لقاء- عبدالواحد القاضي:
شدد عضو مجلس الشورى واستاذ الإعلام الدكتور عبدالرحمن العناد على أن حرية التعبير عن الرأي وحرية وسائل الإعلام هي الوقود الذي يغذي المجالس والبرلمانات مؤكداً بأن ليس من الضروري بأن نظام الانتخاب سيجلب الاكفاء والمتميزين لها.
العناد تناول لقاؤنا معه عدداً من الجوانب التي تهم عمله كعضو في المجلس وكذلك ما يتعلق بالجانب الاعلامي واليكم ابرز تلك الجوانب:
مجلس الشورى مظلوم إعلامياً بدرجة كبيرة
* يقال إن وسائل الإعلام والحرية الموجودة في الرأي قلصت من دور مجالس الشورى والبرلمانات في العالم، ما رأيك؟
- على العكس من ذلك، فأنا أعتقد أن حرية وسائل الإعلام وحرية التعبير عن الرأي هي في الواقع الوقود الذي يغذي المجالس والبرلمانات، وهي التي تتيح فرص محاسبة هذه المجالس وتقويمها وإطلاعها على ما يهم الناس وما يفكرون به وما يتوقعونه، والحرية الإعلامية هي التي تجعل من الإعلام سلطة رابعة تكمل سلطات الدولة فبدون توفر هذه الحرية لا يمكن أن تقوم الوسائل بالدور المطلوب منها وتصبح في حال عدم توفر الحرية الكافية لها مصدراً خطراً مضللاً للمعرفة عن هموم الناس والمجتمع، ولذا لا تستفيد من طروحاتها السلطات الاخرى ولا يستفيد من طروحاتها السلطات الاخرى ولا يستفيد منها المجتمع، وأكثر من ذلك فغياب الحرية يعني غياب الحقيقة وغياب الرأي الحقيقي لكل من الصحفي والمثقف والمواطن وهذا يؤدي بدوره الى تضليل السلطات وتضليل المسؤولين وبالتالي فلا يخدم المجتمع بالشكل الصحيح، ولا تستطيع مجالس الشورى والبرلمانات ان تقوم بدورها بشكل سليم ما لم تتمتع وسائل الإعلام بقدر كافٍ من الحرية يتيح للأعضاء التعرف على الحقيقة كما هي عن هموم المجتمع ومشكلاته وآراء الناس في القضايا المطروحة.
* هل اختيار عضو مجلس الشورى بالانتخابات بالضرورة توصل الكفء والمتميز إلى مجالس الشورى والبرلمانات؟
- ليس بالضرورة، ولكن هذا لا يعني ان مبدأ الانتخاب سيوصل بالضرورة غير الاكفاء والمتميزين، فكلا الاسلوبين، الانتخاب والتعيين، لهما من العيوب بقدر مما لهما من المحاسن والايجابيات، وفي تقديري الشخصي ان الجمع بين الاسلوبين هو الاسلم فقد يسمح لنا الجمع الاستفادة من ايجابيات كل منهما ويخفف من سلبياتهما إلى النصف على الاقل، لكن علينا ان نأخذ بالاعتبار الاهداف المبتغاة، فإن كان الهدف الاساس والاهم هو ترشيد القرار الحكومي واشراك الرأي الخبير والمتخصص في صناعة القرار فالتعيين يكون هو الاسلوب الامثل، اما اذا كان الهدف الاساس والاهم هو اشراك الناس او الجمهور بالقرار فالانتخاب اقرب لتحقيق المطلوب، ومع ذلك فالخطوط الفاصلة ليست حتمية، اي ان التعيين يوصل أيضاً رأي الجمهور ويشركه بالقرار بطريق غير مباشر، خاصة عندما يأخذ ولي الامر بالحسبان التمثيل المناطقي والقبلي للأعضاء، كما ان الانتخاب يوصل في كثير من الاحيان اصحاب الخبرة والمتميزين للمجالس، وكما ذكرت فلكل اسلوب مميزاته وعيوبه، ولهذا فمن الخطأ ان نجزم بأن أحد الاسلوبين افضل من الاخر.
* هل هناك خطوط حمراء لعضو مجلس الشورى في المناقشة لا يتعداها؟
- اذا استثنينا قواعد ادبيات الحوار وقواعد تنظيم طلب الحديث التي أعدها واحدة من اهم مميزات مجلس الشورى في المملكة، فالخط الاحمر الوحيد الموجود الذي يستشعره الجميع ويلاحظونه ويشتركون في احترامه هو «مصلحة الوطن»، وما عدا ذلك فإنني أوكد لك بأنه لا توجد أي خطوط لا حمراء ولاصفراء ولا حتى بيضاء، لا خطوط حقيقية ولا خطوط وهمية، والمناقشات والآراء تطرح بالمجلس بكل صراحة وبحرية لا حد لها الا مصلحة هذا البلد، ولهذا السبب تختلف الاراء وتتناحر وتتناقض لكنها في نهاية المطاف تتفق على رأي ترجحه غالبية الاعضاء بالتصويت، ورأي الاغلبية يسود ويقبل من الجميع على الرغم من اختلاف نسبة من الاعضاء معه، فكثير من القرارات لا تحصل على اجماع بل انني لا اذكر خلال العامين الماضيين ان قراراً واحداً قد خرج باجماع الاعضاء، وكثير من القرارات والتوصيات تمر بأغلبية نظامية بسيطة وليست اغلبية مطلقة، وهذا الاجراء هو الصحيح فللعضو ان يقول ما يشاء ويقترح ما يراه لكن ما تراه الاغلبية هو ما يؤمل ان يحقق المصلحة العليا في المجتمع، وهو القرار الذي يخرج في النهاية من المجلس.
ليس أهم العوامل، وعليه لا نستطيع القول ان الدول التي أتاحت الانتخاب لم تتطور أو عكس ذلك فنقول ان الدول التي لم تتح الانتخاب تطورت.. المسألة معقدة وذات ابعاد كثيرة والانتخاب أو عدمه ليس وحده السبب في تطور الدول أو تأخرها، ناهيك عن الدخول في جدلية لا تنتهي حول معايير التطور التي حتماً سنختلف حولها، فما هي المعايير التي تستخدمها لتقول ان هذه الدولة تطورت وتلك لم تتطور؟ إذا اتقفنا حول ماهية هذه المعايير ربما نستطيع ان نربط بين الظواهر لكن الربط لا يعني التفسير، وهو كنهج علمي لا يعني السببية حتماً، ولهذا حذرت من الربط، مجرد الربط.
* هل تناقشون في مجلس الشورى قضايا حساسة في المجتمع؟
- بطرحك هذا السؤال تذكرني بنفسي قبل انضمامي للمجلس، لأنني لم أكن أتصور في السابق ان المجلس يناقش قضايا مهمة وحساسة، لكن المشاركة فيه نقضت هذا الاعتقاد أو التصور الخاطئ، فالمجلس يناقش جميع القضايا التي يمكن ان تخطر ببالك، وبقدر كبير من الصراحة والوضوح والاختلاف والاتفاق دون اية تحفظات أو قيود، ولا ألوم أحداً لطرحه مثل هذا السؤال، فأنا أعتقد ان المجلس مظلوم إعلامياً بدرجة كبيرة، وأرى أن من المهم تصحيح هذا المفهوم الخاطئ الذي روجه في البداية إعلاميون من خارج المملكة، وهم مازالوا يطعنون بالمملكة شعباً وحكومة ومؤسسات، لكن مسألة مجلس الشورى والتصور الخاطئ عنه انتقلت لوسائلنا الإعلامية الوطنية التي سمعت بالإشاعة فصدقتها، وكثير ممن كتبوا عن هذا الموضوع لم يكلفوا أنفسهم عناء حضور جلسة من جلسات المجلس للتعرف على الموضوعات التي يناقشها المجلس وآليات العمل والنقاش والتصويت المتبعة فيه، ولهذا فإنني أهيب بكل من لديه مثل هذا التساؤل أن يحضر عدداً من الجلسات قبل ان يسأل أو يكتب، وقد أتيح هذا الامر للصحافة وللمواطنين وللمسؤولين، وكل ما يلزم هو التنسيق مع العلاقات العامة بالمجلس لتسهيل عملية الدخول وحضور الجلسات، ألا يهمك أن تعرف إجابة من واقع الخبرة؟ إذا احضر بعض الجلسات.
* إلحاق الثقافة بالإعلام ما مغزاه من وجهة نظركم وهل الإعلام والثقافة في المستقبل بحاجة إلى وزارة؟
- أعتقد أن المغزى من إلحاق الثقافة بالإعلام هو تحرير قطاع الإعلام من الإشراف الحكومي وتقليص دور وزارة الثقافة والإعلام في الجانب الإعلامي، والدليل على ذلك أن قرار الإلحاق تزامن مع قرار إلغاء المجلس الأعلى للإعلام وقرار تحويل كل من الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسسات عامة.ولا أبيح سراً إن قلت إن التوجه لتأسيس قطاعات الإعلام قد نبع من مجلس الشورى، والهدف منه الحد من القيود الإدارية والمالية التي يعاني منها هذا القطاع ولا تتناسب مع متطلبات العملية الإعلامية الناجحة، وإذا تم التأسيس بالشكل المتوخى فإن وزارة الثقافة والإعلام تكون قد تقلصت بشكل كبير الأمر الذي يبرر إلحاق قطاع الثقافة بها لأن صناعة الثقافة ستكون عملها الرئيس، والثقافة تستحق أكثر من ذلك فقد عانت في الماضي من التهميش والإهمال بسبب توزع مسؤولياتها وتشتت جهود الأجهزة التي كانت ملحقة بها.
|