هجمت ليلة أمس الأول المسلسلات التلفزيونية من كل حدب وصوب. لا أحتاج أن أذكِّركم بغياب المشاركة السعودية وأسبابها فقد تحدثت عن ذلك قبل أيام. تفتح على هذه المحطة فلا تفاجأ ان تجد نفس المسلسل الذي كنت تشاهده قبل قليل على الفضائية التي وقع ريموتك عليها بالصدفة.
كما قلت قبل أيام فالمسلسلات هي من إنتاج مصري سوري، كويتي. من الواضح أن هناك حركة تجارية ضخمة تقف وراءها، وهناك شرايين من مندوبي الإعلان تجوب مكاتب الشركات السعودية الكبرى والصغرى لهذا الغرض.
يقال: إن السعودية تصرف مليارات على الإعلان والتسويق. وطبعا كما جرت العادة فإن نصيب المندوب السعودي والشركة الإعلانية السعودية لا يزيد كثيراً عن نصيب الأيتام على مائدة جماعة شارون.
بلغني مرة من المرات أن شركة سعودية تعاقدت مع شركة عربية على بناء حملة تسويقية بملايين الريالات. طبعاً لا تظهر قيمة هذا المبلغ والهبرة التي شكلها إلا إذا عرفنا أن هذه الشركة العربية لم تكلف نفسها اختراع فكرة إعلانية جديدة بل لطشت لهم فكرة إعلان سبق أن استخدمته لمحطة فضائية وهذه الفكرة في الأساس ملطوشة من فكرة إعلان أمريكية. يعني لطش عن لطش.
وعشان الواحد يبرئ ذمته من القيل والقال خصوصاً في هذا الشهر الفضيل لا بد أن يقول ولو من باب التحوط: إن الأمر لا يوجد فيه «شد لي وأقطع لك»، وإنما مدير عام الشركة السعودية ابن عم لزم للحصان لأنه بتحليل بسيط كان يمكن أن يطلب مدير هذه الشركة من شركة الإعلان فكرة إعلان غير مسبوقة حتى وان كانت بليدة. يعني يقول لهم على الأقل «خلونا نستحي ما يصير كل شيء عيني عينك. وخاصة ان الحساد في بلادنا كثيرون».
بصراحة ما أقدر أتخيل ان الاستهتار يصل إلى هذا الحد. رغم أنني أتمنى من كل قلبي أن الأمر يكون استهتاراً لا غباءً. فمن غير المعقول أن يصل أي إنسان يتمتع بهذا المستوى من الغباء إلى منصب يحتكم فيه على عشرات الملايين من الريالات في شركة سعودية. هذه الملايين من الصعب توزيعها بدقة على أطراف القضية. لكن من المؤكد ان خيرها بلغ عدداً كبيراً من المحتاجين وأبناء السبيل. هذا خمسين ألفاً وهذا عشرين ألفاً وهذا ستين ألفاً وهذا مائة ألف. ولكن المبلغ قام على ثلاثة أعمدة أساسية هي: مدير عام الشركة وشركة الإعلان والمحطة الفضائية. وإذا أمعنا النظر سنرى ان نصيب المسؤول الأول في الشركة هو الثابت وغير القابل للتبعثر مرة أخرى. يعني إذا دخل جيبه قرش فلن يقتطع منه هللة بالمقارنة مثلا مع المحطة الفضائية أو شركة الإعلان. فالمبلغ الذي يصل إلى شركة الإعلان سيقتطع منه تكاليف الفنيين والسفر و«الروحة والجية» وحق الشاهي الخ. والمبلغ الذي يدخل صندوق المحطة الفضائية أيضا سوف يتبعثر جزء منه على مطربين ومزمرين وفنانين لزوم جذب المشاهد السعودي لمتابعة المحطة. اللهم إني صائم.
فاكس: 4702164
|