Saturday 1st november,2003 11356العدد السبت 6 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

حدثان فريدان: مؤتمر لحقوق الإنسان.. وإجراء انتخابات في المملكة حدثان فريدان: مؤتمر لحقوق الإنسان.. وإجراء انتخابات في المملكة
د. إبراهيم عباس نَتُّو*

يوم الاثنين، 17 من شعبان 1424هـ، 13 من أكتوبر 2003م.. هو يوم جميل في تاريخ المملكة العربية السعودية، وهو يوم تاريخي يلزم تهنئة كل الناس به في بلدنا الحبيب، ..مواطنين وقادة!
ولقد جاء الحدث في ذاك اليوم المشهود مزدوجاً: كان أوله عقد أول مؤتمر لحقوق الإنسان..انطلق في مركز الملك فهد الثقافي في حي العليا في مدينة الرياض، وكان رائد حفل افتتاحه يوم الاثنين مساءً هو سمو وزير الداخلية؛ وشمل برنامجُ المؤتمر 8 جلسات عمل ل 39 محاضرة على مدى يومي الثلاثاء والأربعاء.. بمشاركة متحدثين من داخل البلاد وخارجها، بما فيهم 5 نساء سعوديات.
وكان قد شفع ذلك إعلان إقرار إقامة مجالس بلدية بالانتخاب في المملكة، وأشار نبأ يوم الاثنين، ذلك النبأ الوَضَّاء، إلى أن الانتخابات البلدية ستتم في 14 منطقة محلية في كافة أنحاء البلاد؛ وانه سيبدأ مباشرة في الإعداد للقيام بكافة الاستعدادات اللازمة والذي أتصوره هو أن تشمل تلك الاستعداداتُ تجييش وتهيئةَ وتدريبَ العدد اللازم من العاملين والعاملات من المنظمين والمنظمات لتحقيق ذلك الحدث العظيم في انسيابية وفاعلية وشفافية ويسر..(على نسق ربما يشابه المجهودات التي تمت حين إجراء أول تعداد للسكان مع الخطة الخمسية الأولى للتنمية في المملكة).
وجاء في الخبر أن الانتخابات ستتم في حدود عام واحد من الآن. وأنتظرُ أن تستخدم مستقبلاً تلك الاستعدادات كبوتقة تدريبية وتهيؤية نحو انتخابات الدورات التالية (المحلية منها والأخرى المأمولة على مستوى كامل الوطن، وعلى مستويات أعلى.)
وأنتظرُ أن يساهم الشعب بكافة فئاته، على طريقة ومبدأ (صوت-واحد- لكل-انسان-واحد) وربما بأعمار انتخابية من فئة 18 سنة من الجنسين؛ أو أقلها من فئة21.. كما هو قائم في معظم دول الخليج (بخلاف دولة إيران الإسلامية، حيث سن التصويت -للرجال وللنساء على حد سواء- هو 16 عاماً.)
كما أتى -في نفس ذلك الاسبوع- تصريح مبارك آخر من سمو وزير خارجية المملكة العربية السعودية خلال حضوره مؤتمراً عاماً في ولاية مِشِيگَن (ميشيغن) في الولايات المتحدة الأمريكية..أنه سيتم (خلال السنة) تعيين النساء السعوديات في البعثات الدبلوماسية («البعثات الدبلوماسية» عادة ما تشمل: مكاتب ومرافق السفارات،الملحقيات، القنصليات، ممثليات الغرف التجارية-المشتركة، وما شابهها).
وأثناء حضور سمو وزير الخارجية مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية ..المهيئ لعقد القمة العاشرة لدول منظمة الدول الإسلامية، في پوتراجايا /كولا لمپور، في مملكة ماليزيا، في 15-17 من أكتوبر 2003م،. صرح سموه لمندوب الأسوشيتيد پريس: «ان قادتنا في المملكة العربية السعودية لا يقومون بتجارب فيما يخص مسألة الانتخابات، بل هم يقومون بتنفيذ رغبة مواطنيها؛ ومن المؤكد أننا بلغنا مرحلة من النمو والتنمية بحيث أصبحت مشاركة مواطني المملكة العربية السعودية هي مسألة مطلوبة». وأضاف سمو وزير الخارجية بأن هذه العملية الإصلاحية التي أذن بها سمو ولي العهد هي بداية لتوسيع مشاركة المواطنين في نظام الحكم والسياسة.» (مترجم)
إني أشد على يد قادتنا في المملكة العربية السعودية لإرساء دعائم الديموقراطية ودعم مقومات مزيد من الحرية والسواسية والإخاء بين الرجال وشقيقاتهم النساء، وترسيخ مقوماتِ منظومةٍ مؤسساتيةٍ في الحياة العامة في البلاد.
على أنه من نافلة القول، ان «التصويت» - رغم أنه من أبسط حقوق الإنسان (.. بغض النظر عن ذكورية هذا الإنسان أو أنوثيته، أو مستوى ثقافته -أو حتى عدمها- أو مستوى فقره أو غناه، أو تبعيته وخلفيته الاجتماعية الحضرية أو البدوية، أو كونه من «العِلْية» أو كونه من «السواد الأعظم» المبهم، فإن «التصويت» في حد ذاته ماهو - في نهاية المطاف - مجرد «خطوة» و«عملية إجرائية»، حتى في أعرق وأرحب المجتمعات الحرة الديموقراطية.
ويبقى ما هو أهم، من المفاهيم ومن المفردات والعمليات المصاحبة؛ وموجز ذلك: الضمانات اللازمة «لمشاركة» الناس.. حقاً وفعلاً. والقاموس الديموقراطي زاخر وغزير،.. ويشمل في أوائل الفبائه: ضمان تسجيل أسماء وعناوين «الناخبين» المرتقبين في قوائم ثابته وعامة (قابلة للفحص والتحقق)؛ التعددية في القوائم الحزبية للمترشحين المتقدمين للانتخاب «ولو في قائمتين متنافستين أو ثلاث، .. فالناس - كما يعرف ويحفظ كل شعبنا جيداً، وكما يرددون كثيراً: «للناس فيما يعشقون مذاهب، وأمزجة، ومصالح، ومواقف» أو كما يقول أهل العلم في مجال الموسيقى: «الناس مقامات». فقد يحدث أن يختلف زميلان، أو أن يتنافس أخوان اثنان شقيقان في أي ميدان.
ثم إن من الأساسيات هو تمكين كافة المترشحين المتنافسين من العرض الاعلامي الكافي المعقول (لكنه، على كل حال، «المتساوي») في نوعية وكمية الزمن المتاح للمترشحين (للتعريف بأنفسهم وببرنامجهم وأفكارهم وحلولهم ..) وذلك باستخدام مختلف وسائل التواصل والإعلام المفتوحة المتنافسة؛ وإجراء المناظرات بين المتنافسين ليستوعب الناخبون جوانب الموضوعات وليستبينوا أبعادها، ..ولتنجلي أمامهم مواقف المترشحين .. قبل أن «يدلوا بأصواتهم».
وحتى لا تكون «العملية» مجرد إجراء ومهرجان متمسرح،.. ولا مجرد «موسم» يبدأ ثم ينتهي.. فإن أهم المهم هو التبيان المسبق ل«أدوار» و«مجالات» (المجالس البلدية)، و«صلاحيات وسلطات» من يُنتخب للمنصب المعين؛ وما هي آفاق «الصلاحيات» وما هي المحددات.. إلخ -- وإلاَّ أصبح ناتج الناتج هو مجرد «كراسي مناصب غير شاغرة».
وأرجو أن نركز جميعنا، بكافة الفئات في مجتمعنا: نسائه ورجاله، شيبه وشبَّانه.. على النواحي «الإيجابية» التي جاءت في هذا القرار التاريخي؛ وأن نثمِّن كل خطوة إصلاحية تنموية يقوم بها المسؤولون؛ كما وإن علينا أن نستبعد من مداولاتنا ومنادماتنا أي تهوين من شأن أي إجراء إصلاحي تقدمي تُحدثه الدولة، أو ان نربط ذلك الحدث ب«دوافع» أو«أسباب خارجية» أو«ضغوط داخلية» أو ماشابه ذلك من مقولات ..بأنها وراء تلك الأحداث أو تلك التغييرات». فالحق أحق أن يُتَّبع على كل حال، والجهد الصالح أولى بالإشادة به، والعمل الصالح الإصلاحي أحق أن يشكر، وأن يقدر، وأن يُعزَّز!


والرأي شأن بالتراضي بيننا
والأمر شورى -مبدأٌ وقرارُ
طبعُ التآخي بيْننا هو شِرعة
والهام عن عِرض الديار شعار
إنا سنعلو في الجزيرة ها هنا
والكل يشهدُ أننا أحرار!

BAHRAIN 28765 P.O. BOX

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved