قد يكون لرمضان قدسيته، وهذا شيء أكيد، لكن البعض لا يطبق هذه القاعدة، ذلك أننا لو نظرنا إلى احترام «الدوام» الذي يأتي باحترام الناس الآخرين، فعدد ساعات العمل في رمضان المبارك لا تتجاوز الساعتين أو الثلاث ساعات، ومن هذا توجد قناعة لدى البعض من الموظفين بأن رمضان ليس موعداً مع العمل، بل هو مشوار قصير مع الكسل والخمول والنوم، وهذه الناحية استبعدها الإسلام تماما، ودلل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه على أن رمضان هو شهر العبادة والعمل، أي يجب أن نزيد فيه نسبة ساعات العمل، والعكس لدينا هذه الأيام، وهو ما يؤسف له.
ثمة ظاهرة أخرى تكثر في رمضان المبارك وهي ظاهرة الاستسلام للضجر والتأفف من قبل البعض تجاه الوضع، والواقع الذي يفرضه الموقف، كل شيء، فالمراجع إذا لم يصبر ويتأدب إلى أبعد الحدود سوف يلقى أسوأ الشتائم؟! والمشتري إذا لم يقف عند حدود معينة في الاستفسار أو الأخذ والعطاء مع البائع سوف يلقى مصيراً أسود لقاء تهريجه، والعامل أو الموظف إذا لم يقف دون كلمة أمام البعض من رؤسائه فسوف ينال جزاء صارماً.
لقد تعلمنا من حكمة هذا الشهر الكريم أن نصبر، وأن نعمل، وأن نكرس جهدنا في أداء الواجب، وتقديم الواجبات الدينية الأخرى، حتى «المعلم» فقد صبره أمام الطلاب فأخذ كرسيا وانتحى جانباً لكي ينام، وأي إزعاج من تلامذته سوف يندمون على ما يقدمون عليه.
إن واقعنا أصبح أشد إيلاماً عندما فقد البعض حساسية الزمن، واحترام الآخر، وتقدير دور المسؤولية، فالعبادة هنا كالجهاد، أو هي بمثابة جهاد النفس والذات لنتعامل مع الغير، والجهاد ما هو إلا نوعية من هذا العمل وللدراسة، والبحث، والتعلم، والتأمل، وكسب الرزق، والإسلام وضع أسساً وقواعد متينة للزمن، وللزمن مقياس للأمم في تعاملها، وفي أخلاقها وفي تصرفاتها، لذلك فالأمم والشعوب الأخرى تحترم هذا الدين لأنه مكسب للناس علمهم أساسيات الأخلاق الفاضلة، ويكذب من يقول غير هذا؟! والدليل على ذلك كيف كانت تحترمنا شعوب العالم قبل الحادي عشر من سبتمبر؟! وبما أننا مسلمون، والإسلام مفخرة لنا، وأيضاً لاقتداء الناس الآخرين صرنا لآلئ وسط تراب وأحجار لا معنى لها.
ورغم هذا الوضع، والأحداث غير المتوقعة نريد من الناس لدينا أن تدرك كيفية تنفيذ العبادة، والجهاد الذي هو من أساسيات العمل حتى في هذا الشهر الكريم، فهل نقوم بواجباتنا في أفضل أوجهها؟!
|