|
ما أن يقبل شهر رمضان حتى تبدأ في المجتمع حالة استنفار قصوى أقرب ما تكون الى الحمى! ليتردد السؤال المعتاد:«شريتوا مقاضي رمضان»؟؟! تشارك في هذا الاستنفار الاعلانات في الصحف، والمنشورات التي نجدها تحت أبواب منازلنا لأنواع محددة من المأكولات والمشروبات المتوفرة أصلاً في المنازل والأسواق والبقالات طيلة العام، والفارق الوحيد هو ارتفاع أسعارها وإقبال الناس عليها، وأصبحت مرتبطة بالعادات الرمضانية أكثر من الحاجة الفعلية لها! كالمعكرونة والشعيرية والشوربة والكريمة و«لقمة المتهم» التي لا تغيب عن موائدنا أبداً، والسمبوسة تشكل منها المعجنات والحلويات على مدار العام إلا إنه «يستعز سوقها» في شهر رمضان الذي سمي كريماً لأن الكرام لا يثقلون على مضيفيهم! إلا أننا بإدراك منا أو بعدمه، قلبنا المفهوم حتى لقد تحولت دلالة هذا الشهر الى عرض للمنتجات، ومهرجان للتخفيضات في الأسعار وبرامج للتقسيط، في غياب كامل للوعي الاستهلاكي الذي نطالب به دون أن نسعى لتطبيقه!! أما القنوات الفضائية فتتسابق على اختصاص هذا الشهر بالمسلسلات والبرامج التي تصرف الناس و«الشباب بالذات» عن العبادة وحشد المسابقات التلفزيونية التي تتصف بالطابع الديني والمتاجرة بالقرآن الكريم والسنة النبوية لأغراض تجارية ودعائية! كما ارتبط مفهومه لدى شريحة كبيرة من الناس بالتسوق والشراء والتنوع في الأكل والشرب والزيارات والسهر في انقلاب جذري لمدلول رمضان كشهر عبادة، وتهذيب للنفوس، وفرصة للبذل والعطاء، وهنيئاً لمن كانت مكاسبه الدينية تفوق مكاسبه الدنيوية. فالفرائض الاسلامية ليست واجبات دينية يؤديها المسلم وتعبر دون أن يأخذ منها المغزى الحقيقي والدرس التربوي ويستشعر الجانب التوجيهي فيها، وليس من ظاهرها فقط! فالصيام عن الأكل والشرب فيه تعويد على الصبر والإيمان والتقوى والورع، وليس القصد منه تعذيب النفس أو إيذاءها بحرمانها من الطعام. وكذلك فيه تدريب على الالتزام بالأوقات والمواعيد والتواصل والشعور بحاجة الآخرين مع الرفق واللين عند التعامل. وهي دروس تحتاج لتأمل طوال العام بعد أن عايشها المسلم شهراً كاملا وتربى على الهدي الاسلامي بطواعية ليكون باستطاعته تطبيقها دون عناء في جميع مراحل عمره. ص.ب 260564 الرياض 11342
|
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |