Wednesday 29th october,2003 11353العدد الاربعاء 3 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
الأدمغة المفخخة
د. عبدالرحمن صالح العشماوي

كتاب صدر حديثا يحمل عنوان «الأدمغة المفخخة» تقترب صفحاته من «250» صفحة من القطع المتوسط، ويتميز غلافه بألوان تناسب فكرته، ويبرز على هذا الغلاف اسم مؤلفه «زين العابدين الركابي»، وهو ذو تفكير هادىء عميق، يؤمن بالاستقراء، والدراسة العميقة للقضية او الفكرة التي يطرحها قبل اعطاء الرأي فيها، وهذه صفات مهمة نحتاج اليها - خاصة - عند احتدام الفتن، واضطراب الأحوال، وانتشار الأجواء الضبابية في العالم التي تكون سببا في وجود زوايا وخبايا للمشكلات والأحداث لا يكشفها الا ذو الفكر الهادىء، والرؤية السديدة، والاستقراء الجيد للمعلومات والأسباب والمسببات، وهذا ما نعرفه في كتابات «زين العابدين الركابي».
وهناك عبارة في الغلاف تقرب من القارىء المراد من هذا الكتاب وهي: «كل جريمة ارادية على الأرض.. مسبوقة بفكرة شريرة في الدماغ». من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب ذي العنوان اللافت للنظر «الأدمغة المفخخة»، ولولا ان كاتبه «الركابي»، لظن قارئه لأول وهلة انه من العناوين الاعلامية الدعائية التسويقية، ولعل هذا من عوامل التوفيق في هذا الكتاب المهم، في هذه المرحلة المهمة.
يقول الناشر: «إن الكاتب يشخص الأسباب بموضوعية، فيستدعي التاريخ، ويستقرىء الواقع بشمولية، ثم يتنبأ بالنتائج حتى لكأنك تراها ماثلة في حقيقة اليوم، أو ستدركها - يقينا - متجسدة في معطيات الغد».
ومع ان هذه العبارة مهمة في تحديد قدرة الكاتب على الاستقراء والاستنتاج، الا انني استميح الناشر عذرا في تغيير بعض عباراته سعيا الى التعبير الموضوعي المتطابق مع الدلالات اللغوية للكلمات، فأنا أضع مكان «يتنبأ بالنتائج» جملة أخرى هي «يتوقع النتائج»، أو «يستنتج الأحداث والوقائع»، لأن توقع واستنتج أكثر مناسبة لموضوع الدراسة والاستقراء، ومتابعة الأسباب للوصول الى نتائج صحيحة، ولا يؤدي «تنبأ» هذا المعنى المذكور هنا.
وحتى نقترب من معرفة قيمة هذا الكتاب الذي أظنه الإصدار الأول للأستاذ «الركابي»، أنقل هذه السطور من مقدمته، يقول: «ما أولويات الناس على هذا الكوكب؟، لعلها: الحرية، او الهرولة الى الله، او الغذاء الجيد، او العلاج الناجع، أو التعلم، او البحث العلمي، او الاستقرار السياسي، أو الوظيفة المجزية، أو الزواج السعيد، أو السياحة والرفاه، أو زيادة معدلات الانتاج، أو المسكن الواسع، أو المركب الهنيء؟.. لاجرم ان هذه - ومثلها معها - اولويات للأناسي المنتشرين في الأرض - كل بحسبه - فالناس يختلفون في أولوياتهم باختلاف حاجاتهم إلى هذه المطالب، ولئن اختلف الناس في هذه المقاصد والأسبقيات من حيث ان «سعيهم شتى» فهم متفقون على المطلب الأول الجامع الذي يهتف به الجميع، ويجعلونه الرقم «1» في أجندة حياتهم الخاصة والعامة، اليومية وطويلة المدى.. هذا المطلب المنعقد عليه الاجماع هو «الأمن» أو «البيئة الآمنة».
وهنا يمكن ان ندرك أبعاد عنوان الكتاب، فاذا اضفنا الى ذلك معرفة عناوين فصوله، وصلنا الى معرفة الكتاب بصورة متكاملة، فالفصل الأول: ضد الارهاب الأقرب: في الزمان والمكان، والفصل الثاني: قبل قارعة 11 سبتمبر، والفصل الثالث: في وجه القارعة ومجابهة مسببيها ومستغليها، وبين هذه العناوين عدد من العناوين الصغيرة عن تكتيك الخلط بين الإسلام والغلو، وأزمة التفكير، عندما تفخخ مكافحة الارهاب بالأجندة الصهيونية، هذه الجامعات والمدارس الدينية ما شأنها، هذه رسالة غير سرية للرئيس الأمريكي جورج بوش، معا ضد الارهاب، ولكن بأي عقلية؟
حتى أكون صادقا مع القارىء الكريم فانني اعترف بأنني لم أقرأ الكتاب كاملاً، وانما قرأت مقاطع منه، وبعض الموضوعات التي ذكرت عناوينها سابقا، ووجدت في رسالة الكاتب «الركابي» الى الرئيس الامريكي ما يستحق الوقوف عنده.
بعد ذلك وقبله، أرى ان الكتاب من الكتب المهمة التي تستحق القراءة والمناقشة، والتقدير للجهد المبذول فيها، سواء أكنا متفقين مع مؤلفيها أم بيننا وبينهم شيء من الاختلاف.
تحية للمؤلف، وشكرا للدكتور محمد بن سعود البشر الذي اهدى إلي هذا الكتاب.
إشارة
لم يزل ليلك مشتاقا الى بدر فحاول أن تكونه.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved