Tuesday 28th october,2003 11352العدد الثلاثاء 2 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

26/8/1390هـ الموافق 27/10/1970م العدد 317 26/8/1390هـ الموافق 27/10/1970م العدد 317
شواطئ
بقلم: خالد الدخيل

لماذا يعيش التعساء؟ سؤال أطلت فيه النظر.. وتعمقت فيه، تفكيراً.. سؤال رأيت فيه ظلماً لأصحاب الدموع.. لمحت في أهدابه الجور على التعساء.. لماذا؟ أليست الحياة دموعاً وابتساماً؟ هؤلاء الذين نسميهم تعساء ألم تعرف أشداقهم الابتسامة؟ ألم ترتع الفرحة في نفوسهم..؟ الخ.. أجيبوني لعلي أقتنع وأضم نفسي إلى حضرتكم..! ثم اننا بشر وجدنا ومعنا السعادة.. والشقاء والشر.. والخير.. والإنسانية.. واللاإنسانية.. فيجب أن نأخذ من كل شيء أحسنه وأفضله.. إن الإنسان في هذه الحياة مسير ومخير معاً.. ولكنه في الغالب مخير.. فهل نجور ونطلب العدم لهؤلاء الذين لا يعيشون إلا على الدموع.. وبين قصور الشقاء.. وفي أكواخ السعادة..ألا يكفي أنهم تذوقوا مرارة الحياة.. بل مرارة التخير.
إذا كنا بتساؤلنا هذا نعتقد بأننا نترحم على التعساء فيجب أن نفيق وأن نعلم بأننا تعدينا على هؤلاء.. وأصابتنا الغيرة منهم ومن سعادتهم فتمنينا لهم الموت.. وتسترنا وراء أقنعتنا «بأننا لا نتحمل مشاعرنا الرهيفة، وأحاسيسنا الرقيقة بأن ترى هؤلاء الأشقياء يغرقون في بحر من الدموع»، وإلا فلماذا لا نتمنى الموت لأولئك الذين لا يعيشون إلا على دماء البشرية.. وفوق جثتها وبين سعادتها وأفراحها؟ لمذا لا نسلط حرابنا ضد الذين تبلدت مشاعرهم.. وخارت ضمائرهم.. واندثرت إنسانيتهم وأصبحوا كالحيوانات لا تستطيع العيش إلا بدافع الغرائز الحيوانية «من طمع وجشع.. وحب ذات وأنانية وهكذا» لماذا لا نأخذ من آكلي لحوم البشر ونعطي من نسميهم تعساء ليبقى هؤلاء.. وينتهي أولئك؟ إن التعاسة مصدرها الألم.. والألم رمز الشعور والإحساس وما الشعور والإحساس إلا ضرب من الإنسانية.. وما الإنسانية إلا تاج على رؤوس الإنسانيين لا يراه إلى دعاة الظلم والعدوان. التعساء الذين صقلتهم تقلبات الأمور ورسموا طريقهم بريشة الألم.. وخطوه بيراع الإنسانية.. وأصبحوا يشاركون الناس أفراحهم وأتراحهم.. وشتان بين بكاء الألم وابتسامة البلادة..

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved