الكل يعرف أن الشباب هم عدة المستقبل، إن نسبتهم بين سكان المملكة يحظون بالأغلبية لذا فهم القواعد الصلبة للمجتمع وسلاحه الذي يعتمد عليه بعد الله سبحانه وتعالى لذا فهم حماة الوطن وبهذا الدولة تعتز برجالها لذا سخرت إمكاناتها لهم منذ ولادتهم حتى مماتهم لذا نجد التنمية تتجه منهم وإليهم في جمع مناحي الحياة الدينية والتعليمية والصحية والاجتماعية كل هذا من أجل أن ننشأ ونخرج جيلاً ينفع نفسه وأسرته ومجتمعه لأن الإنسان يولد صغيراً ويترعرع وينشأ بين أحضان أسرته المتمثلة بوالديه وبقية إخوانه فالأسرة هي اللبنة الأولى في حياة الإنسان يلي ذلك المجتمع الثاني وهو المدرسة وهكذا المجتمع الثالث الذي يدب فيه الحياة بكل ما يحمل من تربية وثقافة وخبرات وتجارب فإن كان هذا الشاب قد تعلم خلال هذه المراحل التي مر بها وشرب من مناهل التربية والتنشئة الإسلامية الصحيحة تجده يعيش حياة مستقرة آمنة متكيفاً مع نفسه وأسرته ومجتمعه كل شيء في اعتدال «لا إفراط ولا تفريط» ولا خروج على الخط المستقيم الذي رسمه له المجتمع أما إن تعثَّر في أحد مراحله التي ذكرتها في التنشئة سواء في أسرته أو مدرسته أو مجتمعه فإنه سوف يصاب بانتكاسة في وجدانه ودينه وعلمه وتكيفه وبالتالي يصعب عليه التكيف مع نفسه وأسرته ومجتمعه ويصبح عالة عليه إن لم يصبح عامل هدم في المجتمع عندها تتعطل قوة الشباب الدينية والعلمية والاقتصادية والثقافية في وقت نحن بحاجة إلى هذه القوة من أجل النهوض بمجتمعنا ووطننا المعطاء من أجل السير في ركب التقدم العلمي والعملي في جميع مناحي الحياة من أجل أن نصل إلى صف الأمم المتقدمة بقوة عقيدتنا وشريعتنا السمحاء التي هي أساس كل منهج للإصلاح والرقي والتقدم.
فالشباب بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم وبحاجة إلى من يحتضنهم ويحتويهم فمن خلال عملي الميداني لأكثر من عشرين سنة مع بعض هؤلاء الشباب في دور الملاحظة ودور التوجيه الاجتماعي لاحظت أن كل نفس بشرية تعاملت معها أنها تريد الإحسان والاستقامة لنفسها وهذا ليس بمستغرب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو يمجِّسانه أو ينصِّرانه حتى ولو ارتكب البعض منهم مخالفات وجنح يعاقب عليها الشرع والمجتمع من هذا يتضح أن التعامل مع الشاب منذ بداية حياته هو الذي يحدد مصيره في الاستقامة والتكيف من عدمه لذا كنت أجد أنا وزملائي العاملون في هذه المؤسسات الاجتماعية الإصلاحية أن سبب تعرض بعض هؤلاء الشباب للانحراف هو إما الأسرة لسوء المعاملة أو عدم الرعاية أو الاهمال وعدم المبالاة أو من المدرسة في الوسط الدراسي الذي يدرس فيه من تسلط بعض زملائه عليه أو تسلط بعض المدرسين عليه وبالتالي تصبح المدرسة عامل طرد له وبالتالي يكره المدرسة ومن فيها.
والعامل الثالث لتعرض بعض الشباب للانحراف هو المجتمع الذي لم يأخذ بأيدي هؤلاء وتوصيلهم إلى برِّ الأمان لذا فالأجهزة في المجتمع معنية باحتضان هؤلاء الشباب وبدايةً نبدأ بالأسرة حيث يجب على الأسرة مراعاة هؤلاء الشباب منذ صغرهم من حيث التربية والتنشئة الإسلامية الصحية والقدوة الحسنة ومعرفة الخطأ والصواب.
يلي ذلك المدرسة بحيث يكون وسط المدرسة وسطاً تربوياً قبل كل شيء تربية وتعليم من أجل معرفة ما يعاني منه الطالب الشاب من ظروف قد تطرأ على حياته فيجب أن تتدخل المدرسة في الوقت المناسب عن طريق الأخصائي الاجتماعي من أجل أن يعيش الطالب حياة مستقرة تكيفاً مع نفسه وأسرته ومجتمعه.
كذلك من ضمن الأجهزة المعنية الرئاسة العامة لرعاية الشباب بحيث تحتضن الأندية الرياضية هؤلاء الشباب من أجل تثقيفهم وتوعيتهم فبالاضافة إلى الألعاب الرياضية نريد المسابقات الثقافية والمحاضرات والندوات والرحلات على نطاق واسع كبير وحبذا لو كان هناك أندية في الأحياء يقوم بها القطاع الخاص بإشراف الرئاسة العامة لرعاية الشباب من ضمن الأجهزة المعنية مراكز البحوث في الجامعات حيث لم نسمع أن دراسة طبقت على مجموعة من الشباب لمعرفة أسباب خروجهم على المجتمع ومؤسساته ووضع الحلول المناسبة.
كذلك من ضمن الأجهزة المعنية برعاية الشباب وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عن طريق خطباء المساجد والمحاضرات والندوات بحيث يشارك هؤلاء الشباب في إدارة هذه الندوات وإلقاء المحاضرات أما الطرق التقليدية الحالية فهي غير مجدية بالدرجة المرضية.
أيضاً من ضمن الأجهزة المعنية في المساهمة في توعية وإصلاح وتثقيف الشباب وزارة الثقافة والإعلام حيث عليها العبء الأكبر في مجال التوعية بما أوتيت من وسائل إعلامية مقروءة ومسموعة ومشاهدة خاصة في هذا الزخم الإعلامي الكبير الذي ينتشر في سماء المعمورة.
كذلك لا ننسى وزارة العمل والشئون الاجتماعية باعتبارها أقرب وزارة للمجتمع من حيث الدراسات والبحوث الاجتماعية ووضع الحلول المناسبة كذلك الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووزارة الداخلية ووزارة الصحة المهم أننا إذا احتوينا الشباب بهذه الأجهزة وقدمنا لهم الرعاية واحترام الذات فسوف ينعكس هذا على شباب منتج متكيف مع نفسه وأسرته ومجتمع نافع لنفسه ولهما عندها إن شاء الله لن نجد من بين هؤلاء من هو متطرف أو منحرف وسوف تسود الوسطية والاعتدال عقولهم إن شاء الله وفي ما بعد هذا كله من يشذ فالشاذ لا حكم له وسوف يجد العقاب الشرعي المناسب اللهم أصلح شبابنا وارزقهم البطانة والجليس الصالح وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
|