قبل اثنين وعشرين عاماً مضت تولى الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود مسؤولياته ملكاً لهذه البلاد المباركة وقائداً للنهضة الحضارية الشاملة، بمبايعة ومباركة من هذا البلد الطيب.
لقد جاء هذا القائد الحكيم على بصيرة بأمور وطنه ودراية لقضايا أمته، عاقداً العزم على بذل قصارى جهده لإرساء دعائم النهضة والأمن والاستقرار في ربوع هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعاً، وتنقضي السنة الثانية والعشرون من بيعة خادم الحرمين الشريفين، والمملكة تعيش في أوج أزدهارها في جميع الميادين والمجالات، ففي مجال أنظمة الحكم تميز عهد خادم الحرمين الشريفين على مدى اثنين وعشرين عاماً من التخطيط والتنظيم الإداري للدولة مع التوسع في التطوير والتحديث والتمسك بالثوابت منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله- لتكون منطلقاً ومرجعاً لمن بعده في الأقوال والأعمال والأحكام، ولا أدل على ذلك من اصداره -حفظه الله- للأنظمة الثلاثة للدولة: نظام الحكم، نظام الشورى، نظام المناطق وذلك في عام 1412هـ والتي حققت نقلة نوعية متميزة لهذا الوطن المعطاء، وفي مجال الزراعة تحولت المملكة من دولة يغلب عليها الطابع الصحراوي وقلة موارد المياه وقلة الأمطار، تحولت بفضل الله -عز وجل- ثم بالجهود الحثيثة التي بذلها الملك فهد وحكومته الرشيدة من بلد مستورد للغذاء إلى بلد منتج ومصدر للكثير من المحاصيل الزراعية، وأصبح القطاع الزراعي في بلد الخير واحداً من أهم القطاعات الوطنية المنتجة، وقد تضاعفت الرقعة الزراعية عشرات المرات خلال خطط التنمية التي نفذت في هذا العهد الزاهر بل وزاد الاهتمام بالطرق الزراعية خدمة وتوفيراً لجهد المزارعين.
إذاً في مجال الأمن الغذائي أولى خادم الحرمين الشريفين هذا القطاع جل اهتمامه داعماً ومشجعاً، حتى حققت المملكة بعد ثلاث سنوات فقط من بداية حكمه الاكتفاء الذاتي من إنتاج القمح.
وفي مجال تخصصي وهو التعليم من حسن الطالع أن كان أول وزير للمعارف آنذاك هو الملك فهد - رعاه الله- الذي وضع الأسس العلمية السليمة من أجل النهضة بأبناء هذا الوطن آخذاً في اعتباره أن تحقيق التنمية لا يكون إلا بأيدي وسواعد أبناء هذه البلاد ولكي يتم ذلك لابد من وجود جيل جديد يملك خصائص معينة لا تتوفر إلا في جيل متعلم يملك زمام وناصية العلم ومن أجل ذلك بدأ العمل وبفضل تعليماته وتوجهاته مضى على دربه من جاء بعده مستنيراً بالطريق الذي رسمه ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- فتوسعت الدولة رعاها الله في عهده الميمون بإنشاء المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية حتى الجامعات وظهرت التخصصات بمختلف أنواعها واهتمت الدولة بالتعليم الفني وأعطته جل اهتمامها وجهزت المعامل والورش في مختلف المراحل وطورت من أدائها ومناهجها حتى صارت تنافس أعرق الجامعات ومراكز التدريب في العالم.. حفظ الله صاحب هذه النظرة الثاقبة لأمور العلم والتعليم..
وفي مجال آخر وهو مجال يهمنا جميعاً ونحتك به ألا وهو مجال الصحة والخدمات الصحية حرص الملك فهد على تقديمها للمواطن والمقيم على أفضل ما يكون، فالنهضة الصحية التي شهدتها المملكة تضاهي ما وصلت إليه أكثر الدول المتقدمة في هذا المجال، حيث تم توفير العلاج لمعظم الأمراض، ولم تعد هناك حاجة لارسال المواطن إلى الخارج إلا عند الحاجة الماسة وان استطاع المواطن بكفاءة أن يشكل نسبة كبيرة في القطاع الصحي الحكومي والخاص، بعد أن كان هذا القطاع يعتمد بشكل كبير على الكفاءات الطبية العربية والأجنبية، كما أصبحت المملكة مقصداً كبيراً لكثير من الناس في الخارج الذين يرغبون للسفر إلى هذه البلاد المباركة للعلاج، بفضل ما وفرته وهيئته قيادة هذه البلاد الغالية والعزيزة للقطاع الصحي من إمكانيات لازمة لذلك، من إنشاء مستشفيات عديدة وتخصصية وتوفير الأجهزة الحديثة والمتطورة في عالم الطب مع إنشاء الكليات والمعاهد الصحية وتأهيل وتدريب القوى الصحية.
وفي مجال خدمة الإسلام، اهتم خادم الحرمين الشريفين بتبني ومتابعة مشاريع التوسعة الكبرى للحرمين الشريفين، وقد كان منذ بداية عهده الزاهر حريصاً على تنفيذ العديد من المشروعات التطويرية في المشاعر المقدسة لضمان أقصى قدر ممكن من راحة الضيوف المعتمرين، كما شمل تطوير وتحسين مواقيت الحج والعمرة في كافة أنحاء المملكة، إضافة إلى اهتمامه وعنايته بعمارة المساجد في أغلب مدن المملكة وصيانتها، وكذلك إنشاء مجمع لطباعة المصحف الشريف، وتزويد جميع المسلمين والمراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم من اصداراته بل وترجمة معاني القرآن الكريم ليتمكن العربي والأعجمي من معرفة حقيقة وسماحة الدين الإسلامي، إضافة إلى مناصرته قضايا الأمة الإسلامية والعربية في جميع المحافل حيث حقق ولله الحمد حضوراً كبيراً للمملكة..
وهكذا بقية الميادين والمجالات الأخرى سواء كانت خدماتية أو اجتماعية أو ثقافية .. كلها وبحمد الله شهدت طفرات وتطورات وازدهاراً ونمواً في هذا العهد المبارك. إذاً فقد شكلت إنجازات ومعطيات اثنين وعشرين عاماً مرحلة التحولات الكبرى في مسار التنمية والنهضة والأخذ بأسباب العلم والتقنية الحديثة، حتى أصبحت هذه المملكة دولة ذات خصوصية متفردة في منهج الحكم والإنجاز والمكانة وتجلت حنكة قيادة خادم الحرمين الشريفين في إدراكها الواعي لحقائق العصر ومتطلبات المرحلة.
واعتقد من الصعب أن يسطر الإنسان ما جيول في فكره وما يختلجه في نفسه من مشاعر أجزم بأنها لدى كل مواطن حق يقدر النعمة ويعترف بالفضل - لله عز وجل- المنعم أولا ثم لقائد نهضتنا الحديثة وحكومته الرشيدة.
حفظ الله بلادنا الغالية ومملكتنا الحبيبة وولاة أمرنا وثوابتنا الإسلامية من كيد الكائدين وحسد الحاقدين وأدام عليها وعليهم نعمة الأمن والأمان.
|