Tuesday 28th october,2003 11352العدد الثلاثاء 2 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دَع القلقَ وابدأ الحياةَ دَع القلقَ وابدأ الحياةَ
سعد بن محمد الموينع/مدرسة حي السفارات الابتدائية/الرياض

يقول إيليا أبو ماضي شاعر المهجر:


كَمْ تشتكي وتقولُ إنّكَ مُعدمُ
والأرضُ مُلكُكَ والسَّما والأنجُمُ
ولكَ الحقُولُ وزَهرُها وأريجُها
ونَسيمُها والبُلبُلُ المترنِمُ
والماءُ حَولكَ فضةٌ رقراقةٌ
والشَمسُ فوقَك عَسجدٌ يتضرمُ
والنّورُ يبني في السفوحِ وفي الذرا
دوراً مزخرفة وحيناً يهدمُ
هَشتْ لكَ الدُنيا فمالكَ واجماً
وتبسّمتْ فعلامَ لا تتبَسمُ
إنْ كنتَ مكتئباً لعزّ قدْ مضى
هيهاتَ يُرجِعهُ إليكَ تندمُ

ما من إنسان إلا ويريد أن يدع القلق ويبدأ الحياة، ولكن هل يستطيع ذلك؟
قرأت كتاب «ديل كارنيجي» وعنوانه «دع القلق وابدأ الحياة» ووجدته كتاباً رائعاً يعالج قضية ملتهبة ويناقش أمراً واقعاً، وهذا الكتاب يحكي فلسفة مؤلفه ونظرة كاتبه لقضية القلق وعدم الاستقرار النفسي لدى الإنسان، ولا شك ان في هذا الكتاب فائدة لقارئه ومقلب صفحاته.
سؤال يطرح نفسه ما هو القلق؟ القلق هو الخوف الذي يساور النفس ويحاصرها وهو الرهبة والحيرة وعدم الارتياح وذهاب الاستقرار النفسي.
يقول ديل كارنيجي في كتابه دع القلق وابدأ الحياة: فالقلق هو من أخطر المشاكل التي تواجه الإنسانية..
وفيما أرى أن القلق تختلف درجاته وتتباين أسبابه باختلاف الأشخاص، فمن الناس من تكون حياته كلها قلق فيصبح ويمسي على القلق وينام قلقاً، وإن منهم من يعيش فترات من القلق يعاني منه قليلاً ومن ثم يتخلص منه.
* وبالضد من ذلك فان الذي يتخلى عن الإيمان بالله فان صدره يصبح ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كما ذكر الله عن حال ذلك المشرك الذي لم يهده ولم يشرح صدره للإيمان {(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125) }
وإن المحافظة على الشعائر التعبدية من أعظم أسباب ذهاب القلق لأن الشعائر التعبدية غذاء للروح وهي ذكر لله كما قال الله تعالى: {وّأّقٌمٌ الصَّلاةّ لٌذٌكًرٌي} (طه: 14) ، وقال الله تعالى: {أّلا بٌذٌكًرٌ الله تّطًمّئٌنٍَ القٍلٍوبٍ} (الرعد: 28) ، وجاء أيضا في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في شأن الصلاة أرحنا بها يا بلال «أي الصلاة» وفي المقابل يذكر الله ان المعيشة الضنك والقلق النفسي يحاصر العبد الذي يعرض عن ذكر الله قال الله تعالى: {(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124)
ولقد أشار القرآن إلى قضية القلق في مواضع كثيرة، وتطرق إلى أسبابه وعلاجه.
إن التقوى والإيمان من أسباب ذهاب القلق والهمّ عن المسلم وقد تكفل الله بإزالة القلق والهم عن عباده المؤمنين المتقين كما ذكر في كتابه الكريم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
. الذين آمّنٍوا وّكّانٍوا يّتَّقٍونّ} [يونس: 62 - 63] .
ومن أعظم أسباب ذهاب القلق الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره وان يعلم المسلم ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، فإذا أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر والذي يطمح أن يعيش بلا قلق فعليه أن يتجنب أسبابه، وأعجبني ما ذكره الشيخ الداعية عائض القرني في كتابه «لا تحزن» عندما تحدث عن أسباب القلق إذ يقول: أربعٌ تورث ضنك المعيشة وكدر الخاطر وضيق الصدر:
الأولى: التسخط من قضاء الله وقدره، وعدم الرضا به.
الثانية: الوقوع في المعاصي بلا توبة قال الله تعالى: {قٍلً هٍوّ مٌنً عٌندٌ أّنفٍسٌكٍمً} [آل عمران: 165] . الثالثة: الحقد على الناس، وحب الانتقام منهم، وحسدهم على ما آتاهم الله من فضله. قال الله تعالى: {أّمً يّحًسٍدٍونّ النَّاسّ عّلّى" مّا آتّاهٍمٍ الله مٌن فّضًلٌهٌ} [النساء: 54] ، وكما قيل «لا راحة لحسودٍ»..
الرابعة: الإعراض عن ذكر الله.
إن بعض حالات القلق التي تصيب الناس إمّا لأمر قد مضى أو لأمر لم يأتِ بعد.
فنجد ان بعض المصابين بالقلق يسترجعون صفحات الماضي ويعيشون ساعات من الندم على ما مضى فيصاب الواحد منهم بالمرض من كثرة استرجاعه للوقت الذي مضى ونجد انه كثيراً ما يذكر لو أني فعلت كذا أو لو أني ما فعلت كذا فيعيش مع القلق أياماً من حياته ويهلك نفسه وهو لا يشعر، وقد جاء التوجيه النبوي بالنهي عن استخدام لو وأخبر صلى الله عليه وسلم ان لو تفتح عمل الشيطان.
وإنّ بعض حالات القلق التي تصيب بعض الناس ناتجة من تحري وتوقع حدوث مصائب وفتن في المستقبل وتجد ان هؤلاء متشائمون أشد التشاؤم لا مكان للفأل الطيّب لديهم، وهم بذلك يخالفون هدي الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يكره الطيرة ويعجبه الفأل، وإنّ من صفات أهل التقوى والإيمان أنهم يستبشرون.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved