الاعتدال والوسطية ووحدة المسلمين

تتعاظم في الشهر الكريم الآمال بغدٍ أكثر إشراقاً لأمة الإسلام، فالنفحات الطيبة التي تلازم هذا الشهر بما فيها من عبادة وتقرب إلى المولى عَزَّ وجل وتقارب بين العباد وتعاطف بين الناس، تعكس الحالة المثلى للمسلمين مقابل أوضاع تكتنفها الكثير من الصعوبات في المحيط الإسلامي لعلَّ أبرزها تفرُّق الكلمة وضياع الهدف الواحد وتباين المشارب والأهواء.
كلمة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك حملت دعوة تتجدد دوماً من هذه البلاد بضرورة اتفاق الكلمة واتحاد الصف الإسلامي مع التذكير باعتماد مبدأ الحكمة والاعتدال والوسطية.
والمسلمون مطالبون دوماً بإيجاد هذا التقارب والعمل من أجل وحدة الصف إلا أن الظروف الدولية الراهنة تحتم التعجيل بتنشيط آليات هذا التقارب بين الدول الإسلامية وتفعيل عناصر التعاون.
فالنظرة السريعة إلى الساحة الدولية، المضطربة تحفز على العمل باتجاه تنفيذ الأهداف الإسلامية في الوحدة والتلاقي.
فالأمة الإسلامية مستهدفة في دينها، أعزّ ما تملك، وهناك محاولات مستمرة للنيل من الوجود الإسلامي من خلال النفاذ إلى محور عزته المتمثل في العقيدة السمحة.
بعض أسباب هذه الحملة الشعواء ضد الدين الحنيف تنطلق من أحقاد دفينة ضد الإسلام ومن ثمَّ فإنها تضع الكيانات الإسلامية الكبرى في قائمة العناصر المستهدفة من أجل تقويض تأثير هذه الكيانات على مجمل الساحة الإسلامية، ومن هنا يمكن تفسير الهجمات التي لا تهدأ ضد المملكة لحجب دورها الرائد في العالم الإسلامي.
إن الضمانة الأكيدة لكسب هذه المواجهة هي التمسك أكثر فأكثر بتعاليم ومبادئ ديننا الحنيف، واعتماد الاعتدال والوسطية في مختلف مجالات التعامل داخل كل دولة ومع المحيط الخارجي، كما يبقى من المهم تعزيز عناصر الوحدة.
ويعني التقارب بين الدول الإسلامية، ضمن إيجابيات عديدة، إمكانية التوافق على أسس التعامل الثنائي ومع الآخرين فضلاً عن امكانية مواجهة مختلف القضايا والظواهر وتقديم الحلول والآراء الصائبة طالما توفرت إمكانية التواصل والتعاطي اللصيق بين مختلف الدول والكيانات الإسلامية.
ولعل أبرز ايجابيات هذا التقارب هو ظهور العالم الإسلامي كوحدة واحدة متناغمة ومعتدلة، الأمر الذي يعزز صورة المسلمين في العالم ويُبعد عنهم الصور السلبية للتطرف والغلو والتشدد، وهذه السلبيات تجري فقط خارج السياق العام للكيان الإسلامي الكبير المتوافق الذي تتواضع أركانه على اعتماد الوسطية والاعتدال في كل شأن.