هل سمعت من قبل بقصص الأطفال المتوحشين ..؟ وهل ستصدق لو قيل لك إنه بالفعل وجد ويوجد على سطح الأرض مثل هؤلاء الأطفال البشر/ الذئاب/ الكلاب/ الدببة/ الخنازير ...؟! و«الأطفال المتوحشون» مصطلح علمي حديث محوره الأطفال الذين رمت بهم أقدارهم وهم لا يزالون رضعاً في الغابات والأدغال وما شابه ذلك. ونتيجة لذلك وحسبما يقال فقد قيض الله سبحانه لهؤلاء الأطفال من عطف عليهم وعمد إلى تبنيهم من الذئاب والكلاب والدببة والخنازير وسواها... مما جعل منهم بشراً من ناحية وحيوانات متوحشة من ناحية أخرى.
ولأصدقكم القول فلم أبدأ بتصديق ظاهرة «الأطفال المتوحشون» إلا منذ وقت قريب وذلك بفعل ما اتضح لي مما قرأته عنها من بحوث ودراسات، أما آخر ما قرأته عن هذا الموضوع فهو بحث علمي للباحث الدكتور علي وطفة في «مجلة الطفولة العربية، ع14، مارس 2003»، وهي بالمناسبة مجلة رصينة ومحكمة، أما البحث فكان بعنوان «الأطفال المتوحشون: حقائق تاريخية ومعطيات تربوية» حيث أكد فيه الباحث حقيقة هذه الظاهرة...، ولاستحالة استعراض كافة ما ورد في هذا البحث من حقائق مخيفة ومحزنة في آن فسوف أعمد إلى انتقاء بعضها باختصار:
فقد تم العثور على ما يقارب من «50» حالة منذ بدايات القرن الرابع عشر الميلادي حتى منتصف القرن العشرين الميلادي تقريباً، ومن بين أبرز قصص هؤلاء الأطفال: قصة الطفل/ الدب الذي تبناه أحد الدببة وعثر عليه في منطقة ليتوانيا عام 1661م حيث كان يأكل العشب واللحم النيء وكان كالدب تماماً في دفاعه الشرس ضد محاولات القبض عليه حتى انه خدش وجرح بعض أعضاء الفريق بل ومزق الثياب التي ألبسوها إياه بعد القبض عليه. ومنها كذلك قصة الطفل/ الخروف الذي عثر عليه في ايرلندا «1672م» وكان يقتات على العشب والتبن فقط، وحادثة الفتاة البولونية «لوبان» التي لم تستطع العيش بدون شرب الدم حتى بعد أن تم القبض عليها، ومن ضمن قصص هؤلاء الطفل/ الخنزير الذي عثر عليه في أوروبا والطفل/ الأسد والآخر الذئب وتم العثور عليهما في الهند، وتتوالى القصص العجيبة بالفعل حتى تاريخ آخر حالة تم تسجيلها وذلك في عام 1963م.
وفي الحقيقة لا أزال أتذكر قصة قرأتها منذ زمن طويل نسبياً محورها فتاة عثر عليها في أحد أدغال أمريكا بعد ان أمضت ما يقارب من «15» سنة من عمرها تجوب الغابات بصحبة قطيع من الذئاب التي كما تفيد الروايات قامت بتبنيها منذ ان كانت رضيعا، ولهذا فقد كان في حقيقتها ذئباً أو «ولبة!» حيث كانت تأكل مما تأكل الذئاب وتقلدها بعوائها وبل ومثلها تمشي على «أربع» مما يؤكد عظمة نعمة مشي الإنسان على قدميه والتي لولا التنشئة الاجتماعية لما تحققت مثل هذه النعمة بالسهولة التي نتوقعها، هذا وقد بذل العلماء غاية جهودهم لكي يعيدوا لهذه الفتاة/ الولبة طبيعتها البشرية المفقودة غير انها قاومت كل المحاولات وانتهى بها الأمر إلى الموت بفعل غربتها عن بيئتها الإنسانية.
... حمداً لك ربي على نعمة «الوالدين».
|