نجح شهر رمضان المبارك بدرجة تفوق في زماننا هذا في ان يكرمنا هذا الشهر الفضيل بجمعنا على مختلف مستويات المؤسسة الاجتماعية بدوائرها المختلفة، وأخيرا أبهرنا هذا الشهر عندما اجتمع اكثرنا بسببه ومن اجله امام الشاشة الساحرة في ظل المنافسة المحمومة بين الفضائيات، ولكن أليس هذا «الاجتماع» فرصة للمكاشفة لنعطي «الشفافية» دورها الحقيقي على مستوى تلك الدوائر، خاصة واننا اكتوينا بالأحداث الاخيرة التي مرت بنا وكلنا بلا استثناء حاولنا الوقوف عندها والنظر فيها للوصول الى حل، والامر في اعتقادي يحتاج الى «لقاء» يتخلله «مكاشفة» حقيقية للوصول الى الطرف الثاني من المعادلة الحضارية وهو تشخيص المرض وتحديد «العلاج» بغض النظر عن شكل الطاولة التي جمعتنا في تلك الدوائر عبر مؤسسات المجتمع بدءا من الاسرة ومرورا بالحي وانتهاء بالوطن.
هذا الشهر «أمل» من أجل مكاشفة صادقة، لمراجعة الكثير والكثير من الاوراق المهملة والملفات المؤجلة في حياتنا الاجتماعية حتى لا تتراكم اوجاعنا وتصبح كالجبال الراسية ولا تأسن جراحنا مهما صغرت، ف«رمضان» فرصة ربانية للاجتماع، بعد نهار عمل توج بالعزوف عن كل المغريات الدنيوية طاعة لله واتباعا للرسول صلى الله عليه وسلم حتى نلتقي على «مائدة» الافطار وتحصل المكاشفة بين الجار وجاره وبين الصديق وصديقه وقبلهم جميعا بين الاب وأسرته ليعرف كل منا الآخر في زحمة الدنيا إذا أردنا النجاح في هذا الشهر..
من «الاسرة» الى «الحي» وانتهاء بالوطن حتى تتسع دائرة «المكاشفة» وتصبح سلوكا حضاريا في حياتنا اليومية ولكن، قبل مكاشفة الآخر هل فكرنا ونحن نعيش هذا الشهر الفضيل ان نواجه «ذواتنا» ونقف مع «أنفسنا» وقفة صادقة لنخلص الى حوار ايجابي مع النفس لنخلصها من آفاتها بعد ان تخلصنا نهارا من سموم الجسد، فان مواجهة الآخر تبدأ بمكاشفة الذات، فان نجحنا في مكاشفة ذواتنا بالتخلص من الاقنعة والحجب الواهية فإننا بلاشك سنتقن مواجهة الآخر، بعد ما نكون جسدا واحدا يصدق عليه قول الهادي «إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» وبهذا فقط نستطيع ان نقول: نجحنا في مرحلة من مراحل مدرسة رمضان الكبرى..
|