عاشت جزيرة العرب عامة ونجد بصفة خاصة قروناً متتالية تتنازعها الفتن والحروب الداخلية ويسودها الجهل والشرك والبدعة والخرافة مصحوبة بالفوضى السياسية والاجتماعية والاقتصادية حتى هيئ لها في منتصف القرن الثاني عشر الهجري إمام مصلح وعالم جهبذ هو الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب وقد يسر الله له بتوفيقه وامتنانه الإمام محمد بن سعود أمير الدرعية آنذاك والذي عرف بحسن خلقه ورجاحة عقله ووفائه وعدله حيث وضع يده بيد الشيخ وتبايعا على نصرة دين الله عز وجل وتحقيق توحيده سبحانه وتعالى والقضاء على مظاهر الشرك والبدعة والعمل على توحيد صف المسلمين وجمع كلمتهم فصدقا الله في ذلك فصدقهما الله بالتمكين والنصرة والحفظ {)وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) }.
{(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) }.
وقد توارث الأبناء والأحفاد عن سلفهم هذا المنهج فكلما قدر الله على الحكم السعودي ضعفاً أو سلط عليه عدواً قيض الله من أبناء هذه الأسرة من يحمل لواء إعادة البناء وقوة التشييد على خطا الأجداد، ولا أدل على ذلك مما أثبته التاريخ وسطرته السير من عزيمة مؤسس هذه البلاد الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل في استعادة حكم الآباء والأجداد ولما كان يتصف به رحمه الله تعالى من تقوى الله تعالى واستقامة على دينه ومخافة له جل وعلا ومحاسبة للنفس وحذر شديد من الظلم بأنواعه كتب الله له الخلافة في هذه البلاد ومكن له في الأرض وكبح خصومه وأعداءه ومعارضيه.
نعم لقد اتسمت حياته رحمه الله وسيرته العطرة باهتمامه البالغ بتحقيق التوحيد وحراسته وبذل النفس والولد والمال من أجله كما اتسمت سيرته وعرف بالشدة أمام أي فكر يحاول اقتحام حدود وطنه فرفض رحمه الله وأسكنه جنته الإذن لجماعة الإخوان المسلمين رفضاً صريحاً اتسم بالشجاعة وبعد النظر افتتاح مكتب لهم في هذا البلد وأجاب لا حاجة فكلنا إخوان.
وقد سار أبناؤه البررة على سيرته عقداً من الزمان ضربت بلادهم أعظم وأروع مثال على مستوى العالم بأسره في الاستقرار الأمني والمعيشي.
إن إحداث ما يخل بالعقيدة ويساعد على تلقيح العقول بالفكر الوافد أو يعين على إحياء البدع والأعياد غير الشرعية وتأسيس المؤسسات التي تنصر البدعة وتدعو إلى التقارب مع الملل المنحرفة والعقائد الباطلة وإكرام قادة الفكر الضال المنحرف مخالفة صريحة لسيرة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وهو والله خطر عظيم مؤذن بفتن مدلهمة فالحذر كل الحذر فالمؤمن كيس فطن.
إن فكرة التغيير التي يعيشها واقعنا اليوم ليست نابعة من عقول أبناء المؤسس رحمه الله فالسياسة التي رسمها والدهم رحمه الله ووضع لبناتها وهذا الكيان العظيم الذي شيده رحمه الله لا يمكن بأي حال أن ينخر أو يهدم على يد أحد من أبنائه والتغيير الذي لا يمس الثوابت وإنما هو مواكبة لما يعيشه المجتمع الدولي من تطور لا يسمى تغييراً وموضع التساؤل من أين جاءنا هذا التغيير؟ ولا حاجة للتفصيل في التغيير المشار إليه فالجميع يعرفه والخوف من المزيد.
إنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما صلح به أولها ولن يصلح هذا المجتمع ويصونه ويحافظ على كيانه إلا ما صلح به أوله وقد سطر لنا التاريخ شجاعة المؤسس رحمه الله في مواجهة الضغوط التي وجهت له في جميع الجوانب وإغلاق جميع الفرص في وجه العدو كائناً من كان لئلا ينال من ثوابتنا العقدية والسلوكية كما سطر التاريخ جهوده المباركة في ترسيخ وتعميق مفهوم العقيدة التي ورثها الأحفاد عن الأجداد والتي هي الأساس في قيام هذا الكيان وتمكينه ونصرة قادته وهي الأساس في استتباب أمنه واتساع أبواب رزقه ومعيشته.
وحينما يكون العدو شارون أو غيره من قادة دول الكفر والضلال فإننا نعرفه ونحذره ولكن حينما يكون العدو فرداً من أفراد مجتمعنا يلبس لباسنا ويتكلم بلساننا حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله دعاة على أبواب جهنم ما أطاعهم قذفوه فيها.
أدام الله عز بلاد الحرمين ومجدها وسؤددها وحفظ رعاتها وولاة أمرها وحفظ أمنها واستقرارها وبارك في لقمتها وخيراتها انه سميع قريب مجيب. وصلى الله على خير البشرية محمد بن عبدالله وعلى آل وأصحابه أجمعين.
|