Monday 27th october,2003 11351العدد الأثنين 1 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هنأ المسلمين بقدوم الشهر الكريم.. سماحة المفتي: هنأ المسلمين بقدوم الشهر الكريم.. سماحة المفتي:
السعي في الإخلال بالأمن وتعريض البلاد المسلمة للاضطراب من الأمور المحرمة ولا يجوز السعي فيها

* الرياض - واس:
وجه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ كلمة الى عموم المسلمين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك فيما يلي نصها :
من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ الى عموم اخوانه المسلمين سلك بنا وبكم سبيل مرضاته وجنبنا سبل سخطه وعقابه. . آمين : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . وبعد :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره الى يوم الدين، ان المسلمين في هذه الايام المباركة قد اظلهم شهر رمضان المبارك هو شهر التقوى {(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) } وهو شهر القرآن {شّهًرٍ رّمّضّانّ الذٌي أٍنزٌلّ فٌيهٌ القٍرًآنٍ} وهو شهر الصبر والصبر جزاؤه الجنة وهو شهر الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم «من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه من حديث ابي هريرة.
والصوم عبادة اختص بها الله من بين سائر العبادات فقال سبحانه كما في الحديث القدسي «كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل الا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» أخرجه مسلم واصله في البخاري.
وهو شهر القيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم «ومن قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وهو شهر الغفران والرحمة والعتق من النيران يقول النبي صلى الله عليه وسلم «اذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت ابواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت ابواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير اقبل ويا باغي الشر اقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة».
شهر فيه ليلة خير من ألف شهر {وّمّا أّدًرّاكّ مّا لّيًلّةٍ القّدًرٌ لّيًلّةٍ القّدًرٌ خّيًرِ مٌَنً أّلًفٌ شّهًرُ } من حرم خيرها فقد حرم.
فهنيئا لنا جميعا بإدراك هذا الشهر المبارك كما سماه المصطفى صلى الله عليه وسلم حين قال «اتاكم رمضان شهر مبارك» أخرجه النسائي والامام أحمد.
فيا أخي المسلم يا من فسح الله له في أجله ومتعه بقوته في عقله وفي بدنه يا من منَّ الله عليك بادراك هذا الشهر صحيحا معافى وقد حرم منه آخرون منهم من هو عاجز ومنهم من وافاه المنون فاشكر ربك يا أخي على هذه النعمة العظيمة وسله سبحانه التوفيق والاعانة على صيامه وقيامه وحسن العمل فيه.
وهذا الشهر العظيم المبارك يشرع فيه عبادات عظيمة تزداد فضلا بفضيلة الزمان ومن اعظم ما شرع الله فيه الصيام وهو الامساك بنية عن المفطرات من طلوع الفجرالى غروب الشمس يقول الله عز وجل {(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ) }.
وأصول المفطرات ثلاثة : الاكل والشرب والجماع يقول الله عز وجل في الحديث القدسي «يترك طعامه وشرابه وشهوته من اجلي الصيام لي وأنا أجزي به» اخرجه البخاري.
ومن المفطرات أيضا خروج المني دفقا بشهوة ومنها أيضا الحجامة ومنها الابرالمغذية.
والصوم ايها الاخوة واجب على كل مسلم عاقل بالغ مقيم قادر على الصيام فلايجب الصوم على المجنون ولا يصح منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم «رفع القلم عن ثلاثة.. وذكر منهم والمجنون حتى يفيق».
ولا يجب على الصبي ويؤمر به اذا اطاقه ليعتاده كما كان السلف رضوان الله عليهم يفعلونه كما اخبرت بذلك الربيع بنت معوذ بن عفراء حيث قالت في صيام يوم عاشوراء «فكنا بعد ذلك نصومه ونصوم صبياننا الصغار منهم ان شاء الله ونذهب الى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فاذا بكى احدهم على الطعام اعطيناها اياه عند الافطار» أخرجه الشيخان وهذا يدل على عناية السلف بتربية ابنائهم وتعويدهم على الخير.
والمسافر لا يجب عليه الصوم بل يشرع له الفطر لقوله تعالى {فّمّن كّانّ مٌنكٍم مَّرٌيضْا أّّوً عّلّى" سّفّرُ فّعٌدَّةِ مٌَنً أّّيَّامُ أٍخّرّ} وللاحاديث الواردة في ذلك، والمريض له احوال : اما ان يكون مرضه خفيفا لا يضر معه الصوم فهذا لا يفطر واما ان يكون الصيام ضارا بصحته او مؤخرا لبرئه فهذا له ان يفطر.
فان كان الصوم يؤدي الى هلاكه او تلف عضو من أعضائه وجب عليه الفطر، ثم المرض اما ان يكون مما يرجى برؤه فهذا اذا افطر الصائم فعليه القضاء بعدد ما افطر متى برىء.
وإما ان يكون مرضه لا يرجى برؤه فهذا ليس عليه الا الاطعام عن كل يوم مسكين نصف صاع من الطعام، وكذلك الكبير العاجز عن الصيام يفطر ويطعم ولهم ان يطعموا اول الشهر عن رمضان كله ثلاثين مسكينا ولهم ان يطعموا اخر الشهر او بعد ذلك ولهم ان يطعمواعن كل يوم في يومه على ما يتيسر لهم.
واما الكبير الذي قد هرم وغاب عنه عقله فليس عليه صيام ولا اطعام، والحائض والنفساء لا يجب عليهما الصيام حال الحيض والنفاس بل لا يجوز منهما وعليهما القضاء بعدد ايام الحيض والنفاس التي جلستاها في رمضان، والحامل والمرضع متى شق عليهما الصيام أو خشين الضرر على الجنين أو الرضيع افطرتا وقضتا. وان مما يشرع في هذا الشهر مما نحب التنبيه له والتأكيد عليه الحرص على تعجيل الفطر متى ما تحقق المسلم من غروب الشمس والحرص أيضا على تأخير السحور حتى يكون قبيل اذان الفجر فهذه من السنة والبركة تحصل بسببه يقول النبي صلى الله عليه وسلم «تسحروا فان في السحور بركة» أخرجه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» متفق عليه وفي رواية بزيادة «وأخروا السحور» أخرجه الامام احمد رحمه الله.
وعلى الجميع تقوى الله عز وجل في هذه الفريضة العظيمة فهي ركن من أركان الاسلام وواجب من واجباته العظام ولا يجوز التساهل فيها بل الواجب الحرص على صيامه واستغلال الوقت فيه بصالح الاعمال ويجب على المسلم من حين بلوغ خبر الشهر ان يستعد له ويبيت النية بصيامه ثم يكفيه استصحابها في بقية الشهر ولا يلزمه كل ليلة ما لم يقطعه بفطر لعذر مما سبق بيانه فان قطعه لزمه استئناف نية الصوم اذا رجع للصيام.
ويجب على المسلم ان يحفظ يوم صيامه عن اللغو والرفث وعن الغيبة والنميمة وعن سائر الكبائر ليسلم له دينه وتسلم له عبادته ويبقى له أجر عمله والنبي صلى الله عليه وسلم يقول «من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه».
ويقول صلى الله عليه وسلم «الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل وان قاتله او شاتمه فليقل اني صائم مرتين» أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
فأوصي نفسي واخواني بالحرص على تقوى الله في هذا الشهر العظيم والبعد عن كل ما يجرح الصوم وينقص ثوابه والحفاظ على الاعمال الصالحة من صيام وقيام ليل مع جماعة المسلمين فان النبي صلى الله عليه وسلم يقول «من قام مع امامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» أخرجه الترمذي وهذا فضل عظيم فالله الله بالمحافظ على صلاة التراويح مع جماعة المسلمين وينبغي للمسلم ان يعتني بهذاولا يشغل وقته بالتنقل بين المساجد وتتبع الاصوات فيصلي مع من يكون اقرب الى قلبه وادعى لتدبره لكتاب ربه وخشوعه معه ويتم معه الصلاة في شهره حتى يختم كتاب ربه فينال الاجر العظيم ويحوز الفضل الكبير.
واحرصوا اخواني على كتاب الله فإن هذا الشهر شهر القرآن فيه ابتدأ نزوله وفيه كان يجتمع جبريل عليه السلام بالنبي صلى الله عليه وسلم يدارسه القرآن حيث يلقاه كل ليلة يدارسه القرآن فاعتنوا بكتاب ربكم وانقطعوا له اقرؤوه وتدبروه واحرصوا على تكرار ختمه ففي هذا الفضل العظيم. وأحث اخواني على استغلال هذا الشهر فيما يفيد والا تمضي أيامه سدى وان من الحرمان ما يفعله البعض هداهم الله من السهر في ليله على الملاهي وتضييع الاوقات والنوم في نهاره حتى لا يحس بالجوع بزعمه فتضيع أوقاته سدى وهذا حرمان عظيم وقد يفوت عليه فضائل كثيرة وقد يفوت بسببه ايضا فرائض من الصلوات والعياذ بالله وهذا اثم كبير.
هذا واني لاحث اخواني في هذه الايام التي نشاهد فيها اضطراب الاحوال من حولنا أحثهم على الصبر والثبات والعناية بالعلم والعبادة والحرص على ذلك وعدم الخوض فيما لا يحسنه المرء مما يكون عليه وبال وبلاء فالسلامة لا يعدلها شيء.
ثم ان السعي في الاخلال بالامن او تعريض البلاد المسلمة للاضطراب من الامورالمحرمة فلا يجوز للمسلم السعي فيها. وليحرص المسلمون جميعا على ديانتهم وليتقوا ربهم واياهم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وما نسمع عنه من الدعوة الى قيام مظاهرات هنا وهناك هذه امور منكرة محدثة فلا يجوز القيام بها ولاالاستماع الى من يدعو اليها من دعاة الضلالة والفتنة الذين لم يعرفوا بعلم ولا شهد لهم اهل الفضل بالاهلية في الكلام في امور الشرع فحقيق بالعاقل أن يربا بنفسه عن الاستماع اليهم ويسلم بدينه ويسأل ربه العافية يقول النبي صلى الله عليه وسلم «اسألوا الله العفو والعافية فان احدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يعيننا على صيام هذا الشهر وقيامه والعمل فيه بما يرضيه سبحانه وتعالى وان يتقبل منا ويغفر لنا ولوالدينا ومشايخنا ومن له حق علينا وسائر المسلمين وان يجعلنا من عتقائه من النار في هذا الشهرالكريم وان يجعلنا ممن أدركه هذا الشهر المبارك فغفر له ذنبه وأسأله سبحانه ان نكون جميعا ممن ادرك ليلة القدر فعمل فيها بما يرضيه سبحانه وكتب له قيامها وكان ممن حاز فضلها واجرها.
كما أسأل الله العلي القدير العزيز الحكيم ان يعز الاسلام وأهله وان يجعل هذا الشهر الكريم هالا على أمة الاسلام بالخير والعافية والنصر والتمكين وان يذل سبحانه بقوته وعزته اعداءه اعداء الدين في كل مكان وان يجعل كيدهم في نحورهم ويدير دائرة السوء عليهم وان يرد للمسلمين المستضعفين ما اخذ منهم وان يظهر دينه على الدين كله ولو كره المشركون وان يصلح ولاة أمر المسلمين جميعا ويلهمهم العمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ويوفق ولاة امرنا لما يحبه ويرضاه ويجعلنا جميعا من المتعاونين على البر والتقوى السائرين فيما يرضي المولى عز وجل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved