في رأيك.. ما هو السبب العلمي الذي دفع بالعامة إلى أن تشتق مثلها المعروف القائل نصه: «اذكر الحصان ولم العنان».. أي جهّز وأعد له العنان كناية عن حتمية قدومه..؟ ومثل ذلك.. لماذا صاغت العرب أمثالاً من قبيل: «إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا.. إذا ذكرْت الذئب فالتفت.. اذكر غائباً تره..» ونحو ذلك ؟!.. بل هل حدث لك ان فكرت في فرد ما أو كنت في خضم التفكير فيه وفجأة يرن هاتفك لتجد هذا الفرد متصلاً عليك أو ما شابه ذلك كأن تجده هو «بشحمه ولحمه !» يقرع عليك باب منزلك ؟.
بل هل سبق لك ان رأيت مسماراً أو آلة حادة في مكان قريب من سيارتك فتحاشيت المرور فوق هذا الشيء، غير انك لاحقاً فوجئت بإحدى عجلات سيارتك قد «بنشرت» بسبب أحد المسامير الذي غرز في جوف هذا الإطار؟ وأخيراً «عمرك!» سولفت بشيء ما.. مخيف هذه المرة لتجده «يتندح!» بالقرب منك.. وليكن على سبيل المثال عقرباً أو ثعباناً أو ما شابه ذلك؟
إن كل هذه الأحداث يجمعها مفهوم ما يعرف علمياً ب «التزامنية».. أي بتزامن حدثين بطريقة مشابهة لما تم افتراضه آنفاً، ولا يخفى عليك هنا أنني قد بذلت غاية جهدي لغرض تبسيط هذا المفهوم وتقريبه إلى ذهنك وإلا فهو في حقيقته أعقد من ذلك بكثير، وهو لا يقتصر على ما يقع على منوال الأحدث المستعرضة سابقاً فقط بل يشمل أيضا كافة ميادين ومجالات الحياة بظواهرها «الطبيعية والبشرية»، ويدخل هذا المفهوم ضمن ما يعرف بالميتافيزيقا أو ما وراء الطبيعة.. مما محوره الظواهر الخارقة للمألوف.. الغامضة والعصية على الفهم علمياً. وفي الحقيقة لا يزال العلم حتى الآن عاجزاً عن تفسير مثل هذه الأحداث ومن أسباب ذلك «هشاشتها» من وجهة نظر منهجية «السبب والنتيجة» المعروفة علمياً، فمما يؤكده المنطق السببي ان هشاشة الشيء قد تعقد أحياناً عملية تفسيره.. بمعنى ان ضآلته تطيل أمد غموضه إن لم تزده على غموضه غموضاً.
في الختام.. هل سبق لك ان استلمت النكتة الجوالية القديمة نسبياً القائلة بأن عجوزاً قد ذهبت إلى أناس لتعزيهم فماتت عندهم؟!.. ما السر في رأيك وراء طرافة هذه النكتة رغم ما فيها من سياقات موت محزنة ؟.. أعتقد ان سر طرافتها يكمن في تزامنية الموت فيها.. فأحياناً حينما يعجز العقل الإنساني عن فهم ما يقع حوله يلجأ إلى تخفيف قلقه عن طريق تحويل ما غمض عليه إلى نكتة طريفة تخفف الحزن رغم حزنها.
.. إنه إذن المضحك المبكي.. حين يتزامنان بالحدوث ..
|