* القاهرة مكتب الجزيرة على البلهاسي:
يبدو أن المواجهة بين السفير الأمريكي في القاهرة ديفيد وولش والصحافة المصرية قد دخلت منعطفا خطيرا بالفعل وذلك بعد أن ضاقت الصحافة ذرعا بتصريحات وممارسات السفير الأمريكي المثيرة للاستفزازات ولعل هذا ما دفع بمجلس نقابة الصحفيين المصريين بإصدار بيان أدان فيه ما وصفه بأنه تصريحات وقحة وغير مسؤولة للسفير الأمريكي والتي اتهم فيها الصحافة المصرية بالعدوانية والتزييف والخروج على التقاليد الإعلامية.
وكان وولش قد أعرب في مؤتمر صحفي في 20 اكتوبر الجاري في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن أسفه لنشر الصحافة المصرية بعض المقالات التي قال عنها إنها مؤسفة وتتناقل نظريات التآمر أو تهاجم الولايات المتحدة بعبارات عدائية وغير مهنية وانتقد خصوصا صحيفة الجمهورية واتهمها بعدم الأمانة لأنها وصفت «العملية الانتحارية» التي وقعت في 4 اكتوبر في حيفا شمال إسرائيل بأنها عملية فدائية في حين أنها تشكل بالنسبة للسفير عملا إرهابيا.
رفض الضغوط
واعتبر بيان مجلس نقابة الصحفيين هذه التصريحات تدخلا سافرا وغير مقبول في شؤون الصحافة المصرية كما يمس استقلاليتها وحريتها المكفولة بمقتضى الدستور والقانون وقال البيان إن السفير الأمريكي حاول تسويق سياسة إدارته العدوانية التي تسعى للهيمنة والسطو على الأوطان وتعمل لخدمة مخططات المشروع الصهيوني ضد دول المنطقة وعلى حساب الشعب الفلسطيني واعتبر البيان مطالبة السفير الأمريكي لرؤساء التحرير في مصر في تصريحات سابقة بمراقبة صحفهم لمنع نشر الآراء التي لا تتفق مع وجهة نظر الإدارة الأمريكية تدخلا سافرا وغير مقبول في شؤون الصحافة المصرية.
وقرر مجلس النقابة التدخل لدى الخارجية المصرية لاستدعاء السفير الأمريكي لإبلاغه احتجاج النقابة وجموع الصحفيين المصريين والتأكيد عليه بالالتزام بالتقاليد الدبلوماسية وأنه ليس مندوبا ساميا لبلاده في مصر كما ناشد المجلس المؤسسات الصحفية والكتاب الصحفيين والمثقفين وجميع القوى الوطنية تجنب التعامل مع هذا السفير واعتباره شخصا غير مرغوب فيه لعدائه لحرية الصحافة ولانحيازه الفج ضد مصالح وأماني الشعوب العربية.
ومن جانبه، رفض جلال عارف نقيب الصحفيين الضغوط الخارجية وخاصة من الولايات المتحدة بوهم أنها يمكن أن تفرض ولو بالقوة التغييرات المطلوبة على العالم العربي مؤكدا أن غزو العراق هو الخطوة الأولى لإعادة تشكيل المنطقة للمصالح الأمريكية وحدها.
ويأتي البيان المصري بعد بيان المكتب الدائم لاتحاد الصحفيين العرب الذى دعا فيه الصحفيين والإعلاميين العرب بعدم نشر ومقاطعة أخبار ونشاطات سفارات دول محور الحرب في العالم العربي وخصوصا أمريكا وبريطانيا وإسرائيل كما أوصى بتجنب استخدام التعبيرات التي تسوق لها الدوائر الصهيونية والأمريكية لفرض واقع جديد في العالم العربي.
أزمات متكررة
جدير بالذكر أن الأزمة الأخيرة بين وولش والصحافة المصرية ليست الأولى من نوعها بين السفير الأمريكي والصحفيين والمثقفين المصريين حيث تكررت هذه الأزمات منذ تولى وولش منصب سفير أمريكا بالقاهرة والذي كانت تصريحاته وتصرفاته مسار انتقادات واسعة بين الصحفيين والمثقفين بدءا بتدخله في قضية سعد الدين إبراهيم وهجومه على المؤسسة الدينية في مصر وغير ذلك من مظاهر التدخل التي أثارت استياء وانتقادات قطاع واسع من المثقفين والرأي العام المصري حتى أن المحامي المصري نبية الوحش قام برفع دعوى قضائية ضد السفير الأمريكي بسبب مواقفه المنحازة لإسرائيل وشنت صحف المعارضة حملة ضد وولش بسبب تدخله في السياسة الداخلية المصرية وانتقدت السماح له بالتجول في المحافظات المصرية خاصة محافظات الصعيد التي قالت الصحف المصرية بأن هناك نشاطا ملحوظا للسفارة الأمريكية بها خلال العامين الماضيين متهمة إياها بأنها تسعى لتجميع قاعدة معلومات واسعة في هذه المحافظات لأغراض مشبوهة.
على أن أكبر أزمات وولش مع الصحافة المصرية كانت في سبتمبر من العام الماضي وذلك عندما نشر مقالا له في صحيفة الأهرام الحكومية دعا فيه رؤساء التحرير المصريين إلى عدم نشر مقالات تروج للنظرية القائلة بأن اعتداءات 11 سبتمبر ناجمة عن مؤامرة وليس بتدبير من أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة وهو ما اعتبره البعض مطالبة جديدة للسفير الأمريكي بفرض قيود على المقالات والأعمدة التي تنشر في الصحف المصرية وتنتقد سياسة واشنطن بعد 11 سبتمبر.
وأثار هذا المقال جدلا كبيرا بين السفير الأمريكي والمثقفين والصحفيين المصريين ووجهت مجموعة من كبار الصحفيين والمفكرين المصريين انتقادات عنيفه للسفير الأمريكي واعتبرته شخصا غير مرغوب فيه وطالبت الإدارة الأمريكية بسحبه واتهم الموقعون على البيان وسائل الإعلام الأمريكية بالانحياز مشيرين إلى دهشتهم واستنكارهم من كم المغالطات التي يمتلئ بها مقال السفير الأمريكي واللهجة المتعالية التي يتحدث بها فيه وكأنه يخاطب عبيدا أو رعايا إحدى جمهوريات الموز وذلك على حد تعبير البيان الذي وقع عليه أكثر من ألف صحفي ومثقف.وأضاف البيان أنه من الغريب أن يحاول سفير دولة أجنبية أياً كانت هذه الدولة أمريكا أو غيرها أن يملي على المثقفين والصحفيين المصريين طريقة التفكير والكتابة وضرورة الإيمان بكل ما تراه أمريكا ووسائل إعلامها حتى ولو كان مجرد أكاذيب.
|