لقد أكرم الله سبحانه وتعالى أمة الإسلام بالدستور المنزل، والقرآن المبجل، كتاب رب العالمين الذي أرسله على سيد الأولين والآخرين.. وإن المتأمل في دلائل هذا الكتاب المعجز.. لينبهر من كل شيء فيه.. وإن من الأشياء التي تبهر.. وتحتاج إلى تأمل - هي أنه كتاب يُقرأ.. وأن أول ما نزل فيه هو «اقرأ»، إذن هذا الكتاب فيه دلالتان على الأمر بالقراءة والحث عليها.. فالأولى أن من الأمور المتعينة على الاطلاع بما فيه القراءة، والأخرى.. أمر صريح بالقراءة.. والله سبحانه وتعالى لا يأمر بشيء إلا إذا كان فيه مصلحة للبشرية، ونفع للانسانية، وأن المتتبع منا لتاريخ السلف العابق بالثناء نجد أن اسماءهم قد خُلِّدت وأعلامهم لا تكاد تنساها الأفئدة.. ولا تتجاهلها مغاور القلوب ..
ابن عباس رضي الله عنه ارتفع شأنه لكونه عالماً.. أبي بن كعب علا قدره لنشأته عالماً.. وكذا الخليل، وسيبويه، والأخفش، والكسائي.. حتى نصل إلى هذا الزمان الذي نعيش مكامنه فنرى ابن بازوابن عثيمين والألباني.. ارتفعت مكانتهم لعلمهم وجلالة قدرهم.. وكم نمتلئ حبوراً ونزداد غبطة عندما نرى المكتبات التجارية والحكومية في جميع الأرجاء وفي جل البقاع.. وهذه المكتبات تحمل أولاداً لها تُدعى الكتب.. ومع الأسف الشديد.. أن هذه الكتب عندما خرجت إلى الحياة.. احتاجت لمسح رؤوسها! إذ يعلوها الغبار، فهي إذن واليتيم سواء.. إننا مع الأسف نجد أن ماء الثقافة يكاد ينضب من رؤوس شبابنا إلا ما نجده من ثقافة الفضائيات ومن الشبكة العنكبوتية.. ثقافة تهدم القيم وتعكر وجه المجد الأصيل لأمتنا السامقة..
تأمل يا رعاك الله حال أبنائنا في كل مكان إن سألته عن لاعب أو فنان فالاجابة عنده كاملة لا نقص فيها ولكن؟!! اسأله عن عالم جليل أو مؤلف قدير.. تجد أفكاره خاوية على عروشها والله المستعان..
فلقد وضعوا بينهم وبين الكتب عداوة.. وصيّروا بينهم وبينها معركة ضروساً ضارية.. يفرح بها الأعداء.. ويقهقه من أجلها الآخرون.. وتأمل في حال شبابنا في محلات الوجبات السريعة وهم يزحمون ويدخلون أفواجاً أفواجاً.. وهم متخمو البطون.. مترهلو الأجسام.. وانظر حال مكتباتنا التي يسمع لمعدتها أصوات العصافير.. لأن ما حولها من الشباب يحلمون أحلام العصافير.. نحن نريد أن نتخم بطوننا.. ونجعل عقولنا تصاب بالهزال.. نحن نريد العكس.. فهل يتحقق.. كلا.. وألف كلا..
|