* ميدفورد واس:
عقد صاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس الماضي مؤتمرا صحفيا نظمته كلية فليتشر للدراسات الدبلوماسية التابعة لجامعة تافتس بمدينة بوسطن بولاية ماساتشوتس الأمريكية حضره حشد من وسائل الإعلام الأمريكية. وأكد سموه خلال المؤتمر متانة العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وتطورها المستمر في مختلف المجالات موضحا التعاون بين البلدين في الأمور محل الاهتمام المشترك وعلى رأسها الحرب الدولية ضد الإرهاب.
وشرح سموه الجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة الإرهاب مؤكدا في الوقت نفسه اعتزاز المملكة والتزامها الكامل بالدين الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الإرهاب والتطرف والعنف ويدعو للمحبة والسلام والاعتدال واحترام الأديان الأخرى.
وقد أجاب سموه على أسئلة وسائل الإعلام الأمريكية والتي تناولت موضوعات مختلفة تتعلق بمواقف وسياسات المملكة العربية السعودية في العديد من القضايا الاقليمية والدولية مثل عملية السلام في الشرق الأوسط والأوضاع في العراق وغير ذلك من الموضوعات.
وأوضح سموه ردا على سؤال حول مشاركة المملكة العربية السعودية في مؤتمر مدريد للدول المانحة للعراق المنعقد حاليا في العاصمة الإسبانية مدريد أن المملكة تقوم بدورها حاليا في مساعدة الشعب العراقي الشقيق الذي عانى وقاسى طوال الثلاثين عاما الماضية من حكم صدام حسين الظالم بمختلف الطرق وفي جميع المجالات وليس فقط عن طريق مؤتمر مدريد.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية كانت سباقة إلى مساعدة الشعب العراقي الشقيق منذ انتهاء الحرب وبخاصة فيما يتعلق بتوفير الرعاية الصحية وتوفير المياه والغذاء للقرى العراقية بالتنسيق مع المنظمات الدولية.
وردا على سؤال آخر حول أمن الحقول النفطية في المملكة العربية السعودية أكد سموه أن حقول المملكة النفطية آمنة تماما وأن ذلك الموضوع هو من الأولويات الأمنية التي تضعها الحكومة السعودية نصب عينيها كما أن الترتيبات الأمنية في حقول النفط تتم مراجعتها وتحسينها وتطويرها بشكل دوري ودائم.
وحول موضوع إرسال قوات سعودية لحفظ الأمن والاستقرار في العراق أوضح سموه أن المملكة ترى أنه من الأفضل ألا تقوم الدول المجاورة مباشرة للعراق بفعل ذلك للحساسية الكبيرة التي يمكن أن تترتب عليها مشيرا إلى أن ذلك الموضوع له إيجابياته وسلبياته.
كما أوضح أن المملكة العربية السعودية ترى أنه من الأفضل ألا يكون هناك أي محاولات لاستقطاب القوى العراقية إلى هذا الجانب أو ذاك من جيران العراق مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران وسوريا والأردن والكويت كما أن سياساتها المعلنة ترفض أي تدخل وبأي شكل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وأكد سمو الأمير بندر بن سلطان ردا على سؤال حول التقارير الصحفية التي كانت قد أشارت إلى وجود اتفاقية بين المملكة العربية السعودية وباكستان تتبادلان بموجبها التقنية النووية للمملكة مقابل النفط الرخيص للباكستان أن تلك التقارير عارية من الصحة تماما ولا أساس لها.
وقال سموه إن موقف المملكة العربية السعودية هو أن تكون منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وأن تتخلى الدول التي لديها أسلحة دمار شامل في المنطقة عن تلك الأسلحة خاصة إسرائيل وأنه يجب أن يكون هناك ضمانات كافية من مجلس الأمن الدولي بعدم السماح لأي دولة بأن تمتلك أسلحة دمار شامل وعدم استخدامها ضد دولة أخرى لا تمتلكها في المنطقة وهذا يسحب الحافز من الدول التي لا تمتلكها كما يلغي أهمية امتلاكها بالنسبة للدول التي تمتلكها حاليا.
وردا على سؤال حول البنوك والأنظمة المالية في المملكة وحول تقليص البنوك الأمريكية لأنشطتها هناك أوضح سموه أن المملكة العربية السعودية تتعاون فيما يتعلق بالمجالات المالية والبنكية بشكل وثيق مع وزارتي الخزانة والعدل الأمريكيتين وهناك لجان مشتركة من الجانبين في تلك المجالات.
كما أن المملكة العربية السعودية تقوم حاليا بمراجعة شاملة لأنظمتها المالية والبنكية واتخذت العديد من الإجراءات في ذلك الخصوص مشددا على أن المملكة تقوم بعملية التطوير تلك لأنها ترى أن لها مصلحة في ذلك وليس لأن أمريكا طلبت منها ذلك.
ودعا سموه إلى ضرورة التوقف عن إثارة الموضوعات الخلافية والتركيز على تضافر الجهود لمحاربة الإرهاب.
وردا على سؤال آخر حول وجود مجموعة من قادة القاعدة في إيران أوضح سموه أن المملكة العربية السعودية وإيران تتعاونان بشكل جيد في مجال مكافحة الإرهاب وهناك عمليات تبادل مستمرة للمعلومات بين البلدين في ذلك الخصوص كما أشار إلى وجود اتفاقية أمنية بين البلدين.
وتطرق سمو الأمير بندر بن سلطان إلى القضية الفلسطينية وقال إن 70 بالمائة من فترة عمله في العاصمة الأمريكية واشنطن والتي تزيد على العشرين عاما كانت تركز على خدمة القضية الفلسطينية.
وأكد أن القضية الفلسطينية كانت ولا تزال محور اهتمام المملكة العربية السعودية منذ نشأتها مرورا بمبادرة فاس التي تقدم بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وتبنتها قمة فاس العربية عندما كان وليا للعهد وانتهاء بمبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز للسلام في الشرق الأوسط التي تبنتها قمة بيروت العربية فيما بعد لتصبح مبادرة السلام العربية.
وشدد سموه على أن المملكة العربية السعودية تعمل بكل جهد لوقف التدهور والفشل الحالي في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية وترغب في وقف عمليات القتل اليومي لجميع الأطراف الأبرياء سواء المسلمين أو اليهود أو المسيحيين.
وأوضح سموه أنه لن يكون هناك دولة فلسطينية من دون الأمن لإسرائيل ولن يكون هناك أمن لإسرائيل حتى يحصل الفلسطينيون على حقهم في العيش بكرامة وحرية في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية مشيرا إلى أن ذلك الأمر يتطلب إبقاء الأمل حيا في نفوس الشعب الفلسطيني وإقناع إسرائيل بفشل منطق القوة.
ودعا سموه في الوقت نفسه إلى ضرورة التدخل لوقف الممارسات العنفية الحالية ضد المدنيين من الشعب الفلسطيني.
وأكد سموه أيضا أن الدولة الوحيدة التي يمكنها القيام بدور الوسيط المؤثر على الجانبين هي الولايات المتحدة الأمريكية لأنها الدولة الوحيدة التي لها تأثيرات على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي موضحا أنه لو تم استخدام ذلك التأثير بشكل متوازن فإنه سيمكن الخروج بنتائج إيجابية تتيح للجميع العودة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى سلام شامل وعادل مما يحقق الاستقرار للمنطقة بأكملها.
وأشار سموه إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية وعلى رأسها الرئيس جورج دبليو بوش وكبار المسؤوليين الآخرين مثل وزير الخارجية كولن باول ومستشارة الرئيس لشؤون الأمن القومي كونداليسا رايس يعملون بكل جد لوضع حد للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتحقيق رؤية الرئيس في دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان في سلام جنبا إلى جنب.
في أعقاب ذلك التقى سمو الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز مع أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا في كلية فليتشر للدراسات الدبلوماسية والقانونية بجامعة تافتس والذين تجاوز عددهم الخمسمائة.
واستعرض سموه خلال اللقاء جملة من الموضوعات التي تهم العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وأيضا الموضوعات محل الاهتمام المشترك على الصعيدين الاقليمي والدولي وشرح سموه خطة الإصلاح الداخلية السياسية والاقتصادية التي يقودها سمو ولي العهد كما أجاب سموه على أسئلة الحاضرين.
بعد ذلك حضر سموه حفل العشاء الذي أقامته الكلية تكريما له بمناسبة زيارته للجامعة ولقائه مع مسؤوليها وطلبتها.
وكان رئيس الجامعة ومدير البرامج في كلية فليتشر في استقبال سموه لدى وصوله إلى الجامعة.
|