تستطيع الولايات المتحدة إنجاز الكثير في عالم اليوم باستثمار إمكانيات الدولة العظمى التي تتوفر عليها، فهي أكبر قوة عسكرية واقتصادية منفردة في العالم، لكن إنجاز الكثير من الأعمال لا يعتمد فقط على متانة العضلات العسكرية وإلا لما صرفت واشنطن عشرات الملايين من الدولارات لتحسين صورتها في العالم ومع ذلك لم تحقق ما تتطلع إليه.
ما ينقص الولايات المتحدة هو اللمسة الإنسانية في تعاطيها مع الآخرين بحيث بات مظهر القوة هو الذي يميز الوجود الأمريكي في أنحاء العالم.
وعندما يتبجح أحد جنرالات أمريكا بملء فيه ويتطاول على الإسلام، فإن الذي ينتظره المسلمون هو كلمة اعتذار من واشنطن على تطاول أحد مسؤوليها على ديننا الحنيف.
ومع ذلك فقد فوّت الرئيس الأمريكي جورج بوش مناسبة الإفطار الرمضاني السنوي بالبيت الأبيض دون أن يشير إلى التصريحات المسيئة للإسلام التي أدلى بها الجنرال ويليام بويكين نائب وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات.
وكان الأمر سيعني الكثير لو أن بوش أشار إشارة انتقادية لتلك التصريحات أو قام بإجراء حكومي لنقل الجنرال هنا أو هناك مثلما نصحه بذلك أعضاء في مجلس النواب بتوجيه توبيخ رسمي للجنرال بويكين أو نقله من منصبه.
إن تعاطي الدولة العظمى مع مختلف الكُتل الدولية يفرض عليها مراعاة مشاعر الجموع المنضوية تحت هذه الكُتل، ويشكل المسلمون رقماً مقدراً في عالم اليوم وهم يستحقون أن تجد مقدساتهم ومعتقداتهم التقدير والاحترام لدى الدولة العظمى التي تتعاطى بشكل يومي وبحجم كبير مع مختلف الأمور التي تعني المسلمين.
هذا التعامل في انسيابه الطبيعي واليومي يتضرر كثيرا بمثل تلك الإساءات والمواقف غير المناسبة بما يشكل عائقاً أمام التطور المنشود الذي تتطلع إليه مختلف الأطراف.
وفي ذات الوقت فإن مسلمي أمريكا يشكلون جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي لتلك البلاد وفي ظروف الولايات المتحدة، وخصوصاً بعد هجمات سبتمبر، فإن حساسية العلاقة بين مختلف الأعراق والأديان تستوجب تناولاً حصيفاً من الإدارة الأمريكية للموضوعات ذات الأهمية الإنسانية والاجتماعية والسياسية لمختلف المجموعات السكانية التي تمثل وفقاً للتركيبة السكانية الأمريكية، امتداداً لمجموعات أخرى في أنحاء العالم فإنها تتأثر حتماً بما يجري لإمداداتها في الولايات المتحدة.
|