة، فأنت حينما تسير في بعض الشوارع العامة هناك وتسرح النظر في ارجاء البلاد تحس وتخال كأنك في وسط احدى المدن الكبرى، فهي تكاد ان تكون كاملة التشكيل في توفر الخدمات للمواطنين، ومع ذلك يرجون المزيد من الاحتياجات الاخرى كتوسعة الوصلة المتفرعة من الطريق العام بمسارين الى مدينة تمير في حدود 18 كم حفاظا على ارواح سالكيه، وتخفيف اسباب الحوادث المتكررة في ذلك الطريق الضيق.. كما لاحظنا نشاط البلدية في نظافة البلد وتنسيق الحدائق الجميلة المنتشرة في كثير من الاحياء والميادين.. والطرق الرئيسية فمظهرها مظهر حضاري.. ومدينة تمير تمتاز بموقعها الجغرافي فهي متربعة على ارض شبه جبلية تطل وتنظر من بعيد على كثير من الرياض والسهول: مثل روضة الشعب، وروضة الحقاقة وروضة نورة، وفلوات الشوكي وسائر المراعي والمنتزهات المتاخمة لها، كما ان موقعها موقع تجاري هام حيث انها ملتقى للبوادي وتبادل المنتجات والمصالح العامة بينهما:
الناس للناس من بدو وحاضرة
بعض لبعض وان لم يشعروا خدم |
ثم طفنا بالأحياء القديمة التي تهدم معظم مبانيها ورحل عنها بانوها.. واخذنا نطوف في ازقتها الضيقة مستحضرين عظمة الخالق بأنه هو الباقي وحده، وانها وبناتها مصيرهم الى الزوال وان تطاول بهم الزمن، ولقد صدق ابو الطيب المتنبي حيث يقول:
تتخلف الآثار عن اصحابها
حينا ويدركها الفناء فتتبع |
اما بعض القلاع والابراج فهي ما زالت باقية تصارع هوج الرياح وهطول الغوادي تلوح بمآثر بانيها:
لم يأخذ الليل منها والنهار سوى
ما يأخذ النمل من اركان شهلان |
ويقول الآخر:
سل الأيام عن امم تقضت
ستخبرك المعالم والرسوم! |
وقبل دنو الشمس للمغيب غادرنا مدينة تمير شاكرين ومقدرين لبني عمنا كرم الضيافة وحسن الاستقبال.
|