على مدار التاريخ لم تستحق قضية انسانية وقضية وطن مثل ما شهدته القضية الفلسطينية، من تسلط العدو وعنفه وقسوته وجبروته ثم بجاحته التي تزداد يوماً بعد يوم، والموقف الدولي والعربي المتخاذل من هذه القضية، وموقف بعض السياسات الكبرى المساندة لليهود، وشعب وهو الشعب الفلسطيني المتمسك بالأمل والصبر في مقاومة عنيفة وعنيدة، فبالرغم من انصراف العالم عنه وموقف حكومته المهين والخاضع للإرادة الإسرائيلية إلا أنه ما زال يقاوم بجلد عجيب ويقدم اجساد ابنائه وبناته فداء لتراب الوطن من منطلق أن قهر الإنسان واغتصاب الأرض أمران لا يطاقان.
على المستوى المحلي لم تأل حكومة المملكة العربية السعودية من دعم قضية فلسطين وهو موقف ثابت ومتجذر في السياسة السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين، والقارئ والمتابع يلاحظ أن مواقف المملكة ثابتة ومشرفة من هذه القضية.
وفي اطار هذا الاهتمام صدر عن دارة الملك عبد العزيز وضمن سلسلة كتاب الدارة كتاب «موقف المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية» (1345 - 1368هـ)، (1926 - 1948م) لمؤلفه الدكتور حسان حلاق.
ومن عنوان الكتاب يتضح أن المؤلف قصره على البدايات المبكرة للقضية الفلسطينية وهي البدايات الصعبة والمؤلمة -وإن كانت كل القضية مؤلمة - وزمنياً تدخل ضمن فترة الملك عبد العزيز، حيث أبرز الكتاب المواقف الواضحة والجريئة ودعم الحق من قبل الملك عبد العزيز سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المراسلات والمحافل الدولية، ومما زاد العبء على الملك عبد العزيز على حد قول المؤلف: «أن المملكة العربية السعودية في هذه الفترة تكاد تكون الدولة العربية الوحيدة غير الخاضعة لقوة أجنبية، ومن هنا كانت المسؤوليات الجسام ملقاة على عاتق المملكة، وكان الملك عبد العزيز آل سعود يتصدى ويواجه القوى المحلية والاقليمية والدولية المؤيدة لإقامة دولة يهودية في فلسطين، فبدأ اتصالات وأجرى مراسلات عديدة وعقد اجتماعات مكثفة مع جميع القوى المؤثرة في مسار القضية الفلسطينية»، واجمالاً يمكن القول ان الكتاب يستحق القراءة ويستحق التقدير.
وفي الاطار نفسه نشرت الدارة كتاباً آخر يصب في الموضوع نفسه، ركز على جهود خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - حفظه الله - بعنوان «مواقف خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز تجاه قضية فلسطين» لمؤلفه الأستاذ الدكتور عبد الفتاح أبو علية.
وشملت الدراسة جانبين أساسيين هما: «الجانب السياسي في موقف خادم الحرمين الشريفين تجاه القضية الفلسطينية ودلالاته العملية ومظاهرة المميزة. أما الجانب الآخر فشمل جوانب متعددة ومتشعبة غير الجانب السياسي تتمثل في مجالات الدعم المالي: الحكومي والشعبي، ومجالات دعم منظمة التحرير الفلسطينية ومجالات دعم الاقتصاد الفلسطيني وميزانية السلطة الفلسطينية والمساعدات الاجتماعية للشعب الفلسطيني في مجالات الغذاء والتعليم والصحة وخدمة الحجاج الفلسطينيين والمساعدات الإنسانية الأخرى بالاضافة إلى مشروعات الدعم الإعلامي للقضية الفلسطينية».
إن هذا الكتاب والكتاب الأول الذي أشرت إليه فيهما رصد لمواقف المملكة المشرفة من هذه القضية، وهما يوضحان للتاريخ وللأجيال القادمة عمق الموقف السعودي وجدارة أعماله من القضية العربية المتمثلة في قضية فلسطين.
|