معايير المحاسبة والعقاب

مع الاستبعاد المتعمد لدور الأمم المتحدة تفضل الولايات المتحدة أن تضع بنفسها المسوغات التي تتيح لها محاسبة الدول ومعاقبتها.
وفي الحالة السورية تحديداً فإن التوجهات الأمريكية تتلاقى والرغبة الإسرائيلية القوية في تدمير سوريا، مثلما هي الرغبة الإسرائيلية في تدمير أية قوة عربية فاعلة، حيث تهلل إسرائيل الآن لما يجري في العراق، ويرسم أعوانها في واشنطن الخطوط العريضة لتنفيذ السياسات المتشددة تجاه العراق.
وعلى كلٍّ فالتنسيق بين السياسات الأمريكية والإسرائيلية هو دائماً في أعلى درجاته، فعندما ضربت إسرائيل العمق السوري قبل أكثر من شهر بزعم وجود جماعات إرهابية، فإن واشنطن نظرت إلى الأمر باعتبار أن لإسرائيل الحق في حماية أمنها بالطريقة التي تراها.
وحالياً واتساقاً مع الضغوط الإسرائيلية على سوريا فإن الولايات المتحدة تستعد لتطبيق قانون محاسبة سوريا وتقول واشنطن إن ذلك القانون قد لا يكون نهاية المطاف بالنسبة لمعاقبة سوريا إذا هي واصلت دعم الإرهاب، وفقاً لما تقوله واشنطن وتهديد المصالح الأمريكية.
وتشمل قائمة الاتهامات الأمريكية لسوريا سعيها للحصول على اسلحة الدمار الشامل وعندما رَدَّت سوريا بالقول إنها مستعدة لتوقيع معاهدة بعدم امتلاك مثل هذه الاسلحة قوبلت هذه المبادرة بالصمت لأن إسرائيل المجاورة لديها 200 قنبلة نووية جاهزة للاستخدام ومع ذلك فلا أحد يعاقب إسرائيل على كل هذه الترسانة، كما أن إسرائيل ترفض عدم التوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي وترفض إخضاع منشآتها النووية للتفتيش.
سوريا متهمة أيضاً من قِبل الولايات المتحدة بعرقلة محاولات السلام من خلال مواصلة تقديم الحماية للتنظيمات الفلسطينية المتطرفة، كما تقول واشنطن، وهي المنظمات التي تعمل على احباط رؤية الرئيس الأمريكي لإقامة دولة فلسطينية.
وينطبق هذا الاتهام بحذافيره على إسرائيل التي ما فتئت تضع العراقيل تلو الأخرى حتى أمام خطة خريطة الطريق التي ترعاها الولايات المتحدة، وهي التي تُقيم الجدار العازل وتستمر في اقتطاع أجزاء كبيرة من الضفة الغربية وتبني المزيد من المستوطنات وتقتل الفلسطينيين صباح مساء.
إن المعايير الأمريكية للحساب والعقاب يجري وضعها لتلائم التطلعات الإسرائيلية وبما يتيح إخراج دولة عربية أخرى فاعلة من حلبة الصراع ضد إسرائيل.