Monday 27th october,2003 11351العدد الأثنين 1 ,رمضان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من ندوة إلى ندوة « 2 » من ندوة إلى ندوة « 2 »
عبدالله الصالح العثيمين

مما أشرت إليه في المقالة السابقة سفري إلى باريس للمشاركة في ندوة عن الحركات السلفية المعاصرة تمَّ إعدادها من قبل مركز الدراسات المشتركة عن الأديان وبيت علم الإنسان بالتعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية، ونسَّق لها الدكتور هشام داود، وقد أقيمت في معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية، ومما أشرت إليه، أيضاً، ما لقيته من لطف ومساعدة من الاخوة الدكتور أبو بكر باقادر، والدكتور سعود الذياب، والأستاذ عبدالله الفالح والدكتور هشام داود.
ولقد كان النقاش علمياً في تلك الندوة مع وجود اختلاف وجهات نظر المتناقشين في بعض المسائل والقضايا.. وكان ذلك الاختلاف في وجهات النظر مما أثرى المعرفة حول الموضوعات المتناولة، وأفاد المختلفين والحاضرين على حدٍ سواء.
وقد افتتحت الندوة، ورأست جلستها الأولى، السيدة دانييل هيرفيد ليجي مديرة المركز المشار إليه، وذكرت اهتمام هذا المركز بمثل الموضوع المناقش، وحيَّت المشاركين في الندوة، تحدُّثاً أو حضوراً، وأشادت بما قادم به الدكتور هشام داود بالذات من جهود في تنظيم الندوة، ثم تحدث الدكتور هشام؛ شارحاً الهدف من اقامة الندوة، وشاكراً كل من تعاون معه في ذلك التنظيم.
وكان أول المتحدّثين من الباحثين الدكتور نصر أبو زيد؛ وعنوان ما قدمه «السلفية : التاريخ والمعنى والنزاع من أجل السلطة» وكما يدل هذا العنوان لم يقتصر حديثه على السلفية المعاصرة، بل تعرَّض لأمور حدثت في قرون إسلامية قديمة، مثل النزاع بين أهل الحديث وأهل الرأي، والخلاف بين الإمام أحمد بن حنبل والمعتزلة، واستمر في عرضه ليتحدّث عن شخصيات سلفية قامت في القرن الثاني عشر الهجري والقرنين التاليين له، مبيّناً وجهة نظره تجاه ما تحدّث عنه بأسلوب متّزن وإن كانت تنقص بعض ما قاله الدقة التاريخية وفهم الفكرة التي نادى بها بعض أولئك السلفيين.
ولقد أورد أسماء كثيرة جداً عدَّها من الإصلاحيين المسلمين. وممن عدّهم قاسم أمين ومحمد أركون.
وتلا الدكتور نصر أبو زيد في الحديث الدكتور ماهر شريف الباحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في دمشق، فتكلَّم عن الكواكبي، مبيِّناً نهجه في اصلاح المجتمع المسلم كي يلحق بركاب التقدم، وتحذيره من استغلال الناس باسم الدين، ومن التقليد الأعمى.
ثم تحدّث الدكتور فرانسوا بورغا من المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا تحت عنوان «السلفية من منظور تاريخي في ضوء النموذج اليمني»، وقال: إن مصطلح السلفية يستخدم في ثلاث حالات: الحركة الإصلاحية الإسلامية التي كانت ردة فعل على هيمنة الغرب الاستعمارية في القرن التاسع عشر، والحركة المنادية بتجاوز المذاهب الفقهية، وحركة قريبة من الاخوان المسلمين، ثم ركّز حديثه عن التيار السلفي بقيادة الشيخ مقبل الوادعي، مبيّناً أنه كان يرفض العمل السياسي، لكنه بعد وفاة الشيخ أصبح يمارسه ولخص حديثه بقوله: إن الحركة السياسية تختلف من بلد إلى آخر لاختلاف الظروف السياسية والاجتماعية.
أما الجلسة الثانية من جلسات الندوة فتحدّث فيها كاتب هذه السطور عن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب من منظور تاريخي وفكري، ثم تحدّث الدكتورغيدو ستينبرغ من جامعة برلين عن «السلفية والوهابية في نجد من منظور تاريخي» وأشار إلى أن هناك ثلاث مجموعات سلفية في المملكة الآن
الأولى الحركة الوهابية بمفهومها الواسع، والثانية ظهرت حديثاً ممثلة في مجموعة من الشباب يسمّون أنفسهم سلفيين، والثالثة مكوَّنة من علماء عنيزة، الذين كان من أبرزهم صالح القاضي وعبدالرحمن السعدي، وقال: يبدو أن المجموعة الأخيرة هي التي يمكن أن تسمّى سلفية لأن هذا المصطلح قد استعمل للسلفية الكلاسيكية التي يمثّلها محمد عبده وآخرون، وان استعماله للمجموعات الحديثة يعني عدم الفصل بين فئات لا يوجد بينها قاسم مشترك.. ومن الواضح أن بعض ما قاله يحتاج إلى مزيد من التدقيق.
وبعد ذلك تحدّث الزميل الدكتور أبو بكر با قادر عن «الوهابية» بين التطرف والمواجهة العسكرية، وقد ركّز حديثه على الجانب الاجتماعي الذي رأى أن له أهمية قصوى، وأشاد برؤية الملك عبدالعزيز التي أدت إلى اقامة دولة حديثة.
ثم تابع الحديث عما جرى من تطورات وأحداث بعد وفاة ذلك المؤسس، مشيراً إلى ظهور تيارات مختلفة في المجتمع السعودي.
واختتمت الجلسة الثانية من الندوة بحديث للاستاذ باسكال مينوري عنوانه :«المشروع السلفي المعاصر في المملكة العربية السعودية وظهور المجتمع المدني»، وقد ذكر أن مصطلح السلفية مستخدم في المملكة من عدة مجموعات، وفصَّل الحديث عن كل مجموعة من هذه المجموعات، وقال إن المشروع السلفي المعاصر في المملكة يطمح إلى القيام بالحفاظ على التقاليد الدينية وتكييفها مع الحداثة، وذلك عبر حركة مزدوجة تقوم على ابقاء التقاليد الجيدة ونقد السيئة غير الشرعية للتكيّف مع متطلبات الزمن.
وأما الجلسة الثالثة من جلسات الندوة فتحدّث فيها الدكتور سامي زبيدة من جامعة لندن تحت عنوان: «السلفية والتناقض تجاه السلطة السياسية»، وقد أشار إلى أن السلفية محافظة من الناحية السياسية، لكنها مع اعتبارها الخضوع لولي الأمر واجباً دينياً مثل وجوب الاحتجاج السياسي تطبيقاً لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وقال: إن السلفيين الحديثين والوهابيين يرون في ابن تيمية زعيمهم الروحي، وإن الحكام السعوديين قد طبقوا برنامجه، وبخاصة في محاربة الاعتقادات الشعبية ومنع زيارات مقامات الشيوخ، ثم تحدّث عن التيارات التي ظهرت، وبخاصة بعد احتلال الكويت وما أعقب ذلك من تطورات.
ثم تحدّث الدكتور محمد الطوزي من جامعة الدار البيضاء عن الحركة الإسلامية في مواجهة تحديات شيوخ السلفية الجدد.
وقد ذكر أن مفهوم السلفية غير واضح، وإنها ظهرت في المغرب في القرن التاسع عشر موجهة خطابها ضد الحركة الصوفية.
ثم ذكر وجود أربعة تيارات من السلفية في المغرب الآن: سلفية تقوية تهتم بمدارس القرآن، وسلفية شخصيات متطرفة تؤيد العنف، وسلفية شيوخ المدن العشوائية التي ترفض العلماء المؤهلين شرعياً، وجماعة الدعوة والتبليغ الذين هم بعيدون عن السياسة.واختتمت تلك الجلسة بحديث للدكتور جاك سابير من معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية في باريس، وعنوان حديثه: السياسة الروسية تجاه الإسلام المتطرِّف «السلفية والوهابية». وقد ذكر أن الإسلام في روسيا أحد الأديان المعترف بها رسمياً، وأن قضية الشيشان حساسة، وان الروس يرون في المنظمات التي تدعم المنشقين من الشيشان أيدي الإدارة الأمريكية الراغبة في تجزئة البلاد، كما ذكر أن خصوصية مسلمي روسيا بكونهم من التتار يرفضون الدعاة من العرب، ولذلك بعدوا عن التأثر بالسلفية.
وأما الجلسة الأخيرة من جلسات الندوة فكانت مناقشة عامة حول جميع الآراء التي طرحت في الجلسات السابقة، وكان جو المناقشة العامة مشابهة للمناقشات التي تمت في تلك الجلسات من حيث عدم وجود توتّر ومن حيث المستوى العلمي المفيد.

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved