أوائل... في الإذاعة!!

عملت الإذاعة السعودية. منذ بدء إرسالها على تلبية احتياجات المستمعين ورغباتهم من البرامج الدينية والثقافية والأدبية والإخبارية، إضافة إلى البرامج الدرامية والبرامج الخاصة بربات البيوت والطلبة والأطفال وغير ذلك من البرامج.
ومن أجل تحقيق رغبات أكبر عدد من جمهور المستمعين للإذاعة السعودية، بدأت الإذاعة في تقديم برامجها بنظام الدورات الإذاعية، وكان ذلك بالتحديد في شهر محرم 1379هـ (1959م). في عام 1397هـ (1977م) بدأ أول تطبيق للدورة الإذاعية باستخدام مبدأ النسب المئوية لفئات البرنامج في إذاعة جدة، وذلك ضمانا لإيجاد التوازن بين نوعيات البرامج المتباينة مع الوضع في الاعتبار أن تكون النسب العليا للبرامج الدينية. وعقب تطبيق إذاعة جدة للدورة الإذاعية تم تطبيقها في البرامج الموجهة باللغات الشرقية. ثم في بقية البرامج والإذاعات الأخرى على فترات متوالية. وكانت الاذاعة السعودية في أول الأمر، تقسم السنة الهجرية إلى أربع دورات إذاعية على النحو التالي:
أ-) الدورة الأولى من أول شهر محرم وتستمر حتى نهاية شهر ربيع الآخر.
ب-) الدورة الثانية من أول شهر جمادى الأولى وتستمر حتى نهاية شهر شعبان.
ج-) الدورة الثالثة من أول شهر رمضان وتستمر حتى نهاية اليوم الرابع والعشرين من ذي القعدة (وتحتوي على برامج خاصة بشهر رمضان وأيام عيد الفطر المبارك الأربعة).
د)- الدورة الرابعة وهي خاصة بفترة الحج فقط، وتبدأ في الخامس والعشرين من ذي القعدة وتستمر حتى نهاية البث الإذاعي لليوم الخامس عشر من شهر ذي الحجة من كل عام. واعتبارا من اليوم الأول من شهر محرم 1407هـ- (1986م) تم تقليص عدد الدوات الإذاعية إلى دورتين في العام، مدة كل منهما ستة أشهر، وتشمل الآخرة، في حين تشمل الدورة الثانية الأشهر الستة الأخيرة من كل عام، من رجب حتى ذي الحجة. وتقسم الدورة الثانية إلى دورتين مصغرتين: الأولى دورة شهر رمضان المبارك، والثانية دورة موسم الحج. وتولي الإذاعة هاتين الدورتين عناية خاصة وتحشد لهما عدداً كبيرا من البرامج المناسبة.
الدراما في الإذاعة
قدمت الإذاعة السعودية أول مسلسل من تأليف سعودي وهو مسلسل «ومرت الأيام» عن قصة الأديب حامد الدمنهوري، وكان ذلك عام 1390هـ (1970م)، حيث سمح وقتها بظهور صوت المرأة في إذاعة الرياض.
من الذين كتبوا لإذاعة الرياض في البدايات الأستاذ محمد الفهد العيسى «بدوي الدهنا» وكان أول من كتب تمثيلية بلهجة نجد تحت عنوان (خذها وخلصنا) و(أنا مالي وأنا ويش كاري) وأخرجها عبدالرحمن المقرن. كما قدمت الإذاعة ستين حلقة من برنامج يوميات (أم علي) وهو برنامج تمثيلي بلهجة المنطقة الوسطى - اللهجة النجدية وتسعين حلقة من «أبيض وأسود» وهو برنامج تمثيلي بلهجة المنطقة الوسطى، وبرنامج «زين وشين» وكان من البرامج الاجتماعية الناجحة التي قدمت يومياً، وزاد عدد حلقاته على ألف وستمائة حلقة.
وخلاصة القول أن الإذاعة ساهمت بدور كبير في تنمية الفن التمثيلي في المملكة ممهدة بذلك لظهور التلفزيون السعودي.
وفي سنة 1381هـ (1961م) أذيع أول مسرح للإذاعة على الهواء، وكان مسرح الإذاعة نقطة هامة في تاريخ الدراما، حيث قدم بين الوصلات الغنائية بعض المسرحيات المحلية ذات الفصل الواحد، وقد كان لهذا المسرح فائدة في تقديم الممثلين وتعويدهم على مواجهة الجمهور.
وعند الحديث عن الدراما الإذاعية المحلية، لابد من الإشارة إلى الفنان عبدالعزيز الهزاع الذي ظهرت موهبته سنة 1372هـ (1952م) في مدينة الجبيل، فكان قادراً على تقديم حوار بين عدة شخصيات بأصوات مختلفة، ولقي التشجيع من المحيطين به. وكانت خطوته الأولى في الانطلاق عندما زار الملك سعود بن عبدالعزيز (رحمه الله) مدينة الجبيل سنة 1373هـ (1953م) حيث قدم الهزاع تمثيلية أمامه، وكان يقف وراء ستارة ولم يصدق الملك سعود ان هذه الأصوات تصدر من شخص واحد حتى أزيحت الستارة وسر الملك به واصطحبه معه عند عودته الى الرياض. وعينه في الحرس الملكي، وهناك زاد الهزاع من شخصياته حيث أضاف أم حديجان (العجوز) وأبوحديجان (الجد) ولطيفة (زوجة حديجان).
وبعد ذلك سمع عنه الملك فيصل آخر ملوك العراق وطلبه وأرسل إليه بطائرة خاصة وأعجب به والتقطته الإذاعة العراقية لتسجل له العديد من التمثيليات. وكانت هذه من الخطوات الكبرى في حياته. في سنة 1375ه (1955م) حيث سجل أشهر تمثيلياته وهي (بدوي في طيارة) ثم طبعت هذه التمثيلية على اسطوانات ولقيت رواجاً كبيراً.
كان الهزاع أول من أدخل التمثيليات الاجتماعية إلى الإذاعة السعودية وبذلك اتسع نطاق التمثيليات المحلية، وقد قدم في رمضان سنة 1382هـ (1962م) أول مسلسل اجتماعي في ثلاثين حلقة تحت عنوان (يوميات أم حديجان) وعشر مسلسلات رمضانية منها أول مسلسل بوليسي تحت عنوان (مغامرات حديجان). كما قدم للإذاعة تمثيليات أخرى تحت عناوين مختلفة منها (من المجتمع) مسلسل أسبوعي (طريق المحبة) مسلسل أسبوعي، وما لا يقل عن 2000 تمثيلية منفصلة. ومن البرامج الاجتماعية التي قدمتها إذاعة الرياض لسنوات عديدة برنامج (أرضنا الطيبة)، و(مجلس أبوحمدان) وكانت إذاعة جدة سباقة في إنتاج برامج الأطفال وقدمت (بابا طاهر) وعدداً من الأعمال والمسلسلات مثل مسلسل (الماضي لا ينام). ومسلسل (نور من حراء)، و(في انتظار البطل)، و(مواقف إسلامية)، و(جهاد حتى النصر)، و(شيخ الإسلام بن تيمية)، و(الحق لا يضيع) و(ألا ياصبا نجد)، و(الخنساء) و(هارون الرشيد)، أما مسلسل (وداعاً أيها الشقاء) من (30) حلقة، فيعد أول مسلسل درامي تم إعداده وتنفيذه بالكامل بأصوات سعودية باستديوهات إذاعة جدة عام 1390هـ (1970م)، ومن أهم الأعمال التي قدمتها إذاعة جدة مسلسل (أسد الجزيرة) وهو عن حياة وجهاد الملك عبدالعزيز (رحمه الله).
كما قدمت إذاعة جدة برامج شعبية (باللهجة الحجازية) منها البرنامج اليومي (دموع وابتسام) والبرنامج الدرامي اليومي (عا لحلوة والمرة). والبرنامج الدرامي اليومي (مشاكل وحلول).
كانت بداية الدراما في إذاعة جدة عبارة عن مسلسلات بالفصحى (تاريخية أو دينية)، ولا تناقش القضايا الاجتماعية المحلية، وكتبها غير سعوديين، ثم بدأت بعد ذلك السباعيات والمسلسلات الاجتماعية باللهجة العامية حيث استقطبت الإذاعة كتاباً معروفين بالصحافة المحلية.
كما اكتسب عدد من الممثلين في ذلك الوقت الخبرة في الكتابة الإذاعية الناجحة. ومن البرامج التي كانت تقدمها إذاعة جدة وكان لها دور اجتماعي كبير في التعرض للمشاكل الاجتماعية السائدة في ذلك الوقت برنامج (مشكلة وحل).. الذي كان يعرض المشاكل الاجتماعية بقالب درامي.
خلاصة القول، فإن الدراما السعودية كانت تلقى التشجيع والتقدير المعنوي، وقدمت العديد من الأعمال والكفاءات والعناصر السعودية في كافة المجالات الفنية، مثل: الكتابة والديكور والتصوير والتمثيل والإخراج.