لم تشفع لمنظمة الصليب الأحمر الدولي صفتها الإنسانية لكي تنجو من انفجارات العراق، ولعل هذه الوضعية التي تتمتع بها اللجنة تلقى المزيد من الشكوك حول الذين استهدفوا مقرها يوم الاثنين الماضي في بغداد.
ولغياب مبررات الهجوم، بالنظر إلى ان المنظمة لا تنتمي لهذه الجهة أو تلك سياسياً، فيمكن القول ان جانباً مما يجري في العراق ضد المصلحة العراقية.
فهناك كثيرون في العراق يعملون من أجل إنهاء الاحتلال سواء سلماً أو حرباً لكن يبدو ان هناك أيضا الكثيرين الذين يعملون ضد العراق ذاته ويريدون تدمير هذا البلد وانهم ربما ينفذون أجندة هي حتما غير عراقية وان كانت بأيد عراقية والذين يستهدفون العراق كثر.
ووسط فوضى التفجيرات وتهديد الجماعات المسلحة فانه يخشى ان تضيع الكثير من الحقائق، ومن المؤكد ان هناك من يسعى إلى تغييب الحقائق.
ومن الحقائق الملحة رغبة الشعب العراقي في العيش بسلام، إذ يكفيه أنه عاش عقوداً من التغييب والتوتر والحروب.
ان السلام المنشود لا يمكن تبين ملامحه وسط كل هذه الفوضى ووسط هذه الأحقاد التي تتنامى ووسط السعي المحموم للانتقام والانتقام المضاد.
لقد جاءت انفجارات الاثنين لتسطر مرحلة جديدة أو لتطوير الحالة السلبية القائمة بالفعل، إذ إن ما حدث سيقود إلى موجة من ردود الفعل التي لن تخلو من رغبات جامحة في الانتقام.
ووسط هذه الأجواء يصعب الكلام عن التهدئة، ومع ذلك فان إنهاء التوتر أمر لا بد منه، ولأن الغموض يلف كل شيء فلا بد من نقطة للبدء منها في إنهاء التوتر.
ومن الأمور الواضحة ان الاحتلال يحفز ويستثير الكثيرين لمحاربته، ولعل خطوات تتخذ هنا وهناك لترتيب أوضاع العراق باتجاه إنهاء الاحتلال ستكون ذات أثر فاعل في تخفيف التوتر وليس إنهاء كل التوتر، غير ان المطلوب قدر من الاستقرار إذ ليس بالإمكان تحقيق كل شيء في ذات الوقت.
|