Tuesday 28th october,2003 11352العدد الثلاثاء 2 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الوهابية المصطلح وأزمة الإعلام الوهابية المصطلح وأزمة الإعلام
فاطمة البدر - المدينة المنورة

مؤخراً شاع مصطلحٌ جديد، أو هكذا بدا لنا، وإن لم يكن جديداً لدى غيرنا لكنه جديدٌ علينا نحنُ المعنيين بالأمر.
(الوهابية) مصطلح أصبح الإعلامُ يردده بكرةً وعشياً منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفي حين أطلقه الغربُ كغيره من المصطلحات التي أصبحت تُصنَع أو تُوظَّف على عين الإدارة الأمريكية.. إلا أن الإعلام العربي والذي كعادته.. يلقف ما يأفكون تحوّل طوعاً أو كرهاً إلى آلةٍ ببغائية لتسويق المصطلح.
وكأنما الإعلام استفاق فجأة فاستدركَ أن في جزيرةِ العرب جماعة (وهابية)!!! ولا شك في أن هذا التوقيت اقتضته المصلحة. بل إن المصلحة ذاتها اقتضت التعامل بعنصرية مع أي أيديولوجيا لا تتفق وطموحات القطب الأوحد.
وبهذا أصبَحَ الوهابيون متهماً أول أو وحيداً في كل ما يُعَكِّرُ صفَوَ العالم ويهدد حضارته وانفتاحه.. فتارةٌ هُم يَقتلون مَن لا يتبع (وهابيتهم) وتارة هُم يدعمون الإرهاب في كل الدنيا.. وتارة يعادون السامية.. ومؤخراً سَمعنا خبراً عجيباً مفاده أن الوهابيين يقفون وراء اعتزال الفنانات العربيات!!
وعبثاً حاول المجتهدون مطالبة الإعلام العربي بأن يكون متفرداً على الأقل في أبجديته ما دام غيرُ قادر في معظمه على التفرُّد في رؤيته.
إن خطورة تداول المصطلح تكمُنُ في الاعتياد عليه فيبدو كأن (الوهابية) مذهب مستقل ويبدو الوهابيون وكأنهم طائفة مستقلة بفكرها وعقيدتها وشرائعها.. والأخطر من هذا هو التأسيس لحالة الفرقة بين المسلمين فلا عجب إن سمعنا غداً عن الطائفة البازية أو القرضاوية أو الزندانية أو الكبيسية... فكل شيخ أو مفكر أو عالم أو مفت تلتف حوله الأمة ويعتني المسلمون بعلمه، وتوجهاته.. سيُصبح في ثقافة المصطلحات الإعلامية صاحب مذهب مستقل ويصبح أتباعه طائفة مستقلة.
أتساءل.. متى سيعي القائمون على الإعلام خصوصاً في بلادنا دورهم في هذه المسألة.. نحنُ بحاجة ماسة إلى إعلام محارب في هذا الزمن المُخيف.. الإعلام أصبح أشد فتكاً بالأمم من أسلحة الدمار الشامل، الإعلامُ اليوم يصنعُ المعجزات.. ويشكل قناعات الشعوب.. ويمثل وسيلة من وسائل البقاء.. لا تقل أهمية عن الخبز والماء والدواء.
والمؤسف حقاً أن مُعظم الفضائيات التي طرحت فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب على مائدة النقاش.. لم تقدمه كما ينبغي ولم تتمكن من بناء رأي منصف منطقي حوله.
إنه وفي حين لا نعتقد بأن الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - إلا عالم ومعلم وفقيه.
فلا نعظِّمه ولا نقدِّسه ولا ندّعي له الكمال.. فإنه يتحتّم علينا أن نجتهد في طرح رؤيته وأفكاره بمنهجية متطورة تتناسب وروح العصر وحال الأمة.. ولتكن منهجية تأخذ بعين اعتبارها أن هذه الهجمة الشرسة إنما تقف خلفها أهداف سياسية بالدرجة الأولى.. ولكنها للأسف أصول اللعبة القذرة أن تُباع السياسة على الشعوب ملفوفة بعباءة الدين.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved