Tuesday 28th october,2003 11352العدد الثلاثاء 2 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مع دخول رمضان مع دخول رمضان
الشيخ عبدالله بن صالح القصير*

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن شهر رمضان المبارك شهر عظيم ووافد كريم فيه متجر لأهل الإيمان، ومتاب لأهل الغفلة والعصيان، نوّع الله تعالى بين الطاعات ويسّر أسباب محو الخطيئات، وفيه تضاعفت الأعمال وتعظم الأجور، ويعان فيه العباد على الخير والبر.
ويكفي في بيان فضله أنه شهر الصوم الواجب الذي اختصه الله لنفسه وجعل جزاءه عليه كما في الحديث القدسي الصحيح ان الله تعالى قال: «كل عمل ابن آدم فيه الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
وإنه شهر قيام الليل فيه شعيرة من شعائر الدين الظاهرة وقد وعد الله أهل قيام الليل بقوله: {(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) } وشهر المواساة بالصدقات والاحسان وقد قال تعالى: {هّلً جّزّاءٍ الإحًسّانٌ إلاَّ الإحًسّانٍ (60)} .
وهو شهر القرآن الذي ابتدأ فيه نزوله وتذكر فيه تلاوته ويعظم فيه الاهتداء به {(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) }.
وهو شهر تيسر الأذكار ورحابة وإجابة الدعوات فذكر الله تعالى فيه شأن وللدعاة فيه أثر عظيم كما قال تعالى: {(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (186)
وفيه ليالي العشر الأواخر التي هي أفضل ليالي الشهر بل أفضل ليالي السنة على الاطلاق كما هو الراجح عند أهل العلم لإقسام الله تعالى بها في قوله: {وّلّيّالُ عّشًرُ (2)} ولاعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
وفيه ليلة القدر التي هي خير ليلة في العام وهي الليلة المباركة قال تعالى: {لّيًلّةٍ القّدًرٌ خّيًرِ مٌَنً أّلًفٌ شّهًرُ (3)} وقال تعالى {إنَّا أّنزّلًنّاهٍ فٌي لّيًلّةُ مٍَبّارّكّةُ إنَّا كٍنَّا مٍنذٌرٌينّ (3)}
وشهر هذه بعض فضائله - وهي غيظ من فيض - ينبغي لأهل الإسلام والإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ان يحسنوا استقباله، وان يتطلعوا لفضل الله تعالى فيه وان يعظموا الرغبة الى الله تعالى في المن بالمزيد من كرمه وجوده فيه ويكون حسن استقباله بأمور:
الأول: دعاء الله تعالى - صح عظم الرجاء له - ان يمن ببلوغه كما في الأثر «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان».
الثاني: الاغتياظ ببلوغه وانشراح الصدر لدخوله طمعاً فيما رتب الله تعالى عليه الأعمال الصالحة فيه من عظيم المثوبة وكريم الأجر.
الثالث: العام الصادق من المكلف على صيام نهاره وقيام ما تيسر من ليله إيماناً يستر وعيه واحتساباً للمثوبة عليه فلا يكون كارهاً لقدومه ولا مستثقلاً لصيامه، ولا متهانا بقيامه ولا مستيطلا لأيامه.
الرابع: توطين النفس ومجاهدتها على تعظيم حرمة وقته والعبادات فيه بحيث يحفظ أعماله مما ينقصها او ينقضها ويبطلها، ويتقي الشبهات ولا يفكر في اقتراف السيئات خشية من الله تعالى وحذراً من أليم عقوبته.
الخامس: ان يعتني المسلم بحفظ وقت رمضان لشرفه بحيث ينتفع بأكبر قدر منه فيما حط الخطيئات ورفعة الدرجات ولا يكون ذلك إلا بتحديد الأعمال فيه ومراعاة الأولويات وتقديم الأهم على المهم، والواجب على المندوب، ويؤدي كل عبادة في وقتها وعلى أحسن الوجوه المستطاعة ومن ذلك:
أ- إن كان من أهل الأموال الزكوية فيحصي أمواله ليعرف مقدار الزكاة الواجبة ويحدد مصارفها التي يرى أولويتها، ويوزعها على غالب أيام الشهر حتى يجمع له الصيام والقرآن والانفاق بحيث تكون هذه الأعمال متواكبة، وهكذا يعرف مقدار صدقة التطوع من نقد مطعوم، أو ملبوس ونحو ذلك.
ب- يجعل له برنامجاً لتلاوة القرآن في شهر القرآن بحيث لا يخل به ولا ينقص عنه بل يحرص على الزيادة عليه وينبغي ألا يقل عن اربع ختمات للقرآن من أوله الى آخره مع التدبر للآيات ومراجعة تفسير ما استوقفه منها ليحقق له قدراً من تدبر القرآن والفقه فيه.
ج- الالتزام بالأذكار اليومية في أوقاتها ومناسباتها بحيث لا يخل بها في جميع الأيام ليستمر معه ذلك المنهاج فيما بعد رمضان من العام.
د. تحديد موعد مناسب لأداء عمرة في رمضان «فإن عمرة في رمضان تعدل حجة».
والتفكير في امكانية الاعتكاف في العشر الآواخر واين سيعتكف وترتيب ما يلزم لذلك.
هـ- التفكير في الانتفاع من ليالي رمضان العشر الأول والأوسط منه والتي تضيع على أكثر الناس هدراً وربما فيما يضره في حفظ مقدار من القرآن او مراجعة المحفوظ او حضور دروس او محاضرات او صلة رحم بحيث تكون لديه خطة منظمة لذلك.

* داعية معروف

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved