منذ متى ومجتمعنا يعاني من مشكلة غلاء المهور؟؟ ومنذ متى والكتّاب يجردون أقلامهم للكتابة في هذا الموضوع علهم بذلك يستطيعون وضع حلول نهائية تفضي إلى السعادة المرجوة لهذا المجتمع الفاضل؟! وفي الواقع ان المثبطات والعقبات التي تحول دون تحقيق ما ينادي به الكتّاب وغير الكتّاب تكمن في طبيعة العصر الذي نعيشه والذي يفرض علينا نمطاً معيناً من الحياة لا نستطيع الخروج عن إطاره والا أصبحت حياتنا مليئة بالمشاكل وبذلك نكون قد حللنا مشكلة بمشكلة أخرى أشد تعقيداً من سابقتها.
وقد أصدر جلالة الملك بياناً يقضي بتحديد المهور بمبلغ ألفي ريال.. وحتى هذا البيان لم يطبق بحذافيره بل ان المهور ما زالت تزداد يوماً بعد يوم وما زالت في تصاعد يتماشى مع تصاعد غلاء المعيشة المستمر يوما فيوم.
ولنكن أكثر واقعية في نقاشنا لهذه المشكلة التي تعتبر من أهم المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا والتي ترتبت عليها مشاكل أخرى نبعت من ترسخ هذه المشكلة واعتبارها عرفاً من الأعراف وتقليداً من التقاليد النافرة البالية التي يجب القضاء عليها بموضوعية وعمق.
وإذا ما أردنا تتبع الدافع الرئيسي لغلاء المهور نجده نابعاً من أثر السيولة الاقتصادية التي يعيشها مجتمعنا، فهناك ارتفاع في المهور يطرد مع ارتفاع الدخل اطراداً مستمراً.
لذا فمن الصعوبة بمكان تحديد المهر بنسبة أو بمبلغ معين إلا إذا كان الدخل واحداً في جميع الحالات أي بالنسبة لجميع الأفراد.. هذا من ناحية وجهة النظر الاقتصادية. أما من الوجهة الاجتماعية والتي تكون ناتجة من تضاعيف الوجهة الاقتصادية فيمكن القول بان الأسرة في أول أدوار تكوينها تحتاج إلى نفقات متعددة لتأسيس المنزل ومتطلباته، لذا من المستحيل ان يكون المهر ثابتاً بقيمة معينة، وبالتالي لا بد من إيجاد حل يلائم بين طبيعة الحياة التي يعيشها مجتمعنا وبين القيم والمبادئ الإنسانية والتي تتفق ومبادئ ديننا الحنيف، ومن ثم يمكن لهذا الحل القضاء على مشاكل كثيرة تواجه الشاب عندما يريد الزواج مما يضطر البعض إلى الزواج من خارج البلاد وتبقى فتياتنا في البيوت ينتظرن الفرج.
الحل الذي اقترحه لهذه المشكلة هو إنشاء بنك يسمى «بنك الزواج» أو «بنك الشباب» يتولى مهمة مد يد العون لمن يريد الزواج وينشأ في كل مدينة من مدن المملكة، على أن يموّن هذا البنك من دخل الفرد ويكون بمثابة مشروع أهلي يهدف إلى إسعاد الفرد في المجتمع، وعندما يقترض الفرد من هذا البنك مبلغاً معيناً يكون السداد بالتقسيط على دفعات لا تؤثر على دخله تأثيراً كبيراً أي نسبة بسيطة من دخله تسدد على مدى خمس عشرة أو عشرين سنة، وبذلك يستطيع ان يحيا حياة طيبة في ظل نظام هذا البنك، وتنتهي بذلك بقية المشاكل الأخرى كالزواج من الخارج مثلا وكعزوف الشباب عن الزواج حتى سن متأخرة يستطيع بعدها تكوين رأس مال يستطيع بواسطته الزواج.
وكل مواطن في المجتمع مطالب بالمساهمة في هذا المشروع، فاذا دفع كل أب عن كل ابن من أبنائه نسبة معينة كاشتراك في صندوق البنك سيجد أبناؤه أنفسهم عندما يبلغ كل منهم العشرين من عمره قادراً على الزواج وبناء بيت الزوجية، وإذا اشترك كل طالب في كل مرحلة من مراحل التعليم بريال واحد كريال فلسطين سيجد نفسه عند تخرجه من الجامعة أو عند بلوغه العشرين قادراً أيضا على الزواج بواسطة الاقتراض من هذا البنك.
بقيت كلمة أخيرة أوجهها إلى رجال الاقتصاد في البلد، فانهم بما لديهم من معرفة أوسع يستطيعون التخطيط لهذا المشروع وتبني فكرته وإنشاء صناديق للتبرع في بداية تأسيسه، كذلك أوجه النداء إلى كتّابنا الصحفيين لعلهم يعالجون الموضوع بشكل أكثر موضوعية وتركيزاً.
|