صوتي وصوتُكَ يَبْلُغان المُرْتجى
ويقوِّمان من الأمور الأَعْوَجا
ويقرِّبان لنا البعيدَ من الرُّؤَى
ويثبِّتانِ الموقفَ المُتَرَجْرِجَا
صوتي وصوتُكَ، إنْ توحَّد شَمْلُنَا
سيُوطِّئانِ لنا العدوَّ الأَهْوَجا
سَيُحلِّقانِ، إذا تجاوَزْنَا الهوى
بعلوِّ هِمَّتنا، وحكَّمْنَا الحِجَا
صوتي وصوتُكَ، قوَّتانِ إذا الْتقى
عزمي وعزمُكَ وامتطينا الأَبْلَجا
وإذا دفنَّا في الثرى أَحقادنا
وهوى النفوسِ، وجَمْرَها المُتَأَجِّجا
صوتان يلتقيانِ في أَلَقِ الضُّحى
متآخيَيْن وحين يسترنا الدُّجَى
إنْ أصبحا صوتاً قوياً صادقاً
بَلَغا أَقاصيَ ما نُريد وعَرَّجا
يا مَنْ يُشَتِّتُ ناظريه، أما ترى؟
إنَّ العدوَّ إِلى رحابكَ أَدْلَجا
أَوَ ما تراه على ضفافكَ ناظراً
شَزَراً إليك، وبالسلاح مُدَجَّجا؟!
لِمَ يا أخي، لا تستجيب لصرختي
وتُجيب مَنْ هَجَر المكانَ وَبَهْرَجا؟!
أَيغُرُّ مثلَك صوتُ مَنْ هَجَر الرُّبى
وعلى جليدِ الأبعدينَ تزلَّجَا؟!
أنسيتَ أنَّ الرَّمْلَ في صحرائنا
يُهدي المحبَّةَ شيحَها والعَوْسَجَا؟!
أنسيتَ أنَّ النَّخْلَ فيها، كلَّما
غنَّى له ثَغْرُ الصَّباحِ تبرَّجا؟!
عجباً، أتدعوني إلى غَرْسِ القَذَى
ما بينَ أهدابي، وفي حَلْقي الشَّجَا؟!
دَعْ ما يُقالُ، فرُبَّ صوتٍ قادمٍ
عَبْرَ الأَثيرِ، أَتَى بِبُؤْسِكَ مُدْمَجَا
كم من فصيحِ القولِ لمَّا نالَه
لَهَبٌ مِن الفِتَنِ العِظامِ تَلَجْلَجَا
يقف المكابرُ فوقَ صخرةِ وَهْمِه
فإذا تحرَّكت الرَّياح تَدَحْرَجَا
خُذْ مقلتي الظَّمْأَى إِليك، بنظرةٍ
حتى أرى همِّي وهمَّك فُرِّجا
هذي أُخوَّتُنا على جمرِ الغَضَا
تمشي، وتَلْبَسُ من أساها دُمْلُجَا
نظرت إلى الإسلام نظرةَ مؤمنٍ
فرأتْه كالفجر المبين تبلَّجا
ورأتْ دُجَى الأَحقادِ حولَ قلوبنا
فتعَجَّبَتْ من ليلها لمَّا سَجَا
أنعيش في الليل البهيم، وفجرُنا
ساق الخيولَ المُشْرقاتِ وأسرجا؟
صوتي وصوتُكَ يا أخي، لن يبلُغَا
أُذُنَيْ ثقيلِ السمع حتى يُمْزَجا
فاصرخ بها وأنا أُغذِّيها الصَّدَى
صوتاً إذا بلغ المُكابرَ أَزعجَا
بلِّغْ بها مَنْ صار لفظُ حديثه
سَمِجاً، ومعنى ما يُردِّد أَسْمَجَا
تمزيق شمل الأقربين جنايةٌ
مهما ادَّعى داعي الخلافِ وروَّجا
بالوحدةِ الكبرى، نَمُدُّ جسورَنا
فوق المحيطِ، لكي نُهنِّئَ مَنْ نَجَا
إنْ كان إِصلاحٌ ففيما بيننا
بالحبِّ نصنعه، ونَلْقَى المَخْرَجا
في كلِّ أرضٍ سوف تُبصر روضةً
غنَّاءَ مُزْهِرَةً، وتُبصر عَرْفَجا
إنا لَنغرس بين خَنْدقِ ضَعفِنَا
وجبالِ همَّتِنَا الرَّجَاءَ المُبْهِجَا
سنقوِّم المعْوَجَّ من أَعمالنا
ما دام دينُ اللهِ فينا مَنْهَجَا