Friday 31th october,2003 11355العدد الجمعة 5 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

علم الأبراج علم الأبراج
الأبراج وتأثيرها على الأرض ومستقبل الإنسان
فؤاد أحمد البراهيم

علم الأبراج علم قديم، أوّل من تحدث عن الأبراج منذ نحو ألفي عام هم البابليون ومن ثم اليونان والرومان ومصر وانتقل بعد ذلك لبقية دول العالم.. وقسموا الأبراج على أساس دوران الأرض حول الشمس لمدة عام ولذلك جعلوها اثني عشر برجاً على عدد الشهور، ودرسوا تأثيرها على الأرض وحياة الإنسان ومستقبله. فهل لعلم الأبراج رابط بينها وبين أحوال الأرض؟
قوى عدة تربط هذا الكون بعضه ببعض وهي الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوة النووية فالكون متماسك بمنظومة معينة، والجاذبية موجودة ونقيسها ولكننا لانستطيع تفسيرها. كذلك يوجد رابط استدلالي بين الأبراج وأحوال الأرض، فمن خلال البروج الشمسية الأربعة الرئيسة وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي يمكن تحديد مواعيد الزراعة وحصاد المحاصيل، كذلك يمكن تحديد مواسم الصيد البري للحيوانات والصيد الجوي للطيور المهاجرة والصيد البحري للأسماك، كذلك يمكن تحديد مواقيت المد والجزر وتحديد مواعيد الكسوف للشمس والخسوف للقمر الذي تتفق فيه البروج الشمسية مع المنازل القمرية، أيضاً يمكن تحديد مواسم فيضان الأنهار وتحديد حساب طول السنة الشمسية والسنة القمرية ومعرفة أحوال الجو والطقس وأوقات هطول الأمطار.
إذا كان لعلم الأبراج كل هذه الدلالات على أحوال الأرض فهل له أثر في معرفة مستقبل سلوك الإنسان وأحوال معيشته؟
تصوّر وجود رابط بين الأبراج وحياة الإنسان تصوّر قديم وظهر علم في هذا وما يزال حتى هذا اليوم. تجد الأبراج في عدة صحف ومجلات حتى الإنترنت لم تخلو منها، كذلك بعض القنوات الفضائية تتعرض للبروج وتأثيرها على مستقبل الإنسان.
أكثر من يلجأ لهذه البروج هم من يعيشون في حالة قلق وخوف من المستقبل، أو يعيشون في حالة من المصائب فيبحثون عن حل لها عن هذا الطريق، أو سيطرة التفكير الخرافي.
إن ما يكتب عن الأبراج ليس له أساس علمي على الإطلاق، ربما تقرأ معلومات عن برج في صحيفة ولو أخذت صحيفة أخرى وقرأت عن نفس البرج في نفس اليوم ربما وجدت اختلافاً كبيراً يصل إلى حد التناقض.
يصدق البعض ويؤمن بأن مواصفات الأبراج تنطبق على مواليد هذه الأبراج، والحقيقة أن الإنسان يولد في الأرض وتتأثر سلوكياته بعامل الوراثة والمجتمع والبيئة المحيطة وهي التي تجعله سعيداً أو تعيساً ناجحاً أو فاشلاً طيباً أو مجرماً.
وإذا قيل: إن لدرجة الحرارة أثرها على الإنسان فالناس الذين يعيشون في مناطق حارة يختلقون عن أولئك الذين يعيشون في مناطق باردة. نقول: إن هذا لظروف معيشتهم وليس هذا لتوقيت البرج الذي ولدوا فيه وهذا يرجع لتأثير مناخي وتأثير الشمس وليس تأثير النجوم وليس له علاقة بالنجوم.
الإنسان يتأثر بأشعة الشمس والأشعة المنعكسة على القمر أو الكواكب السيّارة القريبة من الأرض ولا يتأثر بالأبراج، لكن هذا التأثر فسيولوجي أو بيولوجي وصحي ونفسي وليس تأثيراً يوضح ويكشف مستقبل الإنسان.
أنت إذا نظرت لجميع البشر لوجدت أشكال البشر مختلفة، قال تعالى:{ )وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22) إذا اعتبرنا أن الأبراج هي التي تسيّر البشر كان ينبغي أن يكون هناك تشابه كبير بين البشر في السلوك والأشكال. إن عدد البشر على الأرض ستة آلاف مليون، وهذا يعني أن ناتج قسمة الاثنين أن الحظ لعدد 500 مليون شخص متشابه، وهذا هو المستحيل، فإذا جاءت الأبراج لتقول سيموت عزيز عليك فهذا يعني موت 500 مليون شخص.
الفلكيون يؤكدون أن عدد الأبراج لا ينطبق على عدد الشهور بل هي ثلاثة عشر برجاً وليست مقسمة على الشهور، إذ أن كل برج لا تقع فيه الشمس لمدة شهر كامل بل قد تكون أقل من شهر أو أكثر من شهر وتصل ما بين سبعة أيام كما في برج العقرب إلى خمسة وأربعين يوماً كما في برج العذراء. المسار الظاهري للشمس الآن يمسح ثلاثة عشر برجاً، بدلاً من اثني عشر برجاً حيث أضيف برج «الحواء».
ودليل علمي آخر وهو أن التشكيلة النجمية الظاهرية التي تكون البرج الواحد بعيدة جداً عن الأرض. تبعد عشرات أو مئات أو ربما آلاف السنوات الضوئية عن الأرض والسنة الضوئية = 45 ،9 ملايين * مليون كيلو متر. حتى أن نجوم البرج الواحد متباعدة بمسافات شاسعة ولكن نراها مجتمعة ظاهرياً على شكل برج. إذا كانت النجوم بعيدة عنا ومتباعدة عن بعضها البعض بمسافات شاسعة ربما قد تكون بعض النجوم التي تزين البروج الشمسية ميتة من آلاف بلايين السنين، وما نراه منها اليوم هو ما تبقى من ضوء بناء على سريان الضوء بالسرعة الضوئية التي قدرها العلماء بمقدار 186 ألف ميل في الثانية.
وثمة دليل من التاريخ الإسلامي: لما عزم علي بن أبي طالب على المسير إلى الخوارج قال له بعض أصحابه يا أمير المؤمنين: «إن سرت في هذا الوقت خشيت ألا تظفر بمرادك من طريق علم النّجوم فقال رضي الله عنه: أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء وتخوّف من الساعة التي من سار فيه الحق به الضر؟ فمن صدّق بهذا فقد كذّب القرآن، واستغنى الإعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه...» (نهج البلاغة) شرح الشيخ محمد عبده ص97.
ويشرح الشيخ محمد عبده علم التنجيم المنهي عنه: «هو العلم المبني على الاعتقاد بروحانية الكواكب، وإن لتلك الروحانية العلوية سلطاناً معنوياً على العوالم العنصرية، وإن من يتصل بأرواحها بنوع من الاستعداد ومعاونة من الرياضة تكاشفه بما غيّب من أسرار الحال والاستقبال».
وقال تعالى: {(إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (لقمان:34)

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved