سعادة رئيس التحرير خالد المالك..تحية طيبة.
لعبت الجزيرة دوراً اعلامياً مميزاً بتناولها قضايا التربية والتعليم خبراً كان او تحقيقاً او طرحاً او نقداً ومن هذا المنطلق امل ان تجد كتابتي نصيباً من النشر حيال الوزارة التي اتشرف بأن اكون احد منسوبيها ومما لايخفى على الجميع ان جهاز وزارة التربية والتعليم اضخم جهاز حكومي بعد ضم تعليم البنات اليه، وهذا يعني ان المسؤوليات كبرت والاعباء زادت والاعمال تشعبت ومن البديهي جدا أن جهازاً بهذه الضخامة لابد له من وجود قصور وحدوث خلل ووقوع خطأ وهذا طبيعة العمل البشري والمجتمع بكافة شرائحه ينظر الى ان الخطأ في وزارة التربية والتعليم يعادل عشرة اخطاء لأي اجهزة حكومية اخرى لاسباب يدعيها هؤلاء منها انها تحظى بالنصيب الاكبر من ميزانية الدولة وان غالبية منسوبيها من ذوي التأهيل العالي. هذه المقدمة البسيطة جعلتها مدخلا لطرح موضوع في غاية الاهمية وهو من المواضيع التي اشغلت بال المسؤولين في وزارة التربية والتعليم واشغلت المجتمع ايضاً وهي قضية الحركة والنقل والتي تزداد المعاناة منها سنويا على الرغم من الاجتهادات التي تبذل والحلول التي تطرح والافكار التي تعرض.
حركة هذا العام وتحديداً الداخلية التي الزمت ادارات التعليم بالمناطق والمحافظات على تطبيق برنامج الحركة المعد من قبل الوزارة ممثلة بشؤون المعلمين طبعا البرنامج نبعت فكرته من قبل تعليم القصيم واجري عليه بعضاً من التعديلات التي تناسب وضع المناطق الكبيرة التي تحظى محافظاتها بادارة تعليم مستقلة بينما اصبحت المناطق النائية هي الضحية لسلبيات هذا البرنامج الذي لم يراع ظروفها سواء التقاسيم الادارية او الطبيعة الجغرافية واصبحت تدور في دوامة الاخطاء الفادحة كما حصل هذه الايام بحركة المعلمين بحائل والتي احدثت خللا في عدم التوازن بين المدارس كما احدث ردود افعال في الوسط التربوي مابين مستهجن وناقد للطريقة التي تعامل بها شؤون المعلمين حيث لم يحصل ان وقعت المنطقة بهذا الخطأ عندما كانت الحركة يدويا والسبب هو عدم صلاحية البرنامج لمنطقة حائل ومن على شاكلتها واشير هنا انني تقدمت بفكرة وعرضتها على الوكيل المساعد لشؤون المعلمين بالوزارة د. عبدالله السعودي في 15/11/1423هـ تتعلق بنظام الحركة الداخلية مرفقا وسيلة توضيحية لشرح الفكرة وخطواتها ومميزاتها والتي لقيت الاستحسان والشكر من سعادته واحالها الى الاستاذ عبدالكريم الزهراني مدير شؤون المعلمين بالوزارة الذي ايضاً استقبلني بالحفاوة والتكريم مشيداً بهذه الفكرة ومقدراً لي اهتمامي بهذا الموضوع وطلب مني مقابلة احد اصحاب الفكرة من منطقة القصيم الذي كانت مقابلته مصادفة لدراستها معه وفعلا تم الجلوس على طاولة وبمكتب الزهراني وتم شرح الفكرة التي عرضتها الا انه قال الفكرة التي قدمها تعليم القصيم والمؤكد تطبيقها تقوم اساسا على ان عملية النقل تتم على التخصص فقط وخصوصا في المرحلة الابتدائية فقلت له كيف يطبق نظام التخصص وانت تعلم ان هناك نسبة كبيرة من المعلمين والمعلمات من خريجي وخريجات معهد المعلمين والمعلمات بتخصص عام؟ قال لا انظر الى المؤهل بقدر ما يهمني ان من اراد النقل عليه ان يدون التخصص فقط فقلت ان هذا النظام تعسفي في حق من لهم افضال علينا وهم خريجو معهد المعلمين وقلت تحت اي مسوغ قانوني او نظامي تلزم هؤلاء بأن نقلهم يتم على التخصص فقط دون النظر الى مؤهلهم وخدماتهم. قال لكل نظام ضحايا فقلت لا يتم على حساب هولاء المعلمين والطلاب من اجل اقرار الفكرة وتطبيقها دون النظر الى سلبياتها ومساوئها واثارها النفسية على هؤلاء المعلمين. محصلة هذا اللقاء خرجنا بتطبيق مقولة العرب الشهيرة «اتفق العرب على ألا يتفقوا»، وكنت متوقعا حدوث ردود افعال قوية تجاه هذا البرنامج وفكرته التي جاءت متناقضة مع ما ينادي به اصحابها بتطبيق نظام التخصص والذي يطلع على استمارة النقل الداخلية والتي صممها شؤون المعلمين يلاحظ قمة التناقض بين ما ينادون به وما ينفذه البرنامج فبعد ان يعبئ المعلم او المعلمة المعلومات وتخصصهما يطلب منهما في نهاية الاستمارة تحديد المواد التي يرغب ان يدرسها او ترغب ان تدرسها وهنا موضوع الاستغراب. في بداية الاستمارة حدد التخصص بذاته بينما في نهايتها جعل الباب مفتوحاً للمواد التي يرغب طالب او طالبة النقل تدريسها هذا النظام مجحف وفيه ظلم ويدخل عامل الحظ فيه ولتوضيح الصورة اكثر مثلاً معلم يحمل دبلوم معهد المعلمين خدمته خمس عشرة سنة كتب تخصصه رياضيات طبعا على رغبة البرنامج وفي نهاية الاستمارة حدد رغباته في المواد التي يرغب تدريسها غير تخصصه كتب «دين، علوم، لغة عربية» معلم آخر من معهد المعلمين ايضا خدمته ثلاث عشرة سنة كتب تخصصه مثلاً رياضيات ثم دون في نهاية الاستمارة المواد التي يرغب تدريسها «اللغة العربية، دين، علوم» تصدر الحركة وينقل صاحب الخدمة الاقل ليس بسبب تخصصه الاول ولكن لرغبته الاولى المدونة في اسفل الاستمارة وهي اللغة العربية بينما حرم صاحب الخدمة الاكثر على الرغم من رغبته بتدريس اللغة العربية والتي جاءت بالمرتبة الثالثة حسب تعدد الرغبات والتي تكتب عادة عشوائية وهنا دخل عامل الحظ وليس النظام فكيف يحرم معلم ذو خدمة طويلة ولديه القدرة على تدريس اي مادة بحجة ان البرنامج يحسم الموضوع بالرغبة الاولى؟ فهل هذا هو العدل والمساواة؟ طبعاً لا، مثال اخر على مساوئ البرنامج وفشله معلم اسمه احمد يحمل بكالوريوس تخصص لغة عربية من كلية المعلمين خدمته ست سنوات كتب في استمارة النقل تخصصه الفعلي لغة عربية ثم كتب في نهاية الاستمارة المواد التي يرغب تدريسها «رياضيات، دين، علوم، اجتماعيات»، ومعلم آخر اسمه عبدالله يحمل بكالوريوس لغة عربية خدمته ثماني سنوات قام بتعبئة استمارة النقل ودون تخصصه الرئيسي لغة عربية ثم دون المواد التي يرغب تدريسها غير تخصصه وهي «دين، رياضيات، علوم» يصدر البرنامج امره بنقل المعلم احمد الى المدرسة التي يرغب النقل اليها ليدرس الرياضيات وهو الاقل خدمة بينما حرم عبدالله من النقل الى المدرسة التي نقل اليها احمد وهو الاكثر خدمة ولديه الرغبة بتدريس الرياضيات التي جاءت في المرتبة الثانية وهذا يعني ان البرنامج يتعامل مع الحقل الاول فقط دون النظر الى الخدمة، حقيقة استغرب دعاة البرنامج وممجديه فاقوالكم يخالفها افعال السيد الكمبيوتر. كيف تطالبون بتطبيق التخصص الفعلي والحقيقي حيث امضى المعلم اربع سنوات وهو ينهل من معين التخصص من قبل اكاديميين ثم نفاجأ بتوجيه ليدرس مادة غير تخصصه الحقيقي من اجل رغبة المعلم بالتقريب فقط التي ابتدعها مصمم البرنامج والذين يهمهم ان فكرتهم تطبق دون النظر الى ما يترتب عليها من هضم حقوق واخلال في موازين العدل والمساواة بين ضحايا البرنامج وفكرته. كتابتي عن هذا الموضوع نابعة من حرصي الشديد على كل ما يمس هاجسنا التربوي والتعليمي وما يمليه علي واجبي الوظيفي. هذا والله من وراء القصد.
ناصر بن عبدالعزيز الرابح
مشرف تربوي بتعليم حائل
|