Saturday 1st november,2003 11356العدد السبت 6 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نهارات أخرى نهارات أخرى
قانون الجدارة
فاطمة فيصل العتيبي

** في مسألة توسيع مشاركة المرأة تطرح فكرة «الجدارة» وهي فكرة عادلة بالتأكيد فالفرص الوظيفية يجب أن تخضع لقانون«الجدارة» لكن كل القوانين المهنية العادلة لا ترتقي ولا تملك الحق بالارتقاء على حدود الشريعة. فالأعمال التي تمس قوانين الشريعة وتتعارض مع قانون الجدارة.. يكون التقديم فيها هو انفاذ للقانون الإلهي التشريعي فهو الأولى والأكثر قداسة لأنه جاء مرتبطاً بالدين.. وحماية الأخلاق وكل ما يوصل لذلك هو مقدم على قانون «الجدارة» المطروح الآن والذي ممكن أن ينفذ في مجالات متعددة ولكن اطلاقه بلا قيد ولا شرط هو حتماً مناقض ومعارض لمقاصد اسلامية واضحة.. أما إذا أردنا تطبيقه على الواقع العملي للمرأة فهو في الحقيقة سيحجم مشاركتها في التنمية ولن يزيدها. والذين يطالبون به بعيدون تماما عن سوق العمل النسائي ومخرجاته الكيفية وليست الكمية.. فلو نفذ قانون الجدارة بين الرجال والنساء وتداخلت وظائف النساء بالرجال وألغينا ما هو قائم يفصل بين الأقسام النسائية والرجالية لكي ننفذ قانون الجدارة.. فإن أكثر من نصف النساء العاملات سيجدن أنفسهن خارج سوق العمل.. والأسباب ليست عائدة فقط للتأهيل والقدرات وهو ما سيذهب لصالح الرجل عدا نفر يسير من النساء مهما كثر فإن نسبته قليلة إذ ما قيس بقدرات الغالبية من القاعدة العملية النسائية. وهذا يعود لدافعية المرأة ونظرتها للعمل وقيمته لديها وكونه دائما يجيء في المرحلة الثانية بعد دورها الوظيفي الأساسي المتعلق بالأطفال والأسرة.. وهو أمر لا أعتقد ان أي مجتع في العالم يسعى لتخليص المرأة من الايمان به فمتى قلت قيمة الأسرة لدى المرأة وتراجعت للمرتبة الثانية وتقدم عليها العمل في المرتبة كان ذلك مؤشراً قوياً على حدوث كارثة اجتماعية.
** وفي رؤية أخرى فإن قانون الجدارة فيما لو كانت المرأة مؤهلة أكثر من الرجل ومتفوقة عليه فإن ذلك يعني ان تأخذ النساء الغالبية من الفرص الوظيفية وتتسع قاعدة البطالة بين الرجال..
والرجل هو المسؤول عن تمويل واقتصاديات الأسرة.. وإذا ما تم التبادل في الأدوار فإن القانون البشري يتضعضع وما من رجل في العالم بأسره سيحتمل أن يكون بلا عمل وزوجته أو أمه أو أخته هي التي تدير الشأن المالي.. والذي يقبل بهذا الأمر ستكون نهايته إما الموت انتحاراً أو الانحراف والادمان أو الانخراط في منظمات ارهابية انتقاماً من المجتمع وقوانينه المجحفة.. أو السكن الدائم في احدى المصحات النفسية!!.
* إن قانون «الجدارة» شائك جداً.. وترفضه النساء قبل الرجال في حال تطبيقه مطلقاً بلا قيد ولا شرط.. وهو يعتمد اعتماداً كلياً على المساواة الكاملة في العمل.. وقد دار حديث بين مجموعة من النساء من مختلف الاتجاهات الفكرية وتخيلنا جميعاً إنفاذ مبدأ الجدارة والمساواة في العمل. وكانت بيننا الطبيبة.. والأكاديمية.. والكاتبة.. وسيدة الأعمال وخلصنا في النهاية.. إن قانون الجدارة والمساوة العملية سيظلم المرأة أولاً وسيظلم المجتمع ثانياً.. لكن هذا لا يعني ان القانون مرفوض تماماً.. لكن تطبيقه بقيود وشروط تتناسب مع مقاصد الدين القويم الذي يقدم مصالح الأمة على مصلحة الفرد ويقدم دفع الضرر على جلب النفع. كما أن توسيع المشاركة وايجاد الفرص الوظيفية مرهون بتكريس استقلالية المرأة وهو قانون تمارسه اليابان بعد الثامنة مساء في حافلات وأماكن العمل.. ومن الطبيعي ان نمارسه نحن في كل وقت صباحا ومساء وفق ما يقتضيه الشرع ويوصي به.. وهو مفهوم تشير اليه الدراسات الغربية بقوة إذ تجد أن الفتيات الدارسات بجوار الفتيان تقل قدرتهن على العطاء والمشاركة والفهم والاستيعاب عن الفتيات اللاتي يدرسن بجوار الفتيات مثلهن.. ولكن كل هذه المفاهيم تحجب لأنها تناقض الاتجاهات الرأسمالية الغربية التي تهدف للانتفاع من جهد الفرد حتى لو ذهب بعد ذلك الى الجحيم..
** إننا نتوخى من هذا الطرح دفع الظلم عن المجتمع السعودي والذي يتشدق البعض في أنه ضد عمل المرأة.. كما أننا نتوخى من الوزارات المعنية الانصات لمطالب الناس وحاجاتهم المتمثلة بإيجاد وتنويع فرص النساء في العمل وفق المقاصد الدينية.. وعدم تكريسها فقط في المدارس التي اكتفت منذ زمن.. وعلى وزارة المالية ألا تقف عائقاً أمام إتمام هذه المطالب الملحة.

فاكس: 4530922

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved