العصر «المودرن»
جيلنا جيل الضياع والتمزق والقلق أو كما يسمونه جيل الموضة والتقليعة والصرعة أو جيل المظاهر والبهارج والأضواء. انعدمت فيه أو كادت كل المفاهيم المقارنة التي كانت للجيل الذي قبله، ويعني هذا في مقاييس علم الاجتماع مرحلة انتقال و تحول تاريخي طبيعي من ماض بمخلفاته إلى حاضر بتطلعاته، وفي الانتقال توجس وتهيب وفي التريث قلق وضياع، وفي الطفرة كبوة وانكباب وهذا في يقيني سر شقاء الشباب وتمزقهم لأنهم يقفون على مفترق طرق في هذا العصر «المودرن» الذي تطغى فيه المادية حتى لتكاد تصبح سمته المميزة التي تغمر في زخمها كل ما ألفه الجيل الماضي «المحظوظ» واعتاد عليه من بساطة وسعادة.
إن آلام الشباب ناجمة من واقع حياتهم وما يحيط بهم. أما أولئك المنطوون على أنفسهم السادرون في متاهات السعادة الساذجة أو السذاجة السعيدة، الذين يعيشون داخل قواقع نفوسهم بعيدين أو متابعدين عن حقيقة الحياة وواقعها، فهم والنعام الذي يدس رأسه بالتراب للهرب من واقعه سيان، فهؤلاء أقمن بالعزاء وأولى بالرثاء.
كلمات متقاطعة
كثير من الذين يتشبثون بالأدب بأوهى الأسباب يحملون القارئ مزيداً من «وجع الرأس» وإضاعة الوقت دون فائدة.
وكثير ممن يسودون بياض الصحف بأقلامهم لمجرد الظهور ورسم هالة من الشهرة الرخيصة البراقة حول نفوسهم غير مدركين أن النار المضرمة من القش وأعواد القصب الجوفاء لا يمكن إلا أن تكون قصيرة النفس خابية الضوء مهما اشتد أوارها للوهلة الأولى. وعندما يختل الميزان والتوازن بين الحقيقة والخيال وبين الواقع والمحال وينبهم الوضوح بمعميات الحذلقة والفذلكة عندما تصير المعاني غير محددة ويصبح اللامعقول هو المعقول، عندما تبدأ في قراءة السطر الأخير، وتنتهي عند قراءة السطر الأول فتكون أسعد حظاً ممن يبدأ من السطر الأول وينتهي عند السطر الأخير. عندها - عزيزي القارئ - يختلط حابل الأشياء بنابلها، ونعجز عن فهم أنفسنا وفهم ما نريد أن نقوله!!.
وصفة أدبية
الأديب أو الكاتب هو ذلك الذي ينقل أحاسيس مجتمعه، آماله وآلامه من خلال نفثات يراعه بكل صدق وتجرد بعيداً عن الأهواء والغايات الشخصية التي تكبل قلم الكاتب وتحد من انطلاقه انطلاقاً نابعا من ضمير حي واع.
|