لم تكن قاعة الدرس في مؤسسات التعليم على تعدُّدية أدوارها، وتفاوت مستوياتها، واختلاف درجاتها لمجرد نقل الخبرات المعرفية بالأساليب والطرائق المختلفة..
ولم يتحقق فيها كما تنص كتب المناهج، ويتفوَّه المختصون، وينابرون عمَّا «يجب» أن يُحقق من أهداف التربية مع التعليم، والتأسيس التّضافري بين المعلومة والسلوك ذلك لأنَّ «المحصَّلات» الأخيرة خير ثابت وشاهد ودليل على أنَّ ما يُحقق من الأهداف التي تخص بناء الذات بما فيها من الأخلاق والقيَم يتدنَّى كثيراً بل يتخلَّف كثيراً عمَّا يتحقق من أهداف بناءِ الخبرات المعرفية التي تتضمَّنها «محتويات» المناهج مع أنَّ في تحقيق الأخير للحدود الأعلى من الطموح ليست كما ينبغي.
ولأنَّ قاعة الدرس في المؤسسات التعليمية ليست لمجرد نقل الخبرات المعرفية بل هي أيضاً وـ من الأساس ـ لبناء الذَّات البشرية في شخوص الدارسين بناءً كاملاً يوجَّه إلى الأخلاق والقيَم والسلوك وفق معايير الأمثل فيها..
فإنَّ اختيار من يقف لهذه الأدوار ممَّن يتصدَّون للتعليم والتربية من الأهمية بمكان.
تراود هذه الفكرة الخاطر قبل الذهن بشكل يستمر مع استمرارية التَّعرض للمواقف اليومية داخل قاعات الدرس في مراحل التعليم المختلفة كلَّما كان محصَّلة اليوم هي حقيقة حاجة الدارسين إلى من يتبنَّى تربيتهم وتوجيههم إلى جانب تعليمهم... فهم خامات قابلة للتَّعديل، وللنَّقش، وللتَّوجيه وللتَّثبيت، ولبسط قواعد أساس متينة.
فمن خلال سكب الماء يمكن غسل الغبار، وإزالة الرواسب، فالماء الذي يُدْلق بسرعة قد يأخذ معه شيئاً ممَّا يعلق فوق السطوح، بينما عندما توجَّه قوَّة السكب إلى بواطن المواقع تُطهّر وتنجلي، وكلُّ معلم مسؤول عن جلي ما في تلامذته من الخبرات السالبة ليس فقط في المعلومات بل في كلِّ مكوّنات شخصياتهم بما فيها أخلاقهم وسلوكهم وأسلوب تفكيرهم وطريقة تعبيرهم وقاموسهم اللَّفظي.
|