وقبة الشورى..
تستحيل أعلى رأسي إلى سحابة بيضاء.. تختصر لي تجربة ووعي المرأة بأطرها الخاصة.. ورغبتها ورغبة وطنها بالمشاركة. كان الزهو الجميل بالتجربة.. فيكفي.. أنني أنظر من خلال تلك المقصورة القصية الخاصة.. قامة مهيبة.. هو معالي رئيس مجلس الشورى الشيخ د. صالح بن حميد.. الذي كانت كلمات تحيته لنا ككاتبات وصحافيات الحاضرات للجلسة هي الشيء الوحيد واليتيم الذي أشعرنا ان هناك فعلاً دعوة لحضورنا وإطلاعنا على سير الجلسة!!
على الرغم من كل الترتيب والتنسيق الكامل.. والصامت جداً.. والوقور جداً.. حد الرهبة!
** وبين تأمل النقوش الجميلة.. والدماثة والخلق والسماحة التي تعلو الوجوه..
كانت التجربة رائعة جداً.. وصامتة جداً..
فهناك لا يعلو إلا صوت الوطن..
أحسسته سحابة بيضاء.. مغرورقة بالحب والصدق.. يضفي على الجميع وقاره وهيبته ووضاءة وجهه.. وللأمانة المطلقة أقول لمن لم يحظ بحضور جلسات الشورى.. هناك.. يتحول الناس إلى مخلوقات تتماس بشكل كبير مع المثالية.. والبحث عن انكار الذات.. والذوبان في مجاميع الناس وهمومهم وأحلامهم ومستقبلهم..
** كانت المقصورة الصغيرة.. المعلقة.. تشبه أرجوحة في تلك اللحظة..
تنقلني تارة إلى حيث فضاءات السماء.. فتنسج المزيد من الأحلام النقية.. وتارة تلامس الأرض.. فتذكرك بالواقع ومشكلاته وتقاطعاته..
** أجواء البرلمانات ومجالس الشعب..
تجدها تماما هنا.. تحت قبة الشورى..
ليتحول الأعضاء.. إلى كائنات بيضاء تنسى اسمها.. وملامحها وبيئاتها الخاصة.. وتتذكر فقط أنها تنتمي لوطن مهيب وعظيم.. يستحق من الاخلاص الشيء الكثير..
وكل يجتهد في طريقة اخلاصه.. وإن تقاطعت طرق الإخلاص.. لكنها تنتمي كلها في النهاية إلى رغبة صدق في الإصلاح المؤسس على منهجية واضحة.. صافية ونقية..
** يحتد الاختلاف.. دون تقاطع صوتي..
كل يلقي بمداخلته وينتهي.. وتبدأ المداخلة بإذن من رئيس المجلس وتنتهي أحياناً بإشارة مهذبة منه خوفاً على وقت المجلس.. قد تنسف مداخلة عضو كل ما قدمته لجنة من تقرير يعتمد على عمل سنوات..
وقد يرى بعض الأعضاء أن الموضوع الذي بذل فيه وقت امتد لسنوات.. هو بعثرة لجهد ووقت المجلس.. وكان من الممكن بحث الموضوع في مواقع أخرى أكثر تماساً مع الموضوع من الشورى..
** تحمل المداخلات ووجهات النظر نبض الناس تارة.. الناس المشغولون بلقمة عيشهم وهمهم اليومي الخاص والبسيط وتارة تحمل وعياً اجتماعياً يتجاوز الآني إلى ما هو أبعد.
** والأجواء في الشورى ساخنة نوعاً ما مع أنه في جلسته تلك يناقش توصيات على موضوع مكرور وعادي بل ولا يختلف أحد على أنه غادر أجندة لعموم الإنسان السعودي فغلاء المهور لم تعد قضية مطروحة على طاولة الهم الاجتماعي السعودي..
فكيف إذن ستسير الجلسة في موضوعات ذات حساسية عالية كقضايا التوظيف والبطالة والقبول في الجامعات في مناقشة تقارير أداء عمل الوزارات ومثول الوزراء بين يدي المجلس..!!
** لا شك أن هامش الحرية المتاحة للأعضاء في المداخلة وطرح الرأي مهما كانت حدة اختلافه مؤشر إيجابي على تكامل المناخ الشوري الصحيح.. والذي يؤطر الاختلاف بالتهذيب والمناقشة الموضوعية..
** كان حضور المرأة الكاتبة.. والصحفية.. يهدف بالتأكيد إلى إطلاعها على كيفية سير المناقشة واتخاذ القرار في مجلس الشورى وذلك كون المرأة جزءاً من الشرائح الاجتماعية المستفيدة من المجلس كونه يناقش قضاياها ويوصي في شؤونها بعد دراستها ورفعها لمجلس الوزراء..
وندرك أن حق المداخلة والتصويت هو حق حصري لعضو المجلس وهو أمر بدهي في البرلمانات ومجلس الشعب وهي من أسسها النظامية عدا أن تستنير اللجان التي تكلف بدراسة موضوع ما.. بآراء الشريحة المعنية ويكون ذلك في طور الدراسة ولا يكون ذلك في المجلس أو البرلمان أو مجلس الشعب في المرحلة الأخيرة..!
وعدا أيضا الوزراء والمسؤولين الذين يناقشون في تقارير أعمالهم النهائية السنوية..
** ومن الطبيعي أننا لم نتوقع أن نتحدث أو نتداخل أو نصوت لأن ذلك حق لأعضاء الشورى.. وهو أمر مطمئن فالناس ونحن منهم لا نقبل أن يدلي بالأمور وهي في مراحلها الأخيرة من هو خارج المجلس.. وغير موثوق بمرجعياته وخبراته..
** غير أننا كنا نتمنى لو أشعرتنا إدارة العلاقات والإعلام بالمجلس بأننا موجودات.. كان بإمكانها أن تقدم ورقة معبأة بقليل من الأسئلة عن الانطباعات والمشاعر والآراء حيال سير الجلسة أو الموضوع المطروح.. وكنت أتمنى أيضاً لو يكون ذلك تقليداً مسبقاً مع كل المدعوين للإطلاع على سير الجلسات، وقياس الرأي العام من خلال نتائجها.. وكنت أتمنى لو تم توضيح الهدف من زيارة مجلس الشورى.. وأنها للاطلاع فقط..
كما أتمنى دائماً من كافة الجهات أن يتم اختيار المدعوين لها على أسس منهجية تتعلق بالاهتمام بالموضوع.. والقدرة على استيعاب الهدف من الدعوة.. وكذلك المرجعية الثقافية حتى لا تضيع الجهود هباءً.. وحتى أيضا لا نفوت الفرصة على أسماء جيدة تغيب ومن المتوقع أن يكون الناتج من حضورها أكبر بكثير من أسماء تحضر فقط.. دون أن يكون لها العمق والوعي الذي يساندها أو يساند الجهة التي تعول عليها بالكثير!!
** بعد جلسة الشورى..
وبعد أن انسحبت الكثيرات في الثانية ظهراً.. هرعن إلى مدارس أطفالهن وإلى بيوتهن..
تسرب لدي اطمئنان جميل على أن المرأة السعودية.. وحين تذكر وجوه أطفالها.. تذكر الوطن.. تذكر الآتي الجميل فتترك كل شيء وأي شيء.. حتى لو كان ذلك الشيء.. هو قبة الشورى العظيمة!!
فاكس 4530922
|